حكم تغسيل الميت وهل فرض على الأحياء؟ أمينة الفتوى تجيب
ADVERTISEMENT
أكدت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الشريعة الإسلامية تُولي اهتمامًا كبيرًا بتكريم الإنسان حتى بعد وفاته، موضحة أنه يجب على المسلمين الالتزام بعدد من الإجراءات التي تُعبر عن احترام الميت وتكريمه، وهذه الإجراءات تشمل تغسيل الميت، تكفينه، الصلاة عليه، ودفنه.
تغسيل الميت يُعتبر من حقوق الأحياء
وقالت أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في فتوى له، إن تغسيل الميت يُعتبر من حقوق الأحياء تجاه الموتى، وهو واجب شرعي يُعبِّر عن تكريم الله عز وجل للإنسان حتى بعد وفاته، مؤكدة على أنه فيما يخص تغسيل الرجل، يتم من قِبل الرجال ويتم غسل الجسد ثلاث مرات أو أكثر باستخدام الماء الطاهر".
تغسيل المرأة فيتم من قِبل النساء
وتابعت: "أما بالنسبة لتغسيل المرأة، فيتم من قِبل النساء، ويتم بنفس الطريقة مع مراعاة الحشمة والاحترام، واستخدام المواد المطهرة ذاتها".
واستكملت: "بعد الانتهاء من غسل الميت، يأتي دور تكفينه. يُفَضَّل تكفين الميت بثلاثة أقمشة: القميص، الإزار، والرداء. وهذا يُعبر عن احترام الجسد ويُعتبر من سُبُل تكريمه".
الصلاة على الميت
وأشارت إلى أن الصلاة على الميت هي من أبرز واجبات المسلمين تجاه المتوفى، حيث يُدعى للميت بالمغفرة والرحمة، "الصلاة على الجنازة تُقام في المسجد أو أي مكان مناسب، وتُعَد من دعاء المصلين للميت، وهذا جزء مهم من عملية التكريم."
وفيما يخص دفن الميت، أوضحت: "يتم نقل الجثمان إلى المقبرة ويتم دفنه وفقاً للسنة النبوية، حيث يُفَضَّل دفنه على جانبه الأيمن، ويُستكمل بالدعاء للميت بالرحمة والمغفرة".
من يجوز له حضور غسل الميت؟
حذرت دار الإفتاء، من حُضُور من لا يُحتاجُ إليه في غسل الميت، مؤكدة أنه يستحب الاقتصار على من يُغَسِّلُ الميت ومن يعينه فقط، ويكره حضور من لا يُحتاجُ إليه في الغُسْل.
هل يجوز لأي شخص حضور غسل الميت
من المستحب أن الذي يحضر غسل الميت هو فقط من يُغَسِّلُه، ومن يعينه في تغسيله، ويكره حضور من لا تستدعي الحاجة حضوره؛ فالإنسان بطبيعة حاله لا يحب أن يطلع على عورته أحد؛ فدائمًا ما يحب أن تُحفظ حرمتُه، سواء كان حيًّا أو ميتًا.
وتابعت: وقد حرصت الشريعة الإسلامية على صون حرمة الميت وبالغت في ذلك وحثَّت عليه؛ قال النبي ﷺ: «مَن غَسَّلَ ميتًا، فأدَّى فيه الأمانة، ولم يُفْش عليه ما يكون منه عند ذلك، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه» رواه الإمام أحمد.
آداب التعامل مع الميت
إن آداب التعامل مع الميت تتمثَّل في كل ما من شأنه تكريمه وصيانته عن كل ما يسوؤه، وأهم مظاهرها: غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وذلك من فروض الكفاية، ومنها: عدم إفشاء سرِّه، واستعمال الماء المناسب من حيث الحرارة والبرودة في تغسيله، ويصان الميت عن التعامل معه بكل ما يؤذيه لو كان حيًّا في غير حالة الضرورة أو ما في معناها.
