مفتي الجمهورية: طلب المدد من النبي جائز شرعًا.. «دلائل الخيرات» أجلُّ كتاب أُلف في الصلاة على النبي.. وانتقاده من أقوال الخوارج
ADVERTISEMENT
شن البعض هجومًا حادًا ضد كتاب «دلائل الخيرات»، ووصفوه بـ «دلائل الشركيات»؛ زاعمين أن هذا الكتاب مملوء بالمخالفات الشرعية، والعبارات الشركية، وحرموا قراءته بدعوى أنه لا يجوز استحداث صيغ ذكر جديدة، وأنه يذكر أسماء وصفات للرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا تليق به؛ مثل: محي، ومنج، وناصر، وغوث، وصاحب الفرج، ولا تجوز لأن فيها غلوًّا ومبالغة، وأن في هذا الكتاب عبارات كفر، مثل: (اللهم صل على من تفتقت من نوره الأزهار)، أو عبارات محرمة، مثل: (اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء).
دلائل الخيرات.. أجلُّ كتاب أُلف في الصلاة على النبي
وقال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن كتاب «دلائل الخيرات» من الكتب المباركة التي كتبت في الصلاة والسلام على أشرف الكائنات سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو كتاب عالي القدر، سرى في الأمة مسرى الشمس في الآفاق، وعُقِدَت له المجالس، وشرحه كبار العلماء والأولياء، وهو أجلُّ كتاب أُلف في الصلاة عليه، وقد رُزِق من القبول في المسلمين عامتهم وخاصتهم ما لم يرزقه غيره.
وأكد مفتي الديار المصرية، أن وصف كتابٍ - هذا شأنُه عبر الأمصار والأعصار، وهذه منزلته في الأمة الإسلامية - بـ«دلائل الشركيات» هو من شأن الخوارج الذين يكفرون علماء المسلمين وأئمتهم، وما يقال حوله من دعاوى وشبهات هي في الحقيقة أكاذيب تشكك الأمة في علمائها وأوليائها، وتفتقر إلى أصول الفهم وقواعد العلم، بل هي مغالطات يُدْرِك من له أدنى حظ من العلم ما فيها من الخلط والتلبيس.
طلب المدد من النبي جائز شرعًا
وأوضح فضيلة المفتي، أن مزاعم لأن الكتاب يحوي دعوى الشرك في عبارة: (مستمدًّا من حضرته)؛ فهذه دعوى فاسدة، وأشد منها فسادًا الاستدلال عليها بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذَا سَأَلْتَ فاسأل الله»؛ فإن المقصود هو طلب المدد على جهة السببية؛ أي أنه صلى الله عليه وآله وسلم هو سببٌ في ذلك، وهذا جائز شرعًا.
وأما إنكار أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وألقابه وأوصافه المذكورة بالكتاب؛ ودعوى أنها لا تليق به صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهو جهلٌ بأن هذه الأسماء الشريفة مأخوذة من الكتاب والسنة والآثار الواردة عن السلف، وأن للعلماء فيها تآليف وتصانيف، وهذه الأسماء والأوصاف كتبها المسلمون على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف، بنصّها وعددها، بأجمل الخطوط وأحلاها وأبدعها؛ يقرأها كل زائر، ويلهج بها كلُّ محبّ، ودعوى الغلوّ والمبالغة تجاهلٌ وتغافلٌ عن أن كمالاته صلى الله عليه وآله وسلم لا تتناهى، وأن الخلق كلهم عن بكرتهم مهما وصفوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلن يصلوا إلى عشر معشار قدره ومقامه عند مولاه؛ فهو الذي دل الخلق على الخير.
النبي سبب في إحياءِ القلوب
وأشار مفتي الديار، إلى أن الزعم بعدم جواز الزيادة على أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم الواردة، كلام فيه تلبيسٌ وخلطٌ بين باب الاسمية والوصفية؛ فإن الاسم قد يطلق تارةً على العَلَم، وقد يطلق على الوصف؛ فإن أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم تطلق على أوصافه وشمائله، وهي مأخوذة من القرآن والسنة والسيرة وآثار السلف الصالح، وتشتق من أفعاله وكراماته وخصائصه وأخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما استنكار بعض هذه الأسماء الشريفة؛ ومنها: مُحي، ومُنج، وناصر، وغوث، وصاحب الفرج، وأجير، فغير صحيح؛ إذ كلها أسماء صحيحة متفق عليها لا معنى لإنكارها؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب لإحياءِ القلوب، والنجاةِ من العقاب، والحمايةِ من العذاب، وإغاثةِ الخلق، وتفريجِ كروبهم، كل ذلك بإذن الله تعالى؛ فهو صلى الله عليه وآله وسلم سببٌ في كلّ ذلك.
وزعم الشرك في عبارة: (اللهم صل على من تفتقت من نوره الأزهار)، بدعوى أن الأزهار فتقها الله وحده: مغالطة وشغب؛ فالمعنى المقصود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سببٌ لكل خير في الدنيا والآخرة.
أكاذيب تبث مناهج التبديع والتكفير
وفند فضيلة المفتي، دعوى معارضة النصوص لقوله: (اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء)؛ قائلًا: هذا جهل بالسنة؛ فقد ورد ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا عند الطبراني في (الدعاء) والديلمي في (الفردوس): «اللَّهُمَّ صَلِّى عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ صَلَاتِكِ شَيْءٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ بَرَكَاتِكَ شَيْءٌ، وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنَ السَّلَامِ شَيْءٌ»، على معنى صلّ وسلّم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم جميعَ ما صليتَه وأبرزتَه لأهل عنايتِك وأنبيائِك ورسلك وملائكتك، وقد كان كذلك، فإن الله سبحانه أنعم عليه صلى الله عليه وآله وسلم بما لم يُعْطِهِ لمجموع أحبته وأهل وده وخاصته، بل أعطاه أكثر وأجمل، وسيعطيه بعدُ ما لا يحيط به عقل، ولا يحويه نقل.
ومـمَّا سبق يتبين أنّ ما أُثير من دعوى وشبهات ما هي إلا أكاذيب تبُثُّ مناهج التبديع والتكفير؛ فلا يجوز الالتفات إليها ولا التعويل عليها.