معاناة لا تنتهي.. الكوليرا والجوع يجتاحان السودان في ظل صراع دموي
ADVERTISEMENT
يعيش السودان اليوم واحدة من أشد الأزمات الإنسانية التي مر بها في تاريخه الحديث. يحاصره مثلث قاتل من تفشي وباء الكوليرا، انتشار المجاعة، واستمرار النزوح القسري نتيجة الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع. ورغم المحاولات المستمرة لإيجاد حل سلمي، تبدو الأفق مغلقة أمام أي نهاية قريبة لهذا النزاع الذي يزيد من معاناة المدنيين ويهدد البلاد بانهيار شامل.
تفشي الكوليرا في السودان
أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان حديث ارتفاع عدد الوفيات بسبب وباء الكوليرا في السودان إلى أكثر من 300 حالة وفاة، مع تسجيل 11 حالة جديدة ووفاة واحدة يوم الجمعة الماضي في أربع ولايات سودانية. هذه الأرقام الصادمة تأتي في وقت تتزايد فيه التحديات الإنسانية بسبب الأمطار الغزيرة التي أثرت على 19,944 أسرة و40,440 فردًا منذ يونيو الماضي.
كما أعلن وزير الصحة السوداني المكلف، الدكتور هيثم محمد إبراهيم، رسميًا انتشار وباء الكوليرا في البلاد، مؤكداً على الحاجة الملحة للتصدي لهذا التحدي الصحي الخطير.
أكبر أزمة نزوح في العالم
في ظل استمرار النزاع المسلح، حذرت المنظمة الدولية للهجرة من أن الوضع الإنساني في السودان قد وصل إلى "انهيار كارثي". وأشارت المنظمة إلى أن السودان يشهد الآن أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث اضطر ما لا يقل عن 10.7 مليون شخص للفرار من منازلهم بحثًا عن الأمان داخل البلاد. ومع انتشار المجاعة والفيضانات في عدة مناطق، يعاني الملايين من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ويعتبر مخيم زمزم بالقرب من الفاشر في شمال دارفور، الذي يضم نصف مليون نازح، أحد أبرز الأمثلة على هذه الكارثة الإنسانية، حيث يعاني سكانه من نقص حاد في الغذاء، ما أدى إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية والوفيات.
المجاعة تجتاح السودان
أفادت تقارير حديثة من وكالات الأمم المتحدة بأن السودان يواجه الآن وضعًا كارثيًا هو الأسوأ منذ تأسيس لجنة التخطيط المتكامل في عام 2004. ولم تعد أزمة الجوع محصورة في مناطق النزاع التقليدية مثل دارفور، بل امتدت لتشمل العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.
في المقابل، نفى وزير الزراعة السوداني أبو بكر عمر البشري التقارير التي تتحدث عن أزمة مجاعة، مشيراً إلى أن إنتاج السودان من الذرة والقمح يكفي لتلبية احتياجات السكان حتى الموسم المقبل. ورغم ذلك، تبقى المخاوف قائمة حول كيفية وصول الغذاء إلى المناطق الأكثر تضرراً في ظل استمرار القتال.
معاناة أطفال دارفور
في دارفور، تزداد معاناة الأطفال بسبب سوء التغذية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 5,975 طفلاً يعانون من سوء التغذية في مخيم كالما بجنوب دارفور. ويواجه هؤلاء الأطفال نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في هذه المنطقة التي تشهد توتراً مستمراً.
فتح معبر أدري.. بارقة أمل
في خطوة قد تسهم في التخفيف من حدة الأزمة، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني ورئيس المجلس السيادي، إعادة فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد. يعتبر هذا المعبر مدخلاً حيوياً للمساعدات الإنسانية التي كانت قد توقفت بسبب استخدام ميليشيات الدعم السريع له لإمدادات الأسلحة.
ورحب عمال الإغاثة في السودان بهذا القرار، معتبرينه خطوة حاسمة في مواجهة المجاعة التي تفتك بمخيم زمزم وأجزاء أخرى من دارفور. ويأملون أن يسهم هذا الإجراء في تسهيل وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى المحتاجين، لكنه يبقى رهينًا بمدى استمرار التعاون الدولي والدبلوماسي لإزالة أي عقبات تعترض طريق الإغاثة.