مفتي الجمهورية: ولي الأمر له حق تقييد حركة البيع والشراء لدفع الضرر
ADVERTISEMENT
قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الأصل في البيع والشراء أنهما مُباحان لا إيجاب على المكلف فيهما؛ لقول الله تعالى: «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا» (البقرة: 275)، وذلك يقتضي أن الإنسان حرٌّ فيما يبيعُه أو يشتريه، إلا إذا كان شيئًا محرَّمًا، فالأصل أنه يحرم التعامل فيه بالبيع أو الشراء.
حق ولي الأمر في تقييد المباح
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية، أنه فإذا اقتضَت المصلحة العامة تقييد هذا المباح في زمنٍ معيَّنٍ؛ لدفع الضرر عن عموم الناس، وتحقيق المصالح لهم في أمور معاشهم، كان لوليِّ الأمر أن يُقيده؛ بمعنى: أنَّ له الحقَّ في تقييد مَن يكون له البيع أو الشراء، ثم إلزام الناس بهذا التقييد بمقتضى الصلاحية التي أعطاها له الشرع، وهذا مِن قَبيل السياسة الشرعية التي تُقَدَّم فيها المصلحةُ العامة على المصلحة الخاصة.
طعام الناس وأقواتهم
وأشار مفتي الجمهورية، أن الأمر إذا تعلق بطعام الناس وأقواتِهِم وحاجَاتِهِم الضرورية التي لا غنى لهم عنها، وكان السبيل إلى دفع الضرر عنهم في ذلك هو تقييد حركة البيع والشراء في شيء منها، كان التقييدُ حينئذٍ آكَدَ وأَوْلَى.
لأنَّ طعام الناس وأقواتَهُم مِن أهَمِّ الضروريات التي يجب الحرص عليها ويَحرم التهاون بها، إذ هي عصب الحياة التي لا تستقيم إلا بها، وفي الحفاظ عليها حياةٌ للنفوس، وفي تضييعها تضييعٌ للنفوس، وحفظ النفس من أوجب الواجبات، بل هو أسمى المقاصد التي جاء الشرع الشريف بحفظها، ولهذا وجب على وليِّ الأمر أن يتخذ مِنَ المقوِّمات والاحترازات ما يضمن به الحفاظ على أقوات رَعِيَّتِهِ.
وقد تقرر في علم الأصول أنَّ «ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ»؛ كما في (المحصول) للإمام الرَّازِيِّ، و(الإحكام) للإمام الآمِدِيِّ، و(قواعد الأحكام) لسلطان العلماء العِزِّ بن عبد السلام، و(الفروق) لشهاب الدين القَرَافِيِّ.
النبي أول من قيد المباح
وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية، أنه لأهمية هذا المقصد النبيل، فقد حرص سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم على ترسيخه وبيانه لأُمَّتِهِ تمَام البيان، فكان صلى الله عليه وآله وسلم أوَّلَ مَن قيَّد المباح لأَجْلِهِ، وذلك أنه لَمَّا دخل بعضُ الفقراء المدينةَ أيام الأضحى، نَهَى عن ادِّخارِ لحومِ الأضاحي فوق ثلاثة أيامٍ في هذا العام بخصوصه حتى يُتصدق به؛ فَيَطْعَمَ الناسُ ويُكفَى المحتاجون.