الشيخ محمود أبو هاشم.. الولي الصالح والعالم المتفانِ في خدمة الناس
ADVERTISEMENT
ولىٌ صالح، وعالمٌ عامل، سليل بيت النبوة، وأستاذ مشايخ الأزهر ومربي أرواحهم، وواحد من أولئك الذين قال فيهم الإمام الشافعي رضى الله عنه:
إن لله عبادًا فطنا.. تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا.. أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا.. صالح الأعمال فيها سفنا
إنه الشيخ محمود أحمد السيد محمد هاشم، المولود في 31 يوليو 1920 م، على أرض قرية بني عامر التابعة لمركز الزقايق بمحافظة الشرقية.
الشيخ محمود أبو هاشم
نشأ الشيخ محمود أبو هاشم، فى بيت ورع وزهد وصلاح، ينتهي نسبهم إلى الإمام الحسن بن الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء ابنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
كان والده الشيخ أحمد السيد محمد هاشم، عالمًا من علماء الأزهر الشريف، وقاضيًا فى المحاكم الشرعية، وتتلمذ على يديه الكثير من شيوخ وعلماء الأزهر، أبرزهم إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، والدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، الذى أخذ عنه صلاة تفريج الكروب، وهصيغتها: «اللهم صل على سيدنا محمد الحبيب الشفيع الرءوف الرحيم الذى أخبر عن ربه الكريم أن لله تعالى فى كل نفس مائة ألف فرج قريب وعلى آله وصحبه وسلم».
أنجب الشيخ أحمد أبو هاشم، 5 أبناء، 4 ذكور وبنت، وكعادة العلماء والصالحين؛ فقد حرص الشيخ أحمد أبو هاشم على إلحاق أبنائه بكتاب قرية بني عامر، فحفظوا القرآن وهم في سن صغيرة بسند متصل من الشيخ عبد الرسول، شيخ كُتاب القرية آنذاك، بينما حفظ الشيخ محمود أبو هاشم القرآن بسند متصل من الشيخ أبو حميد، شيخ كُتاب كتاب أبو حميد بقرية (رزنه)، وتعلم على يديه مبادئ القراءة والكتابة والحساب.
إجازة في تخصص التدريس
التحق الشيخ محمود أبو هاشم، بمعهد الزقازيق الديني، وحصل علي الابتدائية، ثم الثانوية الأزهرية عام 1943 م، وآثر الالتحاق بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وتخرج منها عام 1948 م.
لم يكتفي الشيخ محمود أبو هاشم، بالحصول على بكالوريوس كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر (شهادة العالمية) مثل كثير من أبناء جيله؛ بل واصل دراسته حتى نجح في الحصول على درجة الماجستير ثم الإجازة في تخصص التدريس، وشرع في تحضير رسالة الدكتوراه لكنه لم يُكملها.
عين فور تخرجه من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عام 1948 م، مدرسًا بمعهد منوف الديني، وظل يُدرس به عشر سنوات كاملة، ثم انتقل عام 1958 م للتدريس بمعهد الزقازيق الديني، قبل أن يصدر قرارًا بتعينه شيخًا لمعهد الحسينية الديني، ثم شيخا لمعهد بلبيس الديني، وشيخًا لمعهد الزقازيق الديني.
الولي ابن الأولياء
نشأ الشيخ محمود أبو هاشم، في بيت صلاح وورع وتقوى، فورث من آبائه وأجداده صفات حسنوات كُثر، ثم اجتهد في طريق السير والسلوك إلى حضرة ملك الملوك؛ متخليًا عن الصفات الذميمة، ومتحليًا بالصفات الحميدة، حتى تصدر لمرحلة الإرشاد وصار شيخًا لـ الطريقة الهاشمية الخلوتية الأحمدية.
عُرف الشيخ محمود أبو هاشم، بـ «الولي ابن الأولياء»، وكان حين يذهب إلى مقر مشيخة الأزهر الشريف يستقبله الدكتور عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، استقبالا حافلا قائلًا له: «مرحبا بشيخنا، وابن شيخنا، وابن مشايخنا».
اشتهر الشيخ محمود أبو هاشم، بجانب علمه وورعه وصلاحه، بتفانيه في خدمة الناس؛ فقد ترجم كل ما تعلمه في الأزهر الشريف من علوم الشريعة، وما تعلمه على أيدي آبائه من علوم الحقيقة، إلى عمل يخدم به الناس الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم.
