دار الإفتاء: إطالة شعر الرأس للرجال «حرام» في هذه الحالة
ADVERTISEMENT
ما حكم إطالة الرجال شعر الرأس؟ وهل الشرع الإسلامي يُبيح هذا أم أن إطالة الشعر من الأفعال المنهي عنها شرعًا بالنسبة للرجال؟ مسألة تشغل الكثيرين أجابت عنها دار الإفتاء المصرية.
حكم إطالة الرجال شعر الرأس
وقالت دار الإفتاء، في معرض حديثها عن حكم إطالة الرجال شعر الرأس: إن اتخاذ الشعر وإطالته في أصله فعلٌ مباحٌ بالنسبة للرجال؛ لأنه من العادات والأمور الجِبلِّية، وقد روى أبو داود في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ شَعرٌ فَلْيُكْرِمْهُ»، وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال: «كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْكِبَيْهِ» رواه البخاري.
لكن مع هذا، فقد تتغير الأعراف والأحوال الملابسة لهذا الفعل؛ فيخرج حكمه عن أصل الإباحة إلى الكراهة أو التحريم، كما لو أصبح في زمان معين أو مكان معين علامة دالة على الفسق أو التخنث أو الشذوذ، بل إن الشيء إذا كان مستحبًّا في نفسه ثم صار شعارًا لأهل المعاصي علامة عليهم، صار التلبس به ممنوعًا.
ولهذا قال العلماء بأنه إذا اختص أهل الفسق بلباس معين، مُنِعَ لبسه لغيرهم؛ وذلك لِما جاء في الحديث الشريف عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» رواه أبو داود.
وأيضًا لأن في التشبه بأهل الفسق تعريض النفس للتهمة وظن السوء؛ قال الشيخ علي القاري في كتاب (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - 7/ 2782): «أي من شبه نفسه بالكفار مثلًا في اللباس وغيره، أو بالفساق أو الفجار أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار، فهو منهم: أي في الإثم والخير».
حكم إطالة الشعر للرجل إذا صار فيها تشبهًا بالسفهاء
وأوضحت دار الإفتاء، في ردها عن سؤال: حكم إطالة الرجال شعر الرأس؟، أنه فيما يتعلق بمسألة إطالة الشعر للرجل إذا صار فيها تشبهًا بالسفهاء، يقول الحافظ الفقيه ابن عبد البر في كتاب (التمهيد - 6/ 80-81): «صار أهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم إلا الجند عندنا لهم الجمم والوفرات، وأضرب عنها أهل الصلاح والستر والعلم حتى صار ذلك علامة من علاماتهم، وصارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُو مِنْهُم -أَو: حُشِرَ مَعَهُمْ-؛ فقيل: من تشبه بهم في أفعالهم، وقيل من تشبه بهم في هيئاتهم، وحسبك بهذا، فهو مجمل في الاقتداء بهدى من الصالحين على أي حال كانوا، والشعر والحلق لا يغنيان يوم القيامة شيئًا، وإنما المجازاة على النيات والأعمال، فرب محلوق خير من ذي شعر، ورب ذي شعر رجلًا صالحًا، وقد كان التختم في اليمين مباحًا حسنًا؛ لأنه قد تختم به جماعة من السلف في اليمين كما تختم منهم جماعة في الشمال، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الوجهان جميعًا، فلما غلبت الروافض على التختم في اليمين ولم يخلطوا به غيره كرهه العلماء منابذة لهم، وكراهية للتشبه بهم لا أنه حرام، ولا أنه مكروه وبالله التوفيق».
وأكدت دار الإفتاء، أن مذهب الحنابلة أنَّ اتخاذ الشعر سنَّة، وأنه لا بأس بأن يجعله الرجل ذؤابة (ضفيرة)، ومع هذا ذكر العلامة ابن مفلح بأنه ينبغي تقييد الحكم بألا يترتب عليه شهرة، أو نقص مروءة، أو إزراء بمن فعله مخالفًا لعرف المجتمع الذي يعيش فيه، قال في كتاب (الآداب الشرعية - 3/ 329): «فصل: فيما يسن من اتخاذ الشعر وتسريحه وفرقه ومن إعفاء اللحية: يُسنُّ أن يغسل شعره ويسرحه ويفرقه ويجعله الرجل إلى منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، أو شحمتيهما ولا بأس أن يجعله ذؤابة، وينبغي أن يقال: إن لم يخرج إلى شهرة، أو نقص مروءة، أو إزراء بصاحبه ونحو ذلك كما قالوا: في اللباس».
أمور الهيئة والثياب تخضع للأعراف والتقاليد
واختتمت دار الإفتاء، أن حكم إطالة الرجال شعر الرأس يُعد من أمور الهيئة والثياب التي تخضع للأعراف والتقاليد، وتحكمها قواعد عامة: كوجوب ستر العورات، وتحريم التشبه بأهل الفسق والفجور، وتحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال، وتحريم التكبر والخيلاء والإسراف، فمتى روعيت الأعراف والقواعد العامة جاز للرجل إطالة شعره وإلا لزم مراعاة العرف.