حكم صيام يوم عاشوراء منفردا.. دار الإفتاء توضح
ADVERTISEMENT
حكم صيام يوم عاشوراء منفردا، من المسائل الشرعية التي يبحث عنها كثير من المسلمين؛ إذ ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول السائل فيه: ما حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا خاصة وأن عاشوراء هذا العام سيوافق يوم الجمعة؟
حكم صيام يوم عاشوراء منفردا إذا وافق الجمعة
وحول حكم صيام يوم عاشوراء منفردا إذا وافق يوم الجمعة، أوضحت دار الإفتاء، أنه يُكرَه صيام يوم الجمعة منفردًا إلا إذا كان لسبب؛ كأن وافق عادةً للمسلم؛ كمَن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو إذا وافق يوم عرفة، أو إذا وافق يوم عاشوراء، أو يوم النصف من شعبان، أو غير ذلك من صوم النافلة، أو نذر صيام يوم يقدُمُ فيه غائبه أو يُشْفَى فيه مريضه فوافق يوم الجمعة، أو كان الصوم لقضاء ما على المسلم من رمضان.
جاء في (المغني) لابن قدامة: «وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ؛ مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ، وَنَحْوِ ذَلِك» اهـ.
وأكدت دار الإفتاء، في معرض حديثها عن حكم صيام يوم عاشوراء منفردا إذا وافق يوم الجمعة، أنه لا مانع شرعًا من إفراد يوم الجمعة بالصوم فيه إذا وافق يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر الله المحرم.
صيام يوم عاشوراء منفردا
وأشارت دار الإفتاء، إلى أنه يجوز شرعًا صيام يوم عاشوراء منفردًا سواء وافق يوم الجمعة أم غيره، وذلك لعدم ورود النهي عنه، ولثبوت الفضل والأجر لمن صامه ولو منفردًا، إلا أنه يستحب صوم يوم قبله أو يوم بعده لمن استطاع.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري في (صحيحه).
صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة قبله
وتابعت دار الإفتاء، في سياق تبيين حكم صيام يوم عاشوراء منفردا: أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله الحرام المحرم، وصيامه ثابت عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسنَّة الفعلية والقولية، ويثاب فاعل هذه السنة بتكفير ذنوب سنة قبله كما مر من الأحاديث.
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» أخرجه مسلم في (صحيحه).
ولكن يستحب صوم يوم التاسع من شهر المحرم مع يوم عاشوراء؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ. أخرجه مسلم في (صحيحه).
قال الإمام النووي في(المجموع): «وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ» اهـ. وقال الإمام البهوتي الحنبلي في (الكشاف القناع عن متن الإقناع): «وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصَّوْمِ، قَالَ فِي "الْمُبْدِعِ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ» اهـ.
وذهب الحنفية إلى أن إفراد يوم عاشوراء بالصوم مكروهٌ كراهة تنزيه؛ جاء في (حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح): «(وأما) القسم السادس وهو المكروه فهو قسمان: مكروه تنزيهًا، ومكروه تحريمًا، الأول الذي كُره تنزيهًا كصوم يوم عاشوراء منفردًا عن التاسع أو الحادي عشر» اهـ.
وبناءً عليه: فيجوز صوم يوم العاشر من شهر الله المحرم منفردًا، ويستحب مع ذلك صوم يوم قبله أو يوم بعده خروجًا من الخلاف.