السيول تبتلع المنازل والطرق: الجزائر والمغرب في مواجهة كارثة بيئية جديدة
ADVERTISEMENT
اجتاحت فيضانات مدمرة الجزائر والمغرب، الاثنين، متسببة في خسائر بشرية ومادية فادحة. السيول العارمة، التي لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، جرفت المنازل والطرقات، وأدت إلى وفاة العشرات وفقدان آخرين، في مشهد يبرز ضعف البنية التحتية وقلة جاهزية البلدين لمواجهة الكوارث الطبيعية. هذه الكارثة كشفت بشكل واضح الحاجة الملحة لتحسين أنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز قدرة البنية التحتية على التصدي للأزمات المستقبلية، بما يضمن حماية السكان من تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل.
السيول تضرب بقوة في المغرب: خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات
في المغرب، تعرض إقليم طاطا، جنوب شرق البلاد، لسيول مدمرة نتيجة هطول أمطار غزيرة. ونقلت صحيفة "هسبريس" المغربية أن جماعة تمنارت كانت الأكثر تضررًا، حيث تم انتشال 8 جثث حتى الآن، فيما لا يزال 15 شخصًا في عداد المفقودين، معظمهم من سكان دوار أوكرضا بسموكن. وقد تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار العديد من المنازل، كما حاصرت السيول مجموعات من الرحل في مناطق نائية مثل تامولت بتزونين.
انقطاع الكهرباء والاتصالات يفاقم الأزمة
مع ارتفاع منسوب الأودية، ازدادت المعاناة بين السكان المحليين في المناطق المتضررة، حيث انقطعت خدمات الكهرباء وشبكة الهاتف في عدد من الدواوير، ما جعل عمليات الإنقاذ أكثر تعقيدًا. الخوف والهلع سيطرا على السكان، خصوصًا مع تضاؤل الأمل في العثور على المفقودين. شباب المنطقة ناشدوا السلطات المحلية والحكومة الوطنية بسرعة التدخل لتقديم المساعدات العاجلة وتخفيف وطأة الكارثة على المتضررين.
فيضانات الجزائر: أودية نائمة تتحول إلى سيول جارفة
على الجانب الآخر، لم تكن الجزائر بمنأى عن هذا الدمار. منذ يوم الأحد، بدأت الأمطار الغزيرة تجتاح عدة ولايات، من بينها بشار وتيارت وتامنغست. ما يعرف بالأودية النائمة استيقظت على نحو مفاجئ، محولة الشوارع والطرق إلى أنهار جارفة. وأسفرت الفيضانات في الجزائر عن تسجيل 6 وفيات حتى الآن، مع عشرات المفقودين والإصابات.
في ولاية تامنغست، جرفت السيول طفلة تبلغ من العمر 11 عامًا، بينما لقي رجل يبلغ 62 عامًا مصرعه بعدما حاول عبور وادي تيهاوهاوت بسيارته. كما تسببت الفيضانات في وفاة ثلاثة أطفال في منطقة دوار بالسادات بن عسلة في ولاية تيارت.
تحديات البنية التحتية وضعف الاستجابة
إلى جانب الخسائر في الأرواح، تعرضت الممتلكات العامة والخاصة لأضرار جسيمة. في بشار، انهار جسر حيوي جراء قوة السيول، فيما جرفت المياه السيارات والمنازل في مختلف الولايات المتضررة. الحماية المدنية الجزائرية تواجه تحديات هائلة في الوصول إلى المناطق المنكوبة، حيث تتواصل عمليات البحث عن المفقودين وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع مع استمرار هطول الأمطار.
الاستجابة الحكومية والتحديات البيئية المستمرة
على الفور، بادرت الحكومة الجزائرية بإرسال وفد وزاري رفيع المستوى يضم وزير الداخلية إبراهيم مراد، وزيرة التضامن والأسرة كوثر كريكو، ووزير الأشغال العامة لخضر رخروخ. قام الوفد بزيارة ولاية بشار لتفقد الأضرار ومتابعة جهود الإغاثة على الأرض.
أما في المغرب، فما زالت السلطات المحلية تعمل على احتواء الوضع، حيث تشرف فرق الإنقاذ على البحث عن المفقودين وتقديم الدعم العاجل للناجين. الكارثة أثارت مطالبات واسعة بضرورة تطوير أنظمة البنية التحتية وتعزيز التدابير الوقائية لمواجهة الكوارث الطبيعية، خاصة مع تصاعد تهديدات تغير المناخ في المنطقة.
كارثة طبيعية تكشف الحاجة إلى استراتيجيات استباقية
الفيضانات التي اجتاحت الجزائر والمغرب تسلط الضوء على ضرورة تبني سياسات بيئية أكثر فاعلية لتجنب مثل هذه الكوارث في المستقبل. أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين جودة البنية التحتية، والاستثمار في التدابير الوقائية، كلها أمور ملحة لضمان عدم تكرار هذا السيناريو الكارثي. فالاستجابة للأزمات الطبيعية تتطلب ليس فقط الإنقاذ في اللحظة، بل الاستعداد الشامل لتقليل الخسائر قبل وقوعها