علي جمعة: الهجرة طلبًا للعلم وبعدًا عن المعصية باقية إلى يوم الدين
ADVERTISEMENT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن سيدنا النبي ﷺ عندما أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ضرب لنا مثلاً إلى يوم الدين لهجرة الأمن، ومعناها أن من ضيق عليه في وطنه فلم يأمن على نفسه أو ماله أو عرضه فله أن ينتقل إلى بلاد أخرى يكون فيها الأمن والأمان.
الهجرة إلى الحبشة
وأضاف مفتي الجمهورية السابق، أن سيدنا النبي ﷺ أيضًا عندما أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فقد ضرب لنا مثلاً بهجرة الإيمان التي فعلها كل الأنبياء فهاجروا بالمؤمنين من أماكنهم فرأينا سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة السلام وهو يقول: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، سيدنا إبراهيم ترك قومه وهاجر هجرة إيمان، وقد تكون أيضًا هجرة أمن لأنهم ألقوه في النار، وهاجر سيدنا موسى عليه السلام ببني إسرائيل، وهاجر سيدنا عيسى عليه السلام إلى مصر صغيرًا، وهاجر سيدنا نوح عليه السلام بسفينته فراراً من الغرق.
وأوضح عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أن هجرة الأنبياء موجودة بتفاصيلها في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن مما يرضي الله أن تهاجر في سبيله أمنًا أو إيمانًا، لكن الهجرة المخصوصة التي قُسِّمَ الصحابة بشأنها إلى المهاجرين والأنصار انتهت بالفتح حتى قال رسول ﷺ بعد فتح مكة: «لا هجرة بعد الفتح؛ وإنما جهادٌ ونية».
الهجرة الإيمانية باقية إلى يوم الدين
وأكد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم فتح لنا باب الهجرة ووسع معناها جدا، حتى قال ﷺ «والمهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه». يعني بعد ما قفل الهجرة المصطفوية لانتهاء زمانها فتح لنا الهجرة الإيمانية لبقائها إلى يوم الدين، «والمهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه» ، وفي حديث «ولو أن تهاجر شبرًا من الأرض» فما معنى "تهاجر شبرًا من الأرض"؟
فكان بعض مشايخنا قديمًا كان فيه -وما زالت- زحام في المواصلات، واختلاط الرجال بالنساء، وتأذي من هذا، فكان يقول: الآن ظهر الحديث، لو تحركت شبر حتى تحافظ على حرمة المرأة -أختك في الله- لكي لا تضايقها، فقد هاجرت في سبيل الله.
كنا نعتقد أن "شبر" مجاز، وليس حقيقة، لكن اكتشفنا أن شبر حقيقي، أن تهاجر في سبيل الله، يعني بعدًا عن الأذية، والضرر، والإضرار، والمعصية، وقلة الأدب، وقلة الحياء، وقلة الديانة، هاجر.
معنى الهجرة واسع
وتابع مفتي الجمهورية السابق: ويحدث أن يتحول أحدهم من مكتبه إلى الحجرة التي بجواره، ينقل من هنا لهنا، ونيته في ذلك: أَلَّا يسمع الْغِيبة، ولا النميمة، ولا البهتان، ولا .... ، فيكون بذلك هاجر متر من الأرض، وهكذا، وهذا شعور ما زال باقيًا في صدر المؤمن، أن يهاجر في سبيل الله؛ ولو شبرًا من الأرض.
إذن معنى الهجرة واسع قد تكون: الهجرة للأمن، وقد تكون للإيمان، وقد تكون بعدًا عن المعصية، وقد تكون طلبًا للعلم، وقد تكون بِرًّا بالوالدين، وقد تكون في سبيل الله؛ طلبًا للجهاد بكل أنواعه، وقد تكون طلبًا للرزق، وغير ذلك.