بعد اغتيال نصر الله.. كيف سيختار حزب الله زعيمه الجديد وسط التحديات؟
ADVERTISEMENT
مع اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في هجوم إسرائيلي استهدف مقر قيادة الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، يجد حزب الله نفسه أمام مفترق طرق في اختيار زعيم جديد له. هذا التطور المفاجئ يضع الحزب الشيعي المسلح أمام تحدٍ غير مسبوق منذ تأسيسه في الثمانينيات، حيث كان نصر الله يشغل منصب الأمين العام منذ عام 1992، عندما تولى القيادة بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي.
الآن، ومع شغور هذا المنصب الحساس، تُطرح تساؤلات عديدة حول آلية اختيار الزعيم الجديد، وكيفية تعامل حزب الله مع هذا الفراغ القيادي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
آلية اختيار زعيم حزب الله: مجلس الشورى صاحب الكلمة العليا
وفقًا للنظام الداخلي لحزب الله، يتم اختيار الأمين العام من خلال عملية انتخابية تُجرى داخل "مجلس الشورى"، وهو الهيئة العليا في الحزب التي تتألف من سبعة أعضاء يمثلون أركان الحزب القيادية. هؤلاء الأعضاء يتولون ملفات حساسة، تشمل المجالات العسكرية والسياسية والقضائية والتنفيذية. ويقول الكاتب السياسي قاسم قصير إن مجلس الشورى هو الذي يقرر القيادة العليا للحزب، ويُعتبر "مجلس شورى القرار" المسؤول عن اتخاذ القرارات الاستراتيجية الكبرى.
يتكون المجلس الحالي من شخصيات بارزة، من بينها نعيم قاسم، نائب الأمين العام، وهاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي والمرشح الأبرز لخلافة نصر الله. إلى جانبهم، يضم المجلس محمد يزبك، رئيس المجلس القضائي، وإبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس السياسي، ومحمد رعد، رئيس المجلس البرلماني، بالإضافة إلى حسين خليل، المساعد السياسي للأمين العام.
التحديات الأمنية وتأثيرها على العملية الانتخابية
رغم القواعد الداخلية التي تفرض عقد انتخابات لاختيار الأمين العام الجديد، فإن التحديات الأمنية الحالية قد تؤدي إلى تأجيل هذه الخطوة. يتوقع المراقبون، ومنهم قاسم قصير، أن حزب الله قد يتجنب في الفترة المقبلة عقد انتخابات مباشرة، بسبب الظروف الأمنية الصعبة في لبنان وسوريا، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية. بدلاً من ذلك، قد يتم تسليم القيادة مؤقتًا إلى نائب الأمين العام نعيم قاسم، على أن يتم انتخاب زعيم جديد بعد استقرار الأوضاع الأمنية.
سمات الزعيم الجديد: دور الدين والسياسة في قيادة الحزب
من أبرز الشروط التي يجب أن تتوفر في الزعيم الجديد لحزب الله أن يكون رجل دين متمرسًا في العمل التنظيمي والسياسي للحزب. حزب الله، الذي يؤمن بمبدأ "ولاية الفقيه"، يعتمد في اختيار زعمائه على الشخصيات التي تتمتع بعمق ديني وفكري يتماشى مع الخط العقائدي للحزب، المتأثر بقوة بالفكر الإيراني.
يشير علي شكر، الباحث في العلاقات الدولية، إلى أن جميع أعضاء مجلس الشورى يتمتعون بالكفاءة لقيادة الحزب، ولكن الأمين العام يجب أن يكون شخصية دينية بارزة. "يجب أن يكون الزعيم قادرًا على توجيه الحزب استنادًا إلى مبدأ ولاية الفقيه، وأن يمتلك تجربة طويلة في العمل الحزبي والسياسي"، يضيف شكر.
الأمن الشخصي: أحد أبرز معايير الاختيار
في ظل الأوضاع الراهنة، يعد الأمن الشخصي للزعيم الجديد من أهم المعايير التي تؤخذ في الاعتبار. يقول الأكاديمي وسام ناصيف، المتابع لشؤون حزب الله لسنوات، إن اختيار الأمين العام قد يتم في سرية تامة لتجنب استهدافه من قبل إسرائيل. "قد يتجنب الحزب الإعلان عن هوية الزعيم الجديد حتى استقرار الوضع الأمني"، يضيف ناصيف، مشيرًا إلى أن الحزب قد يختار شخصية توافقية تدير المرحلة الانتقالية بحذر، حتى يتم تعزيز الأمن حول القيادة الجديدة.
هاشم صفي الدين: المرشح الأبرز لخلافة نصر الله
برز هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي، كأحد أبرز المرشحين لخلافة حسن نصر الله. صفي الدين، الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع القيادة الإيرانية، يتمتع بمكانة قوية داخل الحزب، وهو قريب لنصر الله من الناحية العائلية. يصفه المراقبون بأنه شخصية توافقية تجمع بين الكفاءة السياسية والقيادة الدينية، مما يجعله المرشح الأكثر احتمالية لتولي القيادة.
ما بعد نصر الله: مستقبل حزب الله وسط التحديات الإقليمية
مع غياب نصر الله، الذي كان يمثل رمزًا قويًا للحزب والمقاومة، تواجه القيادة الجديدة تحديات هائلة. تصاعد التوتر مع إسرائيل، واستمرار الحرب في سوريا، والأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان، كلها عوامل تزيد من الضغوط على الحزب. القيادة الجديدة ستكون مطالبة بإدارة هذه الأزمات بحكمة، مع الحفاظ على وحدة الحزب وتماسكه الداخلي.
بالإضافة إلى ذلك، سيواجه الزعيم الجديد تحديات دولية وإقليمية معقدة، في ظل تصاعد الضغوط من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لتقويض دور الحزب في المنطقة. سيكون عليه الحفاظ على العلاقات الوثيقة مع إيران، مع السعي لتحقيق توازن داخلي بين متطلبات المقاومة ومقتضيات السياسة اللبنانية.
هل يتغير مستقبل حزب الله بعد اغتيال نصر الله؟
يطرح اغتيال حسن نصر الله تساؤلات عميقة حول مستقبل حزب الله. هل سيحافظ الحزب على مساره كما كان تحت قيادة نصر الله؟ أم ستظهر تغييرات جديدة في استراتيجيات الحزب وتوجهاته؟ ما هو مؤكد هو أن القيادة الجديدة ستكون أمام اختبار حاسم في الحفاظ على تماسك الحزب وسط الضغوط الإقليمية والدولية، مع الاستمرار في لعب دور بارز في السياسة اللبنانية والمقاومة ضد إسرائيل.