مفتي الجمهورية: تعلم أحكام عقد الزواج واجب على الشباب

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول السائل فيه: أنا مقبلٌ على الزواج ولا أعلم أحكامه؛ فنصحني البعض بضرورة تعلم أحكام عقد الزواج؛ حتى لا أوقع نفسي أو غيري في حرج أو إثم بسبب عدم علمي بذلك، وذلك من خلال الدورات التي تنظمها الجهات المتخصصة في هذا الشأن؛ فما قولكم في ذلك، وهل يجب عليَّ تعلم أحكام عقد الزواج؟

مفتي الجمهورية: نهر النيل سيد الأنهار.. وهو من نعم الله على مصر

هل الزوجة التي قتلت زوجها عمدا لها الحق في الميراث؟ دار الإفتاء توضح

يجب على المكلف أن يتعلم حكم الله في كل ما يُقدِم عليه

قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن نصوص الفقهاء تواردت على أنه يجب على المكلف أن يتعلم حكم الله تعالى في كل ما يُقدِم عليه من أفعال - من حيث الوجوب والجواز والحرمة - وذلك قبل أن يشرع فيها؛ حتى لا يقع في الإثم والمعصية من حيث لا يعلم ولا يدري.

ونصُّوا على أن ذلك يشمل جميع أفعاله؛ سواء أكانت من العبادات كالصلاة والصوم، أم من المعاملات كالبيع والشراء والإجارة، أم من المناكحات.. إلخ. بل حكى بعضهم الإجماعَ على ذلك.

دورات تعلم أحكام عقد الزواج

وأكد فضيلة مفتي الجمهورية، أن دورات تعلم أحكام عقد الزواج، هي دورات تأهيلية تنظمها الجهات الرسمية في الدولة أو غيرها، وتعد وسيلة من وسائل معرفة الإنسان أحكام الزواج ومتطلباته وما يلزم عنه من حقوق وواجبات، فحسن بكل من يقبل على الزواج أن يدرك ما لها من أهمية فيسعى لحضورها ويرشد من سيشاركه الحياة الزوجية إلى حضورها أيضًا قبل الشروع في الزواج.

قال العلامة الونشريسي المالكي في (المعيار المعرب والجامع المغرب): «ويا عجبًا كيف يفني عمره في البحث عن المقامات والأحوال، قبل مطالبة النفس في التخلص من التباعات المالية والعرضية، وقبل البحث عما يلزمه فرضًا مجمعًا عليه، وهو ألَّا يقدم على فعل ولا قول ولا حركة ولا سكون حتى يعرف حكم الله تعالى عليه في ذلك» اهـ.

مفتي الجمهورية يوضح حكم إلغاء حفل الزفاف وإخراج تكاليفه للفقراء والمحتاجين

مفتي الجمهورية: دماء غير المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام كحرمة دماء وأموال وأعراض المسلمين

وقال الإمام القرافي في (أنوار البروق في أنواء الفروق) - حاكيًا الإجماع عن الإمام الشافعي والإمام الغزالي - على: «أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عيَّنه الله وشرعه في البيع، ومَن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض، ومن صلَّى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة، وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال، فمَن تعلم وعمل بمقتضى ما عَلِمَ؛ أطاع الله تعالى طاعتين، ومَن لم يَعلم ولم يَعمل؛ فقد عصى الله معصيتين، ومَن عَلِمَ ولم يَعمل بمقتضى علمه؛ فقد أطاع الله تعالى طاعةً وعصاه معصيةً».

ويدل على هذه القاعدة أيضًا من جهة القرآن: قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: «إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ»، ومعناه: ما ليس لي بجوازِ سؤاله عِلْمٌ؛ فَدَلَّ ذلك على أنه لا يجوز له أن يُقدِم على الدعاء والسؤال إلا بعد عِلْمِهِ بحُكم الله تعالى في ذلك السؤال وأنه جائز] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في (كشاف القناع): «حكى بعضهم الإجماع على أنه لا يجوز لمكلف أن يُقدِم على فعلٍ حتى يَعلم حكم الله فيه» اهـ.

الزواج مِن أخص العقود

وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية، أنه لَمَّا كان الزواج مِن أخص العقود وأكثرها خصوصية وأهمية؛ استحق بذلك أن يكون مِن أَوْلَى العقود وأوَّلها في أهمية وضرورة تعلم أحكامه، والوقوف على حقيقته وما يلزم لدوامه واستقراره.