عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الأزمة تتفاقم: هل تكتب حرب السودان نهاية استقرار البحر الأحمر؟

حرب السودان
حرب السودان

تواصل الحرب في السودان، التي اندلعت في منتصف أبريل 2023، إحداث تأثيرات سلبية تتجاوز حدودها. فالدول السبع المجاورة – إثيوبيا، تشاد، مصر، أفريقيا الوسطى، جنوب السودان، إريتريا، وليبيا – تعاني من تداعيات متعددة تشمل تدفق اللاجئين، تراجع التجارة، والانفلات الأمني. وفي ظل هذه الأوضاع، تحولت الأنظار الدولية، خاصة من الولايات المتحدة والدول الغربية والعربية، إلى التركيز على قضايا الإرهاب وأمن البحر الأحمر، مما يثير المخاوف من تمدد النزاع ليصبح أزمة إقليمية وعالمية ذات أبعاد خطيرة.

التحديات الاقتصادية: انهيار التجارة وارتفاع معدلات التضخم

مع استمرار الحرب، تأثرت التجارة الحدودية مع دول الجوار بشكل كبير، حيث انخفضت بنسب وصلت إلى 90% مع بعض الدول، خصوصًا تلك التي تعتمد بشكل كبير على الموانئ السودانية مثل جنوب السودان وتشاد. دولة جنوب السودان تأثرت بشكل مضاعف بسبب اعتمادها الكامل على الأراضي السودانية لتصدير نفطها، الذي يمثل 90% من دخلها القومي. ومع توقف هذه التجارة، ارتفعت معدلات التضخم في جنوب السودان إلى أكثر من 200%، مما أدى إلى تردي الأوضاع المعيشية وخلق أزمة إنسانية كبيرة.
 

حرب السودان

تشاد أيضًا تواجه أزمة اقتصادية حادة بسبب توقف وارداتها من السودان، خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية مثل السكر. وأدى توقف التجارة والسياحة إلى تضاعف الأزمات الاقتصادية في تشاد، التي كانت تعتمد بشكل كبير على التجارة مع السودان لتلبية احتياجاتها المحلية.
 

الأزمة الإنسانية: تدفق اللاجئين وتفاقم الأوضاع في دول الجوار

أدى النزاع في السودان إلى تدفق كبير للاجئين على الدول المجاورة، حيث عبر نحو 3 ملايين شخص الحدود إلى مصر، تشاد، إثيوبيا، وجنوب السودان. هذا التدفق الهائل وضع ضغوطًا هائلة على البنى التحتية والخدمات الاجتماعية في هذه الدول، مما زاد من حدة الأزمات الإنسانية القائمة فيها. في جنوب السودان، يواجه 46% من السكان أزمة غذائية حادة نتيجة تراجع واردات المواد الغذائية وانخفاض عائدات النفط.

الانفلات الأمني: تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة

مع استمرار الحرب وتراجع السيطرة الحكومية على الحدود السودانية، أصبحت دول الجوار عرضة لتسلل الجماعات المسلحة العابرة للحدود. قوات الدعم السريع والجيش السوداني يتبادلان الاتهامات باستخدام مقاتلين أجانب من تشاد وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة. في إثيوبيا، التي تعاني بالفعل من نزاعات مسلحة داخلية مع جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو، يثير تمدد النزاع السوداني المخاوف من تصعيد إضافي للصراع على حدودها.
 

جماعات سودانية مسلحة 

الوضع ليس أفضل في أفريقيا الوسطى، حيث تنتشر أكثر من 14 جماعة مسلحة تستغل ضعف سيطرة الدولة للتوسع. هؤلاء المقاتلون قد يستغلون الفوضى في السودان لتوسيع نفوذهم في المنطقة، مما يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي.

خطر الإرهاب: تزايد القلق الدولي حول نشاط الجماعات الإرهابية

مع تصاعد القتال في السودان وانتشار الفوضى الأمنية، تزايدت المخاوف من استغلال الجماعات الإرهابية للوضع. تنظيمات إرهابية مثل تلك التي استهدفت السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في التسعينيات، قد تجد في السودان أرضًا خصبة لإعادة تجميع صفوفها. في هذا السياق، يشير المحللون إلى أن ضعف الأجهزة الأمنية في السودان يسهل تهريب الأسلحة، مما يعزز من قدرات هذه الجماعات على شن هجمات جديدة في السودان والدول المجاورة.

أمن البحر الأحمر: تصاعد التوترات الدولية

إلى جانب التحديات الأمنية والاقتصادية، أصبح أمن البحر الأحمر محل اهتمام عالمي متزايد، لا سيما بعد تقارير عن تعاون بين حكومة بورتسودان وروسيا وإيران. هذه الشراكات تثير قلق الولايات المتحدة ودول غربية، نظرًا لأهمية البحر الأحمر كطريق حيوي لمرور النفط والتجارة العالمية. الحديث عن إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان أعاد للأذهان اتفاقًا سابقًا وقعته موسكو مع نظام عمر البشير في 2017، ما يهدد بزيادة التوترات الدولية في المنطقة.

تابع موقع تحيا مصر علي