"السنوار".. مطلوب "حيا أو ميتا" من الاحتلال!
ADVERTISEMENT
لا حديث خلال الساعات الماضية في الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي إلا عن العقل المدبر لعملية طوفان الأقصى، يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي لعب دورًا رئيسيًا في رسم الخطط التي أربكت قادة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة مخابراته. أطلقت عليه دولة الاحتلال وزير دفاع حماس، وتعتبره مهندس هجوم السابع من أكتوبر، وتضعه على قائمتها للاغتيالات وهو مطلوب حيّا أو ميتا كما تحث الفلسطينيين في غزة للإبلاغ عن مكانه وتعدهم بتقصير أمد الحرب إذا تم القبض عليه. كما أدرجته الولايات المتحدة منذ عام 2015 على لائحتها السوداء "للإرهابيين الدوليين"، إلى جانب محمد الضيف، القائد الحالي لكتائب عز الدين القسام والعقل المدبر الثاني لهجوم السابع من أكتوبر، وفقًا للكيان المحتل. لذلك، احتل السنوار مؤخرا العناوين الكبرى لوسائل الإعلام عبر العالم وتصدّرَ محرك البحث جوجل.
ولد يحيى السنوار في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة وانضم لحركة حماس التي أسسها الشيخ أحمد ياسين قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1987. انتخبته حماس رئيساً للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفاً لإسماعيل هنية. وكان السنوار قد أنشأ الجهاز الأمني للحركة في العام 1988، وهو المسؤول عن ملاحقة المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل. ومن القصص التي تُروى من البعض أن السنوار خنق جاسوسًا متعاونًا مع دولة الاحتلال بالكوفية الفلسطينية حتى الموت!
وكان السنوار، 61 عاما، قد أمضى في السجون الاسرائيلية 23 عامًا بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1988 بتهمة القيام "بأنشطة إرهابية"، وصدرت عليه أربعة أحكام بالسجن المؤبد. وتم إطلاق سراحه ضمن 1027 فلسطينيا في صفقة تبادل للأسرى في أكتوبر2011، في إطار اتفاق للإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي احتجزته حماس لخمس سنوات في القطاع.
وتولى السنوار قيادة حركة حماس في غزة عام 2017، وأظهر قوة وإرادة في التغلب على الأوضاع الصعبة في قطاع غزة والتي تفتقر لكل مستلزمات الحياة الكريمة. وصفه موقع ميديا بارت الفرنسي بـ "الرجل الذي أرعب إسرائيل". وبينما توقع سياسيون أن السنوار سيكتفي بدور الدبلوماسي للتفاوض على تبادل "السجناء بالرهائن"، فاجأ الجميع وأظهر قدرة على التخطيط والتدريب والمباغتة. وقد استحدث شكلًا من أشكال المواجهة مع إسرائيل كانت بعيدة عن التوقعات، بل كانت في نظر البعض مستحيلة، بسبب التفاوت الكبير في ميزان القوى على كافة المستويات العسكرية والاستخباراتية والمادية.
وقد اعتبرت بعض الصحف العبرية بل وحتى العالمية أن السنوار يقف وراء الفشل الاستخباراتي والمتسبب في "نكسة تشبه هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر"، المعروفة لدى اليهود بـ "يوم كيبور"، خاصة أن توقيت عملية طوفان الأقصى تزامنت مع مرور نصف قرن على هزيمة الدولة العبرية من الجيش المصري في السادس من أكتوبر عام 1973. وقد تجددت هزيمتها ويعود للسنوار العقل المدبر لعملية الأقصى تلك الخطة التي اعتمدت على الخداع الاستراتيجي حيث أعطت الانطباع لأكثر من سنتين بأن المقاومة لا تريد القتال وغير مستعدة للدخول في مواجهات مع الاحتلال. في حين أن قوات المقاومة كانت بصدد التدريب على الإنزال العسكري والتحضير للعملية الضخمة من خلال بناء نماذج محاكاة لمستوطنات إسرائيلية وهمية وتم تدريب عناصر حماس على اقتحامها. ونجحت الخديعة للمرة الثانية مباغتة الأجهزة الأمنية لدولة الاحتلال. وهذا ما ذكره مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: "جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال، بينما كانوا طوال الوقت ماضون في التدريبات".
وعلّقت "لوفيجارو" بأن السنوار اعتمد مسارا "راديكاليا في التخطيط العسكري وآخر براجماتيا في السياسة"، موضحة أنه "لا يدعو إلى القوة من أجل القوة بل من أجل إجراء مفاوضات" مع الدولة العبرية. وسنرى في الأيام المقبلة مدى صحة هذا الموقف، وإذا ما كانت دولة الاحتلال يمكن بالفعل أن تذهب إلى أي مفاوضات قبل إبادة شعب غزة بأكمله، خاصة في ضوء تهديد وزير دفاع الكيان الإسرائيلي يوآف غالانت في وقت سابق بأن الهدف الآن هو "العثور على السنوار والقضاء عليه"!