عاجل
الخميس 14 نوفمبر 2024 الموافق 12 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

"المياه ابتلعت ابني أمام عيني".. ناجون من جحيم فيضانات ليبيا يروون مأساتهم

تحيا مصر

لحظات مرعبة عاشها الناجون من كارثة الفيضانات التي ابتلعت كل شيء حولهم وحولت مناطق في ثواني معدودة رأسا على عقباً و إلى  مدن ممتلئة بالجثث ومقابر جماعية، وفقد فيها عائلات احبائهم ومنازلهم تحولت إلى أنقاض، فبين أب وأم فقدوا أولادهم أو ابن وابنة فقدوا آباءهم في غمضة عين أو أسر أصبحت ضحايا الفيضانات. 

تحيا مصر 

أحد الناجين من الفيضانات: بنتي تاهت في الظلام ووسط الفيضانات 

ويروي أحد الناجين من فيضانات لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية عن  ابنته المفقودة البالغة من العمر 20 عاماً منذ الكارثة التي ضربت مدينة درنة الليبية يوم الأحد، عندما اختفت وتاهت في الظلام وسط فيضانات كارثية أودت بحياة الآلاف وجرفت الكثيرين إلى الشوارع البحر.

ويقول أحد الناجين في حسرة"مشيت سيرا على الأقدام للبحث عنها. ذهبت إلى جميع المستشفيات والمدارس" . وقال الرجل البالغ من العمر 52 عاماً والدموع تنهمر على وجهه: "لكن الحظ لم يكن إلى جانبي".

وأضاف:"كنت أعمل ليلة الفيضانات التي دمرت مساحات واسعة من المدينة الساحلية على البحر المتوسط. وجرفت الفيضانات مباني بأكملها في وسط مدينة درنة، بينما كانت الأسر نائمة" .

ويقدر المسؤولون عدد المفقودين بنحو 10 آلاف شخص. ويقول الهلال الأحمر الليبي إن ما يقرب من 2000 جثة جرفتها المياه إلى البحر.

وبعد ظهر الخميس، تناثرت ملابس الأطفال وألعابهم وأحذيتهم ومتعلقاتهم الأخرى على طول الشاطئ بسبب الفيضانات. وظهرت قدم من تحت كومة من الحطام. وغطى الطين الشوارع واقتلعت الأشجار ومئات السيارات المحطمة التي انقلب الكثير منها على جوانبها أو انقلبت رأسا على عقب.

أحد الناجين: فقدت أخي ولم أعثر على جثته

وقال سالم عمر، وهو مهندس يبلغ من العمر 38 عاماً: "نجوت أنا وزوجتي، لكنني فقدت أخي". "يعيش أخي في وسط المدينة، حيث وقع معظم الدمار. لم نعثر على جثته ونخشى أن تصاب الجثث بأمراض خطيرة”.

وأضاف "عشرات الآلاف من الأشخاص أصبحوا الآن بلا مأوى. نحن بحاجة إلى المساعدة الدولية. ليبيا لا تملك الخبرة اللازمة للتعامل مع مثل هذه الكوارث”.

وقال عمدة درنة، عبد المنعم الغيثي، إن عدد القتلى في المدينة قد يصل إلى ما بين 20 ألفاً و25 ألفاً، استناداً إلى عدد الأحياء التي غمرتها الفيضانات. كما غمرت العاصفة دانيال المناطق المجاورة، بما في ذلك منتجع سوسة الساحلي. 

وقال الغيثي إن فرق الإنقاذ وصلت إلى درنة من مصر وتونس والإمارات وتركيا وقطر. وقال: "نحن في الواقع بحاجة إلى فرق متخصصة لاستعادة الجثث". “أخشى أن ينتشر الوباء في المدينة بسبب كثرة الجثث تحت الأنقاض وفي المياه”.

وأفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 30 ألف شخص قد نزحوا في درنة، وتركوا جوعى ومشردين.

وعمليات الإنقاذ معقدة بسبب الانقسام السياسي في ليبيا، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 7 ملايين نسمة. لقد شهدت حربًا متقطعة منذ عام 2011، عندما أطاحت انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي بمعمر القذافي . وتفتقر ليبيا إلى حكومة مركزية ولديها إدارتين متوازيتين.

وراء هذا الانقسام السياسة هناك مآسي إنسانية. وفقدت عائلة 40 من أقاربها بعد أن جرفت المياه منزلهم المطل على وادي درنة. وفي قصة مفجعة أخرى، نجا أب من نفسه، لكنه شاهد بلا حول ولا قوة بينما يموت ابنه الوحيد، الذي كان يبلغ من العمر 22 عامًا، أمام عينيه. وتحدث الرجل – الذي طلب عدم الكشف عن اسمه – من داخل مستشفى درنة المكتظ والممتلئ بالمصابين.

أب: المياه ابتلعت ابني أمام عيني ولم استطيع انقاذه

يتذكر الأب وهو يتحدث بصعوبة واضحة: "في الساعة الثانية صباحًا، بعد أن ارتفعت الفيضانات إلى مستويات خطيرة ووصلت إلى منزلنا، ذهبت لإحضار ابني". "كان ابني في منزل أحد الأصدقاء. وبعد لحظات من وصولي إليه، غمرتنا المياه ودفعتنا نحو السطح. قاتلنا لساعات" .

"وفي نهاية المطاف، حملت المياه ابني بعيدًا أمام عيني، وضربت رأسه بالباب. وظل عالقا هناك حتى الصباح. وكانت آخر الكلمات التي سمعتها منه هي: سامحني يا أبي، فقد فقدت ابني الوحيد. لقد كان طالباً جامعياً ".

وتعرضت درنة من قبل لكوارث طبيعية، بما في ذلك فيضان عام 1941، خلال الحرب العالمية الثانية، والذي تسبب في خسائر كبيرة للجيش الألماني المتمركز على أطراف المدينة. وحدثت فيضانات كارثية أخرى في عامي 1959 و1968 وأخرى في عام 1986، والتي - على الرغم من شدتها - تم تخفيفها من خلال وجود السدود التي لعبت دورًا حاسمًا في منع الأضرار التي لحقت بالمدينة.

وتواجه فرق الإنقاذ من كافة أنحاء شرق وغرب ليبيا صعوبات في الوصول إلى الأحياء المتضررة في درنة والمدن الجبلية الأخرى. وانهارت معظم الطرق والجسور المؤدية إليها. لا توجد اتصالات داخل درنة، مع انقطاع خدمات الهاتف والإنترنت.

وانقسمت المدينة نفسها إلى نصفين منفصلين، مع وجود بقايا السيول التي خلفتها العاصفة والموارد المحدودة المتاحة لفرق الإنقاذ. وقد دفع ذلك السلطات الليبية إلى طلب المساعدة الدولية بشكل عاجل لإنقاذ ما تبقى من المدينة. 

تابع موقع تحيا مصر علي