فاطمة ناعوت: مسلسل جعفر العمدة انتصر لـ المرأة.. ومحمد رمضان ممثل تقيل
ADVERTISEMENT
قالت الكاتبة فاطمة ناعوت: إن مسلسل جعفر العمدة، شيّد بناءً دراميًّا متسامحًا مع فكرة «تعدد الزوجات»، وبالتدريج، وبسبب جمال العمل، ولأن لكل زوجة لونًا ومذاقًا، بدأ الناسُ يتعايشون مع الفكرة، ثم يتقبلونها، وما أن بدأ الناس في الاندماج مع نسيج التعدد، إذا بالمسلسل ينقلبُ على الفكرة ويهدمها في الحلقات الأخيرة، وينتصرُ لحق المرأة ومبدأ: «الزوجة الواحدة»، على نقيض ما فعل مسلسل «عائلة الحاج متولي» ابن عام 2001، الذي انتصر للنهاية السعيدة بالزوجات الأربع.
محمد رمضان ممثلٌ من الوزن الثقيل
وأضافت ناعوت، في منشور كتبته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن الفنان محمد رمضان، يُثبت من جديد أنه ممثلٌ من الوزن الثقيل، في منطقة خاصة؛ فقد نجح خلال هذا العمل في حشد الجماهير، من مختلف الأعمار والطبقات والمستويات الثقافية، حول شخصية «جعفر العمدة»، المعلّم ورجل الأعمال الذي يحمل من لقب العائلة صفاته؛ فكان بمثابة «العمدة» للحارة يقضي بين الناس في النزاعات ويحتكم الناسُ بأمره لرجاحة عقله ومهابته عطفًا على قوته الجسمانية.
وخلال العمل يقدّم «جعفر» تبريرًا لزيجاته الأربع، حتى خِلنا أن العمل يتشابه مع «الحاج متولي»، في تكريس تعدد الزوجات، لكننا في الأخير نكتشف أن المسلسل ينتقد التعدد، وينادي بالزوجة الواحدة.
وتابعت ناعوت: نجح محمد سامي، مؤلف العمل ومخرجه في بناء حالة مجتمعية شديدة الخصوصية في حيّز مكاني منغلق، على اتساعه، في حي السيدة زينب، وساعد الديكور والإضاءة في إضفاء لمسة من الأسطورية وكأنك تُطلُّ من كتاب «ألف ليلة وليلة» على الحارة والبيت الكبير الذي يضم مكتب «المعلم جعفر» في الطابق الأرضي، تعلوه بضعة طوابق في واحد منها شقة الزوجات الأربع، وفي آخر تقع شقة الأم «صفصف»، التي كانت بمثابة الملكة في تلك المملكة، وأدت دورها بمنتهى البراعة وخفّة الظلّ النجمة المدهشة هالة صدقي.
ثم شقة الشقيقة وزوجها، الذراع اليمنى والصديق المخلص للمعلم جعفر، ثم شقة للشقيق الأكبر «سيد العمدة» ضعيف الشخصية والذي هدمته زوجته الطامعة الخؤون، وأما الطابق العلوي فيضم شقة «جعفر»، عميد تلك الإمبراطورية، الذي يضع في إصبعه أربع دبلاتٍ فضية، مصفوفاتٍ في ترتيب تحمل كلٌّ منها اسم زوجة وفق الأقدمية، وفي شقته هذه يستقبل كل ليلة واحدة من زوجاته وفق جدول زمني مكتوب بالطبشور على سبورة في شقة الزوجات، وتنتظر كل زوجة ليلتها بشغف وترقب وفرح.
رحلة البحث عن الابن المفقود
وأوضحت ناعوت، أن سيناريو مسلسل جعفر العمدة رسم للزوجات طعومًا مختلفة ونكهاتٍ خاصة، جعلنا، نحن المشاهدين، نحبّ كلاًّ منهن بطريقة تناسب شخصيتها. الزوجة الأولى: «ثريا / مي كسّاب»، امرأة بسيطة خفيفة الظل رغم حزنها الدفي على ابنهما الأوحد الذي اختُطِف يوم مولده منذ 19 عامًا، وينطلقُ الصراعُ الدرامي حول رحلة البحث عن الابن المفقود، الذي أدى دوره ببراعة الفنان أحمد داش؛ فقدم نموذجًا للشاب العصامي الجاد، وبسبب فقد الابن، يمنع «جعفر» زوجاته من الإنجاب.
الزوجة الثانية: «دلال / إيمان العاصي»، امرأة ذكية تهتم بجمالها وأناقتها وهي الحب الأوحد لجعفر، ولولا تعثر زواجهما مبكرًا، ما لجأ إلى الزواج من الأولى، ولهذا كانت تشعر بأحقيتها منفردة في الزوج، وهو ما دفعها لارتكاب جرائم مخيفة لا تتكشّف إلا في نهاية المسلسل.
وأما الزوجة الثالثة، فهي «نرجس / منّة فضالي»، فاكهة البيت الظريفة بما تصنعه من مكائد وأسحار لاكتساب قلب زوجها، وفي الحلقات الأخيرة سيكون لها السبقُ في إضاءة أول مشعل تنوير حين تنسحب من «ماراثون الزيجات»، وتطلب الانفصال عن زوجها، رغم حبها له، وكذلك تفعل الزوجة الرابعة، «عايدة / زينة»، ابنة الجامعة الأمريكية وحي الزمالك التي تتزوج جعفر لصفقة، ثم ترد له أمواله وتتركه، رغم حبها له.
رسالة مسلسل جعفر العمدة
وأشارت ناعوت، إلى أن تلك هى الرسالة التي يقدمها لنا مسلسل جعفر العمدة؛ فالبسيطة «نرجس»، التي لم تنل حظًّا من التعليم، شعرت بإنسانيتها وقررت الخروج من سباق «الضرائر»، لأنها تستحق ما هو أكرم من أن تكون سطرًا في جدول زمني، تتنافس فيه مع أخريات على ليلة تفوز فيها بفِراش زوجها، وقبل أن تغادر البيت، أمسكت بالباشاورة ومسحت اسمَها من الجدول، لتتنفس نسيم الفردانية والانعتاق والاعتداد بالنفس.
وفعلت الأمرَ نفسَه «عايدة» خريجة الجامعة الأمريكية، فهجرت ذلك السباق، وضحّت بالثروة الهائلة: 40 مليون جنيه، التي أمهرها بها زوجها، وردتها إليه، لكي تستردّ نفسَها، وقبل هاتين الزوجتين اللتين رفضتا أن تكونا رقمين في جدول، كانت أم الزوج، المستنيرة على بساطتها، الرافضة للتعدد، وكان مثالُها زوجها الراحل الذي لم يعدد عليها.
وأكدت فاطمة ناعوت، أن عقدان من الزمان في مشوار التنوير يفصلان بين عملين دراميين ناجحين؛ تسامَح الأولُ مع فكرة تعدد الزوجات: «عائلة الحاج متولي»، ونافحه الثاني: «جعفر العمدة»، بهدوء ودون تشنج ولا مباشرة، لولا المشهد الختاميّ الذي يحنُّ فيه الزوج إلى ماضيه، والذي أخذناه على محمل المزاح، رغم جديته، وأما الرسالة الختامية الجميلة فكانت اقتراب «جعفر» من الله وهجره المتاجرة بعوّز الناس بالمراباة، تحية لصناع العمل الجميل.