ياسر حمدي يكتب: ما المطلوب من الحكومة الجديدة؟
ADVERTISEMENT
بعد نجاح الرئيس السيسي بفترة ولاية جديدة، وبعد ما حلف اليمن الدستوري في شهر رمضان الماضي بمجلس النواب الجديد بالعاصمة الإدارية، بدأت التكهنات حول الحكومة الجديدة، ومن وقتها وينتظر المصريين من هو رئيس الوزراء القادم، ومن المرات القليلة التي يتفق فيها الشعب المصري حول موضوع ما، كانوا جميعًا على قلب رجل واحد يتوقعون رئيسًا للحكومة خلفًا للدكتور مصطفى مدبولي الذي قدم استقالة حكومته بالأمس!.
لكن الرئيس كان له رأي أخر؛ وكلف الدكتور مدبولي بتكليف حكومة جديدة، لكن هذه المرة وطبقًا لمًا نشره المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، أمس، فإن الرئيس السيسي طلب من رئيس الوزراء أن تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عدد من الأهداف، وإذا تمكنت الحكومة من تحقيق هذه الأهداف فعلًا على أرض الواقع فإنها تكون قد نجحت نجاحًا باهرًا.
وفي كل مرة يتم تشكيل حكومة جديدة «سواء كانت تعديلًا أي استمرار رئيس الحكومة مع تعديلات كبيرة أو صغيرة في الوزراء، أو تغييرًا شاملًا، بمعنى تكليف رئيس وزراء جديد بالتشكيل» فإن المواطنين يأملون أن تتحسن أحوالهم، ويتم تعظيم الإيجابيات إذا وجدت، وتلافي السلبيات.
عندما راهن الرئيس على الشعب المصري أمام العالم، كان يعرف ما يقول، عندما راهن الرئيس على تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي المؤلمة التي وضعها للنهوض بهذا البلد من مستنقع المسكنات الذي كان يغرق فيه، كان يعي جيدًا أن وراءه شعبًا يستحق أن يعيش حياة كريمة، عندما رفع الرئيس قبضة يده في مناسبات عديدة يؤكد فيها أن الشعب المصري عندما يقف يدًا واحدة، سيهزم كل من يحاول النيل من هذا الوطن.
نعم الرئيس راهن، وما زال يراهن، وما زال يكسب الرهان، ولا يزال يمضي في طريق بناء مصر الجديدة القوية، وخلفه شعب يظهر كالأسد وقت الأزمات، ويساند قواته المسلحة التي تحدت الزمن وكسرت شوكة الإرهاب الأسود الذي كان سيقضي على أي استقرار أو إصلاح.
لقد حقق الرئيس المستحيل بإصلاح البنية التحتية لمصر، التي كانت مخلوطة بفساد أكثر من ٤٠ عامًا، وتحدى التحدي بإنشاء أكبر شبكة طرق عالمية لتشجيع الاستثمار، والتجارة، وتم إنجاز مشروعات قومية لمصر في ١٠ سنوات كانت تستغرق ٥٠ عامًا، ولولا الأزمة الاقتصادية العالمية ومن قبلها مشكلة كورونا، وبعدها المشكلة الروسية الأوكرانية وبعض قرارات الحكومة السابقة التي أثرت على الاقتصاد المصري بالسلب لتحقق المزيد من المشروعات.
لكن وقفنا لندفع فاتورة الإصلاح بسياسات حكومية فاشلة أدت إلى إرتفاع الأسعار، والغلاء الفاحش، بصورة لم يسبق لها مثيل، وفساد ما زال يضرب بجذوره في كافة المصالح، ويحاول الرئيس معالجته برقمنة مؤسسات الدولة، ولكن هل يتم الإصلاح دون محاسبة أحد تسبب في هذا الغلاء الفاحش الذي يزداد يومًا بعد يوم؟ هل نبني بلدًا جديدًا دون محاسبة الفساد المستشري في المحليات، وغيرها من المؤسسات، أعتقد أن الرئيس السيسي لا يمكنه ترك المتسبب في كل هذه الأزمات دون محاسبة.
