حكم تغسيل الزوج لزوجته المتوفاة .. اعرف آراء الفقهاء
ADVERTISEMENT
هل يجوز للزوج تغسيل زوجته المتوفاة ؟ يجوز للزوج أن يغسل زوجته المتوفاة على الإطلاق؛ سواء وجدت النساء اللاتي يغسلنها من محارمها أو الأجنبيات عنها أم لم يوجدن؛ أخذا بمذهب جمهور العلماء في ذلك، وسواء أكانت الوفاةبأي سبب، فيجوز للمرأة غسل زوجها إذا مات بلا خلاف عند العلماء، ونقل ابن المنذر الإجماع على جواز ذلك، وأما غسل الرجل زوجته إذا ماتت فجائز عند جمهور العلماء أحمد ومالك والشافعي وإسحاق وعطاء وداود وغيرهم قياساً على غسلها له، ولما رَوَى ابن المنذر أن علياً غسل فاطمة رضي الله عنها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكروه، فكان إجماعاً.
حكم تغسيل الزوج لزوجته المتوفاه
أجابت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول حكم تغسيل الزوج لزوجته المتوفاه؟، قائلة: "المسألة هنا تتعلق بخصوصية المرأة، ويجوز تغسيل الزوج لزوجته.. وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، في إحدى المواقف الطريفة، عندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ووجد السيدة عائشة تشكو من ألم في رأسها، قال لها ممازحاً: «ما ضرك لو مت قبلي فقمت فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودعوت الله لك».. هذا الحديث يعكس الطابع الإنساني واللطيف في التعامل".
وأضافت: "الفقهاء استندوا إلى هذا الحديث للإشارة إلى إمكانية تغسيل الرجل لزوجته، وقد دعموا هذا الرأي أيضاً بما فعله سيدنا علي بن أبي طالب، حيث أوصت السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوم بتغسيلها بعد وفاتها".
الحكمة من مشروعية غسل الميت
شرع الله تعالى الغسل تنظيفا لجسد المتوفى، وتكريما له، وغسل الميت فرض كفاية بالإجماع؛ فإذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد من المسلمين مع علمهم به أثموا جميعا، فكان تمام الغسل من جانب البعض مسقطا للإثم في حق الباقين؛ وذلك لتمام المقصود، ووجوب غسل المسلم كوجوب الصلاة عليه؛ لأن غسل الميت والصلاة عليه متلازمان؛ شأنهما في ذلك شأن تكفين الميت وإدخاله القبر.
بيان من له الحق في القيام بغسل المتوفى
الأصل في غسل المرأة أن تغسلها النساء، وفي غسل الرجل أن يغسله الرجال، وذلك لأن النظر إلى العورة منهي عنه شرعا، لقول الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم﴾ [النور: 30].
قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 103، ط. المكتب الإسلامي): [الأصل أن يغسل الرجال الرجال، والنساء النساء، وأولى الرجال بالرجل أولاهم بالصلاة عليه.. والنساء أولى بغسل المرأة بكل حال. وليس للرجل غسل المرأة إلا لأحد أسباب ثلاثة: أحدها: الزوجية. الثاني: المحرمية. الثالث: ملك اليمين].
تغسيل الزوج زوجته المتوفاة
جمهور الفقهاء يجيزون للزوج تغسيل زوجته المتوفاة، خلافا للحنفية؛ حيث انقطع عقد النكاح عندهم بالموت، فأصبح الزوج أجنبيا عنها، فلم يجز له النظر إليها ولا مسها، فإذا ماتت الزوجة بين رجال وكان بينهم زوجها يممها زوجها؛ تنزيلا للتيمم منزلة الغسل للضرورة.
جاء في "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (1/ 572، ط. دار الكتب العلمية): [الرجل لا يغسل زوجته؛ لانقطاع النكاح، وإذا لم توجد امرأة لتغسيلها ييممها، وليس عليه غض بصره عن ذراعيها، بخلاف الأجنبي].
وأما الجمهور فيستدلون على الجواز بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها: «ما ضرك لو مت قبلي، فقمت عليك، فغسلتك، وكفنتك، وصليت عليك، ودفنتك» رواه الإمام أحمد في "مسنده" وابن ماجه في "السنن"، وصححه ابن حبان.
وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن فاطمة رضي لله عنها «أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء فغسلاها» رواه الإمام الشافعي في "مسنده"، وابن شبة في "تاريخ المدينة" والدارقطني في "سننه" وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير": ورواه البيهقي من وجه آخر عن أسماء بنت عميس، وإسناده حسن.
فعند المالكية: يغسل الرجل زوجته حتى مع وجود النساء، ويقدم الزوج عندهم في تغسيل زوجته، وتقدم الزوجة في تغسيل زوجها وإن أوصى كل واحد منهما بخلاف ذلك.
جاء في "المدونة" (1/ 260، ط. دار الكتب): [قال: وسألته عن الرجل يغسل امرأته في الحضر وعنده نساء يغسلنها؟ فقال: نعم] .. وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشية على الشرح الكبير" (1/ 408، ط. دار الفكر): [وقدم على العصبة الزوجان؛ أي: الحي منهما في تغسيل الميت منهما ولو أوصى بخلافه].
وعند الشافعية: يجوز للزوج تغسيل زوجته المتوفاة على العموم دونما قيد حتى مع وجود النساء؛ لأن حقوق النكاح لا تنتهي بالموت؛ بدليل وجود الميراث، وهو أثر ترتب على النكاح، ولذلك كانت حقوق الزوجية مستمرة.. قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 322، ط. دار المعرفة): [تغسل المرأة زوجها، والرجل امرأته] .. وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 302، ط. دار الكتاب الإسلامي): [للرجل غسل زوجته ولو كتابية وإن تزوج أختها أو أربعا سواها؛ لأن حقوق النكاح لا تنقطع بالموت، بدليل التوارث].
وعند الحنابلة: يغسل الزوج زوجته والزوجة تغسل زوجها. جاء في "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص: 212، ط. مكتبة ابن تيمية): [سمعت أحمد بن محمد بن حنبل، سئل عن الرجل يغسل امرأته؟ قال: "بلى، ما اختلفوا فيه، لا بأس به، والمرأة وتغسل زوجها أيضا"].