عاجل
السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: الرئيس السيسي.. والقضية الفلسطينية

ياسر حمدي/ كاتب صحفي
ياسر حمدي/ كاتب صحفي

لم يكن إهتمام الرئيس السيسي بالقضية الفلسطينية ودعمه لها منذ أن أصبح رئيسًا للجمهورية فحسب، بل حرص على دعمه المطلق لهذه القضية التي يعتبرها قضية العرب الأولى من قبل ذلك بكثير، واحتلت الاهتمام الأكبر منه في التعامل معها، وكان من أكثر الزعماء اهتمامًا بها، حيث اعتبرها جزءاً من الأمن المصري، وليست مجرد قضية فلسطينية، والآن يسعى بشتى الطرق للتفاوض لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة ووقف الحرب والوصول إلى حلول شاملة وعادلة.
الرئيس السيسي حرص خلال السنوات الماضية على إيجاد سند قانوني لقيام دولة فلسطينية معترف بها من الأمم المتحدة ومن الدول الاعضاء بها وكذلك من المنظمات الإقليمية والدولية الفاعلة في السياسية الدولية، ويأتي هذا الحرص عن اقتناع تام بأن تحقيق هذه الخطوة هامة جدًا لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.

ومنذ طوفان الأقصى في ال ٧ من أكتوبر الماضي حاول البعض المزايدة على دور مصر والرئيس السيسي في دعم القضية الفلسطينية، والحقيقة ما هي إلا أكاذيب مفضوحة ومحاولات لـ لي الحقائق والتضليل، فتصريحات رئيس الجمهورية بخصوص القضية واضحة ولا تقبل الجدل ولا النقاش، كما عمل على نسف مخطط التهجير التي كانت تسعى إليه حكومة الإحتلال، وقضى على فكرة تصفية القضية بموقفه الثابت والمعلن منذ اللحظة الأولى.

فمنذ أن كان وزيرًا للدفاع وبعد أن أصبح رئيسًا للجمهورية وحقق إنجازًا خاصًا بالقضية الفلسطينية، حيث نجحت مصر في عهده في إقناع حركتي «فتح وحماس» بالتوقيع على إتفاقية المصالحة التي طالما سعى إليها وأكد عليها في لقاءاته وحواراته في جميع وسائل الإعلام المصرية والعربية والعالمية.

حرص على إبلاغ الفصائل الفلسطينية منذ بداية الحوار بأنها لا تشكل بديلاً عن السلطة الفلسطينية، وأن عليها جميعاً التفكير في المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وتوحيد رؤيتها مما يدفع الأطراف الدولية إلى معاودة الاهتمام بعملية السلام في الشرق الأوسط بعد أن أصبحت هذه الأطراف على اقتناع بأن ما يجري في الأراضي الفلسطينية قد أضر بالقضية الفلسطينية.

وبعد توليه الرئاسة ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلاً عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين، وتقديم المساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني.

مصر دائمًا رائدة ففي ظل حربها ضد الإرهاب ومواجهة المشاكل الاقصادية وجدنا الرئيس عبدالفتاح السيسي يعلن خلال لقاءاته مع المسؤليين الفلسطينيين وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس وخلال كلمته بمحافظة أسيوط خلال إفتتاح أحد المشروعات في مايو 2016 على عدة محاور: «مصر ستواصل مساعيها الدؤوبة من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية - والتوصل لتسوية عادلة وشاملة من شأنه أن يدعم استقرار المنطقة ويساهم في الحد من الاضطراب الذي يشهده الشرق الأوسط - ضرورة الحفاظ على الثوابت العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية - ندعم الفلسطينيين في خطواتهم المقبلة سواء بالمشاركة في تنفيذ المبادرة الفرنسية، أو الذهاب إلى مجلس الأمن».

الرئيس السيسي هو أول رئيس جمهورية في العالم ينتفض لقتل الأبرياء من الشعب الفلسطيني في غزة، ومنذ اليوم الأول لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الإحتلال الإسرائيلي على سكان القطاع أعلن رفضه التام لها ودعى العالم إلى مؤتمر دولي في القاهرة لوقف هذا العدوان، وكان المؤتمر بمثابة نموذج للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكد فيه على موقف مصر الداعم والثابت تجاه القضية الفلسطينية، وهو حل الدولتين لإقامة السلام العادل والشامل.

مصر بقيادة السيسي تحركت على عدة أصعدة منها المسار القانوني الدولي، حيث تدخلت رسميًا لدعم الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي تستهدف كشف جرائم الإحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة واستخدام سلاح التجويع لكسر الصمود الفلسطيني وتهجير الفلسطينيين قسرًا من خلال منع الغذاء والدواء والكهرباء والماء، وبالأمس أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن رئيس حكومة الإحتلال نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي مجرمي حرب، وثبت بحقهم جريمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني تكليلًا للجهود المصرية المبذولة.

