الدكتور على جمعة: الإسلام جعل منظومة الأخلاق مطلقة لهذه الأسباب
ADVERTISEMENT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن الله سبحانه وتعالى باقٍ، قبل الأكوان، ومع الأكوان، وبعد الأكوان، وهو جل وعلا خَلَقَ خلقًا يحتاج إليه، وخلق خلقًا لا يكون فيه شيء إلا ما أراد، خلق خلقًا له نهاية، كما أن له بداية، والله تبارك وتعالى: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ».
الله لا يحتاج إلى أحدٍ من خلقه
وأوضح مفتي الجمهورية السابق، أن الشاعر يقول:
وَكُلُّ مَا جَازَ عَلَيْهِ الْعَدَمُ.. عَلَيْهِ قَطْعًا يَسْتَحِيلُ الْقِدَمُ
لكن الباقي؛ ولأنه خارج عن الزمان، وعن المكان، مفارق لهذه الأكوان، لا يحل في شيء منها، ولا يتحد مع شيء منها؛ فإنه لا بداية له، وهو قديم لا أول له.
وهو سبحانه وتعالى لا نهاية له، فهو الأول والآخر، والمقدم والمؤخر، وهو القائم بذاته سبحانه وتعالى، ولا يحتاج إلى أحدٍ من خلقه، ولا يحتاج إلى شيء من كونه، فقد كان قبل خلق الأكوان، وهو الآن على ما عليه كان، ثم هو الذي يقدر فناءها، ثم هو الذي يعيدها سبحانه وتعالى كما أنشأنا أول مرة.
لماذا كانت منظومة الأخلاق مطلقة؟
وأشار عضو هيئة كبار علماء الأزهر، إلى أن الله جل جلاله هو الحقيقة، والحق المطلق الباقي؛ ومن أجل هذا كانت منظومة الأخلاق مطلقة، بمعنى أن العدل عدل، وأن الظلم ظلم، وأن الحسن حسن، وأن القبيح قبيح، وأن الله سبحانه وتعالى لا يتغير، ولا يتبدل، وهو الذي يبقى بعد فناء الإنسان، وبعد تطور الأجيال، وبعد تدهور الدهور، وبعد انهيار العصور، أو بعد تقدمها، وبعد تطورها؛ لكنه سبحانه تعالى لا يحول، ولا يتحول؛ ولذلك فهو المطلق، الذي لا إله إلا هو.
من أجل ذلك آمن المسلمون بتلك الأخلاق المطلقة، لم يعرفوا أن يكيلوا بمكيالين، ولا أن يزنوا بميزانين؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو رب المشارق والمغارب، وهو رب العالمين، وهو ربنا أجمعين، رب السلف، ورب الخلف، رب السابقين، ورب اللاحقين؛ لأنه باق سبحانه وتعالى؛ فهذا هو القدر الذي لا يتغير، الثابت، الذي أَثَّرَ في قبول أخلاق المسلمين.
عدم الدعوة إلى الظلم.. ووجوب الالتزم بالعدل
وأوضح رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أنه ولذلك يتحير الكثير من المسلمين، في فهم أولئك الذين يرون الأخلاق نسبية؛ تختلف باختلاف المكان والزمان والأحوال والمصالح والأشخاص، فَمَنْ كان معنا ليس كَمَنْ كان ضدنا؛ بغض النظر عن كل القيم.
أما ربنا الباقي فيقول لنا: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}. يعني: كراهيتنا لأقوام، أو نزاعنا وخصامنا معهم، أو تعارض مصالحنا مع مصالحهم، لا يدعونا إلى الظلم، بل يجب علينا أن نلتزم بالعدل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.