آداب التعامل مع الميت عند تغسيله
آداب التعامل مع الميت المسلم التي كفلها الشرع الشريف للميت تتلخص في العمل على كل ما من شأنه تكريم هذا الميت وصيانته عن كل ما يسوؤه، وأهم مظاهر التكريم للإنسان المسلم بعد وفاته على أخيه الحي تتمثل في غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وذلك من فروض الكفاية الثابتة بالسُّنَّةِ وإجماع الأُمَّة؛ وقد ورد في الحديث المتفق عليه عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الرجل المحرم الذي وقصته ناقته: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ».
قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 98، ط. المكتب الإسلامي): [غسل الميت فرض كفاية، وكذا التكفين والصلاة عليه والدفن بالإجماع].
وتعجيل القيام بالأمور المذكورة مطلوب كذلك؛ فروى الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ».
وقال الزبير بن العوام رضي الله عنه: "إنما كرامة الميت تعجيلُه" رواه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (3/ 1050، ط. جدة).
والغسل والتكفين والصلاة على الميت والدفن كلها أمور رئيسة تشتمل على آداب فرعية، وقد جمع الإمام ابن الحاج في "المدخل" (3/ 235-237، ط. دار التراث) جملة من الآداب التي ينبغي القيام بها تجاه الميت فقال: [فإذا قَضىَ الميتُ فليشتغل من حضره بحقه ويأخذ في إصلاح شأنه. فمن ذلك: أن يُغْمِضَ عينيه؛ لِئَلَّا تبقى مفتوحتين.. وينبغي له أن يأخذ عصابة أو طرف عمامة أو غيرهما ويجعلها تحت ذقنه ويشدها على رأسه، لِئَلَّا تسترخي ذقنه فيبقى فَاهُ مفتوحًا.. ثم يليّن مفاصله ويمدّ يديه مدًّا، وكذلك ركبتيه حين خروج الروح منه، وليحذر أن يؤخر ذلك؛ لئلا يتعذر مدها.. ثم يزيل ما عليه من الثياب ما عدا القميص، ثم يجعله على شيء مرتفع كدكة ونحوها؛ لئلا يتسارع إليه الهوام والتغيير ويسجى بثوب، ثم يأخذ في تجهيزه على الفور؛ لأن من إكرام الميت الاستعجال بدفنه ومواراته، اللهم إلا أن يكون موته فجأة أو بصعق أو غرق أو سبتة أو ما أشبه ذلك، فلا يستعجل عليه ويمهل حتى يتحقق موته، ولو أتى عليه اليومان والثلاثة ما لم يظهر تغييره فيحصل التيقن بموته؛ لئلا يدفن حيًّا فيحتاط له، وقد وقع ذلك لكثير، فيتحفظ من هذا. وإذا فعل به ما تقدم ذكره من تليين مفاصله وغيرها فليكن ذلك بتؤدة ووقار؛ لأنّ حرمة الميت كحرمة الحي.
ويسمي الله عز وجل عند الأخذ في ذلك فيقول: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. وييسر قبل غسله ما يحتاج إليه من الكفن، والحنوط ويبخر الكفن ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، ثم بعد ذلك يأخذ في غسله، فيشدّ على وسط الميت مئزرًا غليظًا، ثم يعريه من القميص وبعد ذلك يغسله، وهذا مذهب مالك، ومذهب الشافعي أن يغسل في قميص ولا يعرى.. وينبغي أن يجعل على عورته خرقة غليظة فوق المئزر حتى لا توصف العورة. وينبغي أن لا يحضره أحد إذ ذاك إلا الغاسل وحده، اللهم إلا أن يكون الغاسل يحتاج إلى مَن يعينه، فيجوز ذلك على سبيل الضرورة، والضرورة لها أحكام.
وينبغي أن يكون الغاسل ومن يعينه من أهل الديانة والأمانة؛ لأنَّ المحل مضطر إلى ذلك؛ لأن الميت قد يتغير حاله، وهو الغالب فإذا رآه أحد فقد يخيل إليه أن ذلك من شقاوته. وينبغي له أنه إن رأى خيرًا فإن شاء ذكره، وإن شاء تركه، وإن رأى غير ذلك سكت عنه ولا يبوح به لأحد].