عاجل
الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

دار الإفتاء عن حكم أكل لحم النعام: «حلال» بإجماع الفقهاء

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

أوضحت دار الإفتاء المصرية، حكم أكل لحم النعام؛ قائلةً: إنه من المقرر شرعًا أن الأصل في الأشياء الإباحة، وذلك مصداقًا لقول الله تعالى: «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» (لقمان: 20)، وقوله عزَّ وجلَّ: «وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ» (الجاثية: 13).

مفهوم قاعدة «الأصل في الأشياء الإباحة»

وأضافت دار الإفتاء، في معرض ردها على سؤال: ما حكم أكل النعام؟ حيث يتجه بعض الناس إلى أكل لحم النعام في هذه الأيام؛ فما حكم ذلك شرعًا؟ أن من يُسر الشريعة الإسلامية وسَعتها: رفع الحرج عن المكلفين، ولأجل ذلك نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الصحابةَ أن يسألوا عما سكت عنه من أحكام؛ حتى لا يكون سؤالهم مدعاةً للتحريم والتضييق عليهم وعلى غيرهم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وتحقيقًا لهذا الأصل النبوي الشريف؛ فقد فَهِم الصحابةُ رضوان الله عليهم أنَّ المسكوت عنه بعد ورود النَصِّ المحرِّم؛ داخلٌ في دائرة الحِلِّ؛ ودليل ذلك: أن ابن عباسٍ رضي الله عنهما تَلَا قول الله تعالى: «قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا» (الأنعام: 145)، ثم قال: «ما خلا هذا فهو حلالٌ» (أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره).

وأوضحت دار الإفتاء، أنه تأسيسًا على هذا الإرشاد النبوي الشريف، والمنهج الشرعي الحنيف: استنبط الفقهاءُ القاعدةَ الكليةَ أنَّ «الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم»؛ كما في كتاب (الأشباه والنظائر) للإمام السيوطي.

حكم أكل لحم النعام

وأشارت دار الإفتاء، إلى أنه يجوز أكل لحم النَّعَامِ، ولا حرج شرعًا في حلِّ تناوله؛ وذلك لأن النَّعام من الطيور التي لم ينص الشرع الشريف على تحريمها، فتبقى على الأصل؛ وهو الإباحة؛ بل إنه قد نص جمهور الفقهاء على مشروعية أكلها.

أقوال الفقهاء في حكم أكل لحم النعام

قال الإمام السرخسي الحنفي في (المبسوط): «وذكر عن رجل قال: كانت لبعض أهل الحي نعامة فضربها إنسان فوقذها فألقاها على كناسة وهي حية فسألنا سعيد بن جبير فقال: ذكوها وكلوها، وبه نقول، فإن الموقوذة إذا أدرك ذكاتها جاز تناولها لقوله تعالى: ﴿إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: 3] ولحصول ما هو المقصود، وهو تسييل الدم النجس، ومنه دليل إباحة تناول النعامة».

وقال الإمام العمراني في (البيان): «مسألة: (جواز أكل النعامة وغيرها من الطيور وحرمة ما له مخلب): ويحل أكل النعامة؛ لأن الصحابة رضي اللَّه عنهم قضوا فيها ببدنةٍ إذا قتلها المحرم، فدل على أنها صيد». وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في (الكافي): «ويباح البقر والظباء والنعام..؛ لأنها مستطابة، قضت الصحابة فيها بالجزاء على الـمُحْرِم».

الاستدلال على حلّ أكل لحم النعام

وأكدت دار اففتاء، أن مما يدل على مشروعية أكل لحم النعام أنَّه قد نص العلماء على أن النعام من صيد الحرم، الذي وضع الشرع الشريف له جزاءً عند التعدي عليه.

قال برهان الدين ابن مازه الحنفي في (المحيط البرهاني): «وأما ما يؤكل من صيود البر يجب في جزائه قيمتها بالغة ما بلغت، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، ويستوي أن يكون المقتول صيدًا له مثل من النعم خلقة أو لا مثل له من النعم خلقة»

وقال محمد والشافعي: «ما له مثل من النعم خلقة وصورة يجب في جزائه المثل خلقة، فيجب في النعامة بدنة». وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "(لكافي في فقه أهل المدينة): «ما قتل المحرم من الصيد فعليه جزاؤه، وما يجزي من الصيد شيئان: دواب وطير؛ فيجزي ما كان من الدواب بنظيره من الغنم، ففي النعامة بدنة». وقال الإمام الشافعي في (الأم): «فإذا أصاب المُحرمُ نعامةً ففيها بدنةٌ».

الدليل من الإجماع على مشروعية أكل لحم النعام

وأوضحت دار الإفتاء، أنه نقل الإجماع على حل أكل النعام غير واحد من العلماء: قال الإمام الدميري الشافعي في (النجم الوهاج) في كتاب الأطعمة: «وتحل نعامة بالإجماع؛ ولأن الصحابة قضوا فيها إذا قتلها المحرم ببدنة».

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في (المغني): «ويباح النعام، وقد قضى الصحابة رضي الله عنهم في النعامة ببدنة. وهذا كله مجمع عليه، لا نعلم فيه خلافًا».

وأكدت دار الإفتاء، أنه لا يؤثر في الحكم بإباحة أكل النَّعَام أنَّه قد يأكل روثه بعد جفافه؛ فإن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية في وجه والحنابلة على طهارة روث ما يؤكل لحمه، ووافقهم الإمام زفر من الحنفية.

واختتمت دار الإفتاء: «الخلاصة، وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّه يجوز أكل لحم النَّعَامِ، ولا حرج شرعًا في حلِّ تناوله».

تابع موقع تحيا مصر علي