وفي إطار جهود الدولة المصرية ومساعيها لوقف نزيف الدم الفلسطيني ووقف المعاناة وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير في رفح وإغلاق المعبر من الجانب الفلسطيني وتفاقم الأوضاع الإنسانية، تتحرك مصر بقيادة الرئيس السيسي على جميع المسارات وبشكل متواز، فعلى الصعيد الأمني تبذل مصر قصارى جهدها لوقف هذا التصعيد بل مارست وتمارس أقصى درجات ضبط النفس بما يفوق طاقة البشر مستخدمة مع الصهاينه «صبر أيوب» وهو ما انعكس في متابعة قيادة الدولة التطورات المتلاحقة في قطاع غزة وتوجيهها بضرورة تكثيف الإجراءات للحيلولة دون مزيد من التصعيد في غزة.
ومنذ اليوم التالي لطوفان الأقصى وعندما أعلنت دولة الإحتلال عزمها شن الحرب على غزة أمر الرئيس السيسي الجيش المصري بالتحرك السريع والتجهيز على الحدود المصرية الإسرائيلية والإستعداد التام لأي سيناريو محتمل، وفي هذا الصدد أعلنت جريدة واشنطن بوست في تقريرها أن الجيش المصري نشر أكثر من ١٠٠ الف مقاتل بالإضافة إلى المدرعات والمدافع الثقيلة والطائرات على حدوده مع فلسطين وإسرائيل.

وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي برزت الجهود المصرية في هذا المسار في الاتصالات المكثفة مع الأطراف المعنية، والضغط على حكومة الإحتلال لوقف التصعيد الإسرائيلي في رفح، والعمل على العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مؤقت ودائم، وهو ما اضطر حكومة الإحتلال الإسرائيلي لإرسال وفدها مرة أخرى للقاهرة صباح الجمعة الماضية لاستئناف المفاوضات بعدما لوحت القيادة المصرية وهددت بإلغاء معاهدة السلام.

وعلى الصعيد الإنساني أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بتجهيز القوافل والمساعدات الإنسانية وفتح معبر رفح لتوصيلها لقطاع غزة، وبذلت مصر جهودًا مضنية لتوصيل كافة المساعدات من دواء وغذاء ووقود للفلسطينيين، وأرسلت القاهرة لوحدها ما يفوق ثلثي حجم المساعدات وباقي دول العالم مجمعة أقل من الثلث، وحينما تعصر وصول المساعدات برًا عملت الحكومة المصرية على توصياتها من خلال جسر جوي.

حكومة الإحتلال عملت على منع دخول المساعدات الإنسانية بما يؤدي إلى تداعيات كارثية خطيرة، وموت الآلاف نتيجة لنقص الغذاء والدواء، والقصف العشوائي المتواصل ضد التجمعات المدنية الفلسطينية، وبالطبع أكاذيب الجانب الإسرائيلي المحتل بشأن غلق مصر معبر رفح وتصريحاتها في هذا الشأن ما هي إلا أكاذيب مفضوحة ومحاولات لـ لي الحقائق والتنصل من الجريمة البشعة التي ارتكبتها، حيث أشاد رئيس العمليات لمنطقة الشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر روبير مارديني بالتعاون الوثيق بين اللجنة والحكومة المصرية في إطار الجهود المبذولة لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في أزمته الراهنة.

كما ثمن روبير مارديني في هذا الصدد سماح السلطات المصرية بدخول المصابين الفلسطينيين للعلاج في المستشفيات المصرية، فضلاً عن السماح بدخول شحنات المساعدات من الأدوية والمواد الغذائية والمهمات الطبية، وهذا وحده كافي لأن يرد على إدعاءات حكومة الإحتلال ومن وراءها ذباب السوشيال ميديال من أنصار الجماعة الإرهابية التي تريد لي الحقائق.
والمدهش أنه في الوقت الذي اتخذ فيه الرئيس السيسي قرارات تاريخية من أجل القضية الفلسطينية والتي من أهمها: إعلان القاهرة وقف اللقاءات العسكرية التي كانت تتم بين الطرفين للسيطرة على حرب الإبادة الحالية في غزة، وإعلان مصر أنها قد تلجأ إلى تخفيض المستوى الدبلوماسي بعد الفترة القادمة مع إسرائيل، وأن مصر قد تدرس تجميد عمليه السلام، وغيرها الكثير من الإجراءات التي قد تتخذها القيادة المصرية حيال هذا التصعيد، نجد دولًا للأسف عربية ويمتلكون نفوذًا إقتصاديًا قويًا يستطيعوا من خلاله الضغط على حكومة الإحتلال بوقف الحرب في الحال، نجد هذه الدول تُلوّح بانخراطهم في اتفاقيات السلام الإبراهيمي مع إسرائيل!!.

والغريب أن هذه الدول ورؤساءها وملوكها وأمرائها تعتز بذلك ولم توجه لهم أي إساءة واحدة ولم تتهم دولهم ولا حكوماتهم بالتخاذل تجاه القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت تُهاجم مصر وتُتهم بأنها تقاعست عن القضية.. مصر المدافع الأول عن القضية هي ورئيسها وجيشها هاجت ضدهم ذباب التواصل الإجتماعي من أنصار جماعة الإخوان الإرهابية وغيرهم من قوى الشر في المنطقة واتهموا بالخيانة والتخاذل وبيع القضية الفلسطينية!!، فهل هذا يصدقه عقل!؟.

مصر بتوجيهات الرئيس السيسي مازالت تسعى إلى إتمام عمليه السلام وتقريب وجهات النظر بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وبين الإحتلال الإسرائيلي من أجل الوصول إلى هدنة دائمة ووقف الحرب وإدخال المساعدات، وتصر على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية وعدم تصفيتها، وتعمل على تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة والذي لم ولن يتحقق إلا بحل الدولتين وقيام مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بمسؤولياتهما ودورهما بتطبيق قراراتهما تجاه حكومة الإحتلال!!.

تابع موقع تحيا مصر علي