الرئيس عندما وجه رئيس الوزراء بتكليف الحكومة الجديدة هل أدرك الدكتور مصطفى مدبولي جيدًا حجم المشاكل والأزمات التي تتعرض لها مصر؟، الرئيس دائمًا ما كان يناشد الحكومة المستقيلة بمصارحة الشعب بحقائق المشاكل والأزمات التي تواجه الحكومة، فهل ستتعلم الحكومة الجديدة من أخطاء الماضي وتسعى لتلبية احتياجات الشعب المصري بالقضاء على غلاء الأسعار، وتوفير الحياة الكريمة التي يستحقها هذا الشعب!!؟.
هل يعي رئيس الحكومة الجديدة أن المواطن الذي يدفع فاتورة الإصلاح أصبح يتحمل إلى هذا الحد الذي تقصم فيه ظهره، في ظل إرتفاع أسعار كل شىء، والرقابة الغائبة عن الأسواق، وهل سيراعي في تشكيله الجديد إختيار وزراء جدد متخصصون في حل هذه الأزمات، ولديهم القدرة من القضاء على هذه المشاكل، أم أنهم يهيلون التراب على إنجازات الرئيس بتصريحاتهم المستفزة للشعب كسابقيهم، أليس من حق هذا الشعب محاسبة بل ومحاكمة هؤلاء المحتكرين، أليس من حق الشعب محاسبة كل من احتكر السلع الغذائية، والدواء، وأيضًا اختفاء مستلزمات الدعامات، والقسطرة بمعظم المستشفيات!! أليس من حق الشعب المصري العظيم أن يجني ثمار الإصلاح الاقتصادي الذي دفع فاتورته من دم قلبه!؟.
أليس من حق هذا الشعب القضاء على مشكلة انقطاع الكهرباء!؟.. أليس من حق هذا الشعب كذا وكذا وكذا.. طبعًا تلبية مطالب جميع المواطنين بالصورة التي يريدونها غاية لا تدرك سواء في مصر أو أي دولة أخرى متقدمة كانت أو نامية، لكن ما نقصده هو تحسين الأحوال حتى ولو بنسبة معينة، بحيث يشعر غالبية المواطنين أن هناك تحسنًا في حياتهم أو على الأقل عدم تدهور حياتهم أكثر مما هي متدهورة.
على الحكومة الجديدة أن تسعى جاهدة في جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية وتشجيع القطاع الخاص، وتعمل على الحد من إرتفاع الأسعار والتضخم، وتقوم بضبط الأسواق، وأظن أن هذه النقطة يطالب بها الجميع، والسؤال المنطقي هو كيف يمكن للحكومة الجديدة أن تحقق هذا الهدف الذي أخفقت فيه العديد من الحكومات في السنوات الماضية بما فيها الحكومة الأخيرة!؟.
تكليف الرئيس السيسي للحكومة الجديدة جاء مشروط بتنفيذ أربعة أهداف رئيسية محددة وهي: «الحفاظ على الأمن القومي المصري، وبناء الإنسان المصري، خصوصًا في مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، ومواصلة تطوير المشاركة السياسية»، وجميعها نقاط في غاية الأهمية، وتعني الإدراك بأهمية المشاكل والأزمات التي تواجه القطر المصري، الأهم هو تكليف الرئيس الدكتور مدبولي بضرورة مشاركة كل القوى والأحزاب السياسية المؤمنة بالقانون والدستور والدولة المدنية في تقديم حلول لكل المشاكل والازمات وبالأخص الاقتصادية من خلال الحوار الوطني.
لو أن الحكومة الجديدة نجحت في تنفيذ ٥٪ فقط مما جاء في تكليفات الرئيس السيسي فسيكون ذلك إنجازًا عظيمًا.. إن مصر لا تحتاج إلى حكومة تفكر دائمًا في زيادة الأعباء على المواطن، مصر تحتاج إلى حكومة إقتصادية تؤلف من رجال يعرفون كيفية تفكيك كل هذه الألغاز، وجني ثمار الإصلاح الذي قام به رئيس يحارب طواحين الهواء لبناء مصر جديدة قوية يستحقها شعب صابر يستحق الحياة الكريمة!.