د. علي جمعة: المحبة عبادة أولياء الله الصادقين المخلصين
ADVERTISEMENT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن أصل الحب هو حب الله تعالى، ولله سبحانه وتعالى صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال، وهو سبحانه يُحب لأنه متصف بكل جميل، ومنزه عن كل قبيح.
حب الله مقام عظيم من مقامات القرب
وأوضح عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أن الله سبحانه وتعالي يُحب لذاته، ويقصد لذاته، وحب الله هو مقام عظيم من مقامات القرب، وعبادة المحبة هي عبادة أولياء الله الصادقين المخلصين، وكل من عرف ربه أحبه، فهو الكريم سبحانه، وهو الذي أسبغ على خلقه نعمه.
وأكد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن حب الله أساس الإيمان بحيث لو خلا قلب المؤمن من حب الله، لم يكن مؤمنًا باتفاق المسلمين، وإنما يتفاوت الخلق في درجة حبهم لله.
اتباع الرسول هو الدليل العملي على حب الله
وتابع الدكتور عي جمعة: وقد طلب الله سبحانه وتعالى من الذين يزعمون أنهم يحبون الله الدليل العملي على ذلك الحب؛ فقال جل شأنه: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (آل عمران: 31)؛ فالدليل العملي على حب الله سبحانه وتعالى هو اتباع الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
يجب على الإنسان أن يعرف ماذا له؟ وماذا عليه؟
وأضاف عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أنه يجب على الإنسان أن يعرف ماذا له؟ وماذا عليه؟ وكل واحد يعرف حقه؛ فماذا عليك في قِبَلِ اللّٰه؟ عليك الطاعة والفروض والواجبات، ومطلوب منك السنن والرواتب والنوافل. فما لك عند اللّٰه؟! لا شيء، فأنت مفلس لأن هذه الأعمال في مقابلة بعض المنن التي منّ الله بها عليك.
وقال رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: «يا مسكين اعرف نفسك، وقف عند حدِّك، انكشفت الحقيقة؛ فتعلم أن الجناية عليك حُجَّة، والطاعة عليك مِنَّة تقول: أنا صليت، يقول لك: أنا الذي جعلتك تصلي، تقول: أنا زكيت، يقول لك: أنا الذي وفقتك للزكاة، تقول: أنا ذكرت، يقول لك: أنا الذي جعلتك تذكر».
إذن أنت مدين في الجناية، مدين في الطاعة؛ فأنت تظن أن الطاعة التي فعلتها هي سبب دخولك الجنة، ولكن اتضح كما قال رسول اللّٰه ﷺ: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ». قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللّٰهِ قَالَ: «لاَ، وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللّٰهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ»، ﷺ.
ولا تقل: يا ربنا أنت الذي كتبت عليّ الطاعة، وأنت الذي كتبت عليّ المعصية.. الأمر ليس كذلك فالجناية التي كتبت عليك حجة عليك وليست معذرة لك، هي كتبت عليك لكي تعتذر وتقول له: سامحني، اغفر لي، لتثبت افتقارك إليه ولا تتكبر، والحُكم عليك حُجَّة ما هو لك معذرة، لا تستطيع أن تحوله إلىٰ معذرة تعتذر بها عند اللّٰه.
كل طاعة رضيتها من نفسك وفرحت بها «فهي عليك»
وتابع عضو هيئة كبار علماء الأزهر: وعليك أن تعرف أن كل طاعة رضيتها من نفسك وفرحت بها كأن قمت الليل أو صمت النهار «فهي عليك»؛ لأنها تحتاج إلىٰ شكر، والشكر يحتاج إلى شكر والشكر يحتاج إلىٰ شكر.. وهكذا أبدًا.
وعليك أن تعرف أن كل معصية عيرت بها أخاك مردودة لأنك بتعييرك قد برأت نفسك، وتبرئتك لنفسك كِبْر، فربما يغفر اللّٰه له ويؤاخذك بها، فيكون هو الذي فعل المعصية فأورثته ندمًا وتوبة صادقة، وأنت قد تكبرت عليه فأُخِذْتَ بها فهي مردودة إليك.
فيجب أن تعرف الذي لك والذي عليك، ولو تخليت عن هذا الميزان ضاع وقتك، وضاع واجب وقتك، وإذا حدث ذلك فإنك ستتوه ولن تعرف الحقيقة أبدًا.