الشغف بالقراءة وقرض الشعر
كان الشيخ محمود أبو هاشم، شغوفًا بالقراءة، وقارضًا بارعًا للشعر، وله عدة دواوين شعرية، أبرزها: ديوان دينيات، وديوان الهاشميات، إضافة إلى: ديوان (متن الصباح) فى البلاغة، وهو الديوان الذي تففن فيه الشيخ؛ إذ نظم علم البلاغة والبيان شعرًا، وكان هذا الديوان علي غرار ألفية ابن مالك فى النحو.
وبجانب قرض الشعر؛ أثرى الشيخ محمود أبو هاشم، المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات، والتي منها: (في رحاب النبي)، و(الإسراء والمعراج)، و(الإمام الشعراني في رحاب النبي)، إضافة إلى مئات المقالات الهامة فى مختلف الإصدارات الدينية بمصر والعالمين العربي والإسلامي.
وفاة الشيخ محمود أبو هاشم
وبعد حياة حافلة بالعلم، وتربية المريدين الصادقين، وخدمة الفقراء والمساكين والناس أجمعين، أسلم الشيخ محمود أبو هاشم، الروح إلى بارئها في الثامن من أبريل عام 1984 ميلاديا، وخرج في تشييع جثمانه عشرات الألوف في مشهد مهيب لم يُرى مثله حينذاك،
ودفن الشيخ محمود أبو هاشم، بجوار والده الشيخ أحمد أبو هاشم، وأجداده داخل مقر الطريقة الهاشمية بقرية بني عامر التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية.
من أشعار الشيخ محمود أبو هاشم:
إنى طـلـبـت الشعــر أن يتعـطــف.. فـأجــــابنى هـــيهـات أن أتوقـف
إنى سـأنـظـمها عـرائـس ترتـدى.. ثــوبـا من الـنـور البهى مهفهفـا
وبكـفـهـا كأس الهـنـاء ومن رأى.. تلك الـكـؤوس يـسـره أن يرشـف
خطرت فكان الصوت صوت بــلابل.. والـقـد منها كـان قـدا أهـيـفــا
والعطر يزكو من ثـنـايا عـطـفـهـا.. والبشـر قـد عـم الجميع وقـد طـفا
يتساءلـون فـتـنحـنى وتجـيـبـهــم.. الـيـوم مـيـلاد الـنـبـى الـمـصطـفى
الـيـوم مـيـلاد الـسـعــادة والهـدى.. اليـوم مـيـلاد الـمـحــبـة والـوفـــا
الـيـوم ميـلاد الـذى قــد جــاءنــا.. وعـليه طـيـر الخـير حام ورفـرف
من جــاء يهديــنـا لسـبـل هـنائـنـا.. يدعـو الجـميع إلى الهدى متلطـفا
متـبســمـا ومـسـلـمـا ومـقــدمــــا.. بـيـمـيـنه أرقى الهـدايا مـصحـفـا
عـرف الجـمـيـع به قـداسـة ربـهـم.. لـولا الـنـبـى مـحـمـد لـم تـعــرفـا
لــولاه ظــل الـنـاس هـلـكى كـلهـم.. يتخـبطــون يـحـول بينهـم الجـفـا
ولـد الـنـبـى الهـاشـمـى فأقـشـعـت.. ظـلـمـاتـنا والجهـل ولى واخـتـفى
وزها بـه نـور الـسـعــادة والهـدى.. لـولاه غـاب النـور عـنا وانـطـفـا
عـذرا رسـول الله أن قـصــرت فى.. وصـف فـإن جـمالـكـم لن يوصف
جـاءت قــديــمـا ذرة مـن نـوركــم.. قـد جـمـل الـرحـمـن مـنها يوسفا
والله لـو جــد الـعــبــاقــر كـلـهــم.. فى وصـف أفـضـال لـه لـن تعـرفا
والله لـو مــاء الـبـحـار بجـمـعـهـا.. كان المـداد لـوصـف أحمد ما كفى
والله لو قـلـم الزمـان من الـبـدايـة.. لـلـنهـاية ظـل يكـتـب ما اكـتـفـى
والله لو قـبـر الـرســول تـفـجــرت.. أ نــواره لـلـبــدر ولــى واخـتـفـى
تـكـفـيـه لـقـيـا فى السماوات العلا.. وبحـضـرة الــرب الجـليـل تشرف
يـكـفـيـه أن الـبـدر يـخـسـف نـوره.. لكــن نــور محـمـد لـن يخـســـف