أسباب الوقوع في الكذب وشيوعه بين الناس.. الدكتور علي جمعة يوضح
ADVERTISEMENT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن الله تبارك وتعالى أمرنا في كتابه الكريم بالصدق؛ فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ومدح الصادقين، ووعدهم بالخير في الدنيا والآخرة، وقال في محكم كتابه عن جزائهم: (قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
الصدق نجاة وقوة
وأوضح مفتي الجمهورية السابق، أن الصدق نجاة وقوة، لأن الصادق لا يخشى من الإفصاح عما حدث بالفعل؛ لأنه متوكل على الله، والكذاب يخشى الناس، ويخشى نقص صورته أمام الناس، فهو بعيد عن الله، وقد قيل في منثور الحكم: «الكذاب لص؛ لأن اللص يسرق مالك، والكذاب يسرق عقلك»، وقد قيل أيضاً: «لا سيف كالحق، ولا عون كالصدق».
وإنما يكذب الكذاب لاجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى أن الكذب أسلم وأغنم فيرخص لنفسه فيه اغتراراً بالخدع، واستشفافا للطمع، وربما كان الكذب أبعد لما يؤمل وأقرب لما يخاف؛ لأن القبيح لا يكون حسنا والشر لا يصير خيرا. وليس يُجْنَى من الشوك العنب ولا من الكَرْم الحنظل.
أسباب الوقوع في الكذب
وأكد عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، أن من أسباب الوقوع في الكذب وشيوعه أن يتكلم المرء بكل ما سمع، وقد سماه النبي ﷺ كذبا، حيث قال: «كفى بالمرء كذباً أن يُحدّث بكل ما سمع» [مسلم]. فنجد أقواما في عصرنا هذا يفترون على الناس، ويكذبون عليهم، وإذ بهؤلاء يشتدون في الكذب، حتى يحولوا كل ما يتخيلون -دون أي سماع لأي خبر موثق- إلى وهم يعيشون فيه يظنونه الحقيقة، فصدق عليهم كلام رسول الله ﷺ حيث يقول: «ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» [البخاري].
الكذب فيه اعتراض على الله تعالى
وأشار رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إلى أن الكذب فيه اعتراض على الله تعالى، فالكذاب يخالف الواقع بكلامه لعدم رضاه به، وهو يتمنى تلك الصورة التي يحكيها مخالفة له، وهذه نقطة مهمة، ولذا فمن رضي بالله وأمره وقَدَره لا تراه يكذب، لأنه لا يسخط على الواقع بل يحكيه كما هو، ويرضى بفعل الله في كونه، ويعلم أنه الملك الحق المبين فيرضى به حاكما، ويعترف بنفسه محكوما في هذا الكون.
إذن فالصدق منجاة ولو ظن الإنسان أن فيه هلاكه، والصدق بركة ولو ظن أن فيه خسارته، والصدق قوة ولو ظن أن فيه ضعفه، وهو ينشئ المسلم القادر على بناء الحضارة، والقادر على تعمير الكون، والقادر على عبادة ربه حق عبادته.