عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الصلاة على النبي تعطر سماء مصر.. المصريون يرفضون الانصياع وراء دعوات السلفية ويؤيدون وزارة الأوقاف.. والمساجد تصدح بصيغة الصلاة الإبراهيمية

صلاة الجمعة من مسجد
صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين

عطرت الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم سماء مصر؛ إذ صدحت جميع مساجد الجمهورية عقب صلاة الجمعة بالصلاة والسلام على سيدنا النبي.

الملايين يجتمعون للصلاة والسلام على النبي

وحرص الملايين من المصلين عقب انتهاء خطبة وصلاة الجمعة على تأييد قرار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بشكل عملي عن طريق الانتظار بالمساجد والاجتماع لـ الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

وطالب المصلون الذين اجتمعوا في المساجد لـ الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، بإصدار قرار من قِبَلِ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بأن تكون الصلاة والسلام على النبي عقب انتهاء خطبة وصلاة الجمعة معممة وثابتة كل أسبوع، وعدم الاكتفاء بتخصيص هذه الجمعة فقط للصلاة والسلام على سيدنا النبي.

فضائل الصلاة والسلام على النبي

وخصصت وزارة الأوقاف المصرية، موضوع خطبة الجمعة اليوم، للتحدث عن: «فضائل الصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم».

وقالت وزارة الأوقاف: إن تخصيص خطبة الجمعة المقبلة للتحدث عن فضائل الصلاة والسلام على خير الأنام، يأتي حبًّا وكرامةً لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشيرةً إلى أنه وتطبيقًا عمليًّا لمضمون الخطبة تقرر أن تصدح وتلهج جميع مساجد مصر عقب صلاة الجمعة، بالصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدة من ثلاث إلى خمس دقائق.

وأوضحت وزارة الأوقاف، أن صيغة الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي ستصدح بها المساجد عقب صلاة الجمعة المقبلة، هي الصيغة الإبراهيمة: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

المصريون يهزمون التيار السلفي والعلماني

ومنذ إعلان وزارة الأوقاف برنامج اليوم الجمعة، وموجة عارمة من النقد وجهه عناصر التيارات السلفية والعلمانية الرافضين اجتماع الناس للصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحجة أن هذا الفعل «بدعة»، مطالبين المصلين بمغادرة المساجد فور انتهاء صلاة الجمعة وعدم المشاركة في الاجتماع للصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم.

ورفض ملايين المصريين الإنصياع وراء هذه الدعوات المغرضة، وأصروا على البقاء بالمساجد عقب انتهاء خطبة وصلاة الجمعة، والاجتماع للصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تأييدًا لقرار وزارة الأوقاف.

حكم الاجتماع للصلاة على النبي

وأكدت دار الإفتاء، أنه بخصوص دعوة الاجتماع للصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، اليوم الجمعة؛ فإن الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أفضل الذِّكر وأقرب القربات، وأعظم الطاعات، والاجتماع على الذكر المشروع يعدُّ من قبيل التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» (المائدة: 2).

ونصَّ أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة، وذِكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العبادات المطلقة المشروعة في الأصل بدون تقييد؛ فتصحُّ على كل هيئة وحال في أي وقت - إلا ما جاء النهي عنه - وكذلك تجوز سرًّا وجهرًا فرادى وجماعات بكل لفظ وصيغة مشروعة.

ونُقل عن علماء الشرع الشريف ممَّن يعتدُّ بأقوالهم استحبابُ تخصيص يوم الجمعة وليلته بالإكثار من الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم الإمام ابن قدامة الحنبلي؛ وذلك لما رُوي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» (أخرجه ابن ماجه).

الاجتماع للصلاة على سيدنا النبي من مسجد الإمام الحسين

حكم مجالس الذكر

وأضافت دار الإفتاء، أن الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أفضل الذِّكر وأقرب القربات، وأعظم الطاعات؛ فقد فقال تعالى: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (الأحزاب: 56)، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» (أخرجه مسلم).

وقد جاءت الأدلة من القرآن الكريم والسُّنة المطهرة على الحثِّ على مجالس الذكر، قال تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» (الكهف: 28)، وامتثال الأمر بمعية الداعين لله يحصل بالمشاركة الجماعية في الدعاء، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي ملأٍ ذَكَرْتُهُ فِي ملأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» متفق عليه، والذكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر.

وورد في حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (رواه مسلم).

الصلاة على سيدنا النبي من مسجد الإمام الحسين

الاحتجاج على عدم مشروعية الذكر الجماعي

وفندت دار الإفتاء، دعوى البعض التي يحتجون فيها بعدم مشروعية الذِّكر الجماعي بما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ما يفيد النهي عن رفع الصوت بالذِّكر، وهذا لا يصح عنه؛ قال ابن حجر الهيتمي في (الفتاوى الفقهية الكبرى): «وأما ما نُقل عن ابن مسعود أنه رأى قومًا يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد؛ فلم يصح عنه بل لم يَرِد».

وجاء في (حاشية الطحطاوي ص318): «وأجمع العلماء سلفًا وخلفًا على استحباب ذكر الله تعالى جماعةً في المساجد وغيرها من غير نكير، إلَّا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصلٍّ أو قارئ قرآن».

وجاء في (رد المحتار 6/ 398): «وقد شبَّه الإمام الغزالي ذِكر الإنسان وحده وذكر الجماعة بأذان المنفرد، وأذان الجماعة؛ قال: فكما أن أصوات المؤذنين جماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت المؤذن الواحد كذلك ذكر الجماعة على قلب واحد أكثر تأثيرًا في رفع الحجب الكثيفة من ذكر شخص واحد».

آلاف يجتمعون للصلاة على سيدنا النبي من مسجد الإمام الحسين

إشكالية تخصيص أوقات معينة للعبادات

وأكدت دار الإفتاء، أن إيقاع عبادة الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم جهرًا بعد أي صلاة مكتوبة – فضلًا عن كونها صلاة جمعة - أمر مشروع ولا حرج فيه؛ فقد ورد الأمر الربَّانيُّ في الذِّكر عقب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: «فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا ٱللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ» (النساء: 103)، والمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّده في الشرع.

وما قد يطرحه البعض من إشكالية أن تخصيص أوقات معينة للعبادات يعد من أبواب البدع، فهذا وهم وغلط في الفهم، فقد نصَّ أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري: 3/ 69) وهو يتكلَّم على حديث ابن عمر رضي الله عنهما في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتي مسجد قباء كلَّ سبتٍ ماشيًا وراكبًا: «وفي هذا الحديث على اختلاف طرقه دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك».

ونرى الناس حاليًّا يخصصون يومًا بعينه أو ساعة بعينها للجلوس لحفظ القرآن -مثلًا- وتدارسه من غير إنكار، فما الفارق بين تخصيص وقت لمُدارسة القرآن وتخصيص وقت آخر لذكر الله تعالى والصلاة على رسوله؟

تابع موقع تحيا مصر علي