علي جمعة يوضح كيف يسيطر الإنسان على حواسه وشهواته
ADVERTISEMENT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن الله تعالى هو الملك وله المالكية وله الملكية المطلقة الكاملة، فهو المالك المَلك المليك الكامل؛ فما معنى التخلق بهذا الاسم الشريف؟ معناه أن تجعل الدنيا كلها بيدك ولا تجعلها بقلبك، مطلق التوكل والاعتماد والاستناد إلى الله سبحانه وتعالى، حينئذٍ أيها المسلم ستكون مستجاب الدعاء تمد يدك إلى السماء يا رب فلا تنتهي إلا وقد أجاب الله دعائك، فأخرج السوى من قلبك والأكوان واملأها باسمه «الملك» سبحانه وتعالى.
كيفية السيطرة على الحواس والشهوات؟
وأوضح عضو هيئة كبار علماء الأزهر: أن «الملك» فيها سيطرة؛ فالملك يسيطر على رعاياه وعلى جنوده؛ فمن رعاياك وجنودك؟ قلبك.. من جنودك؟ شهواتك.. من جنودك؟ عينك وأذنك ولسانك وسكونك وحركتك، تفعل بها ما كلفك الله به أو تفعل الشر، فإذا كنت ملكًا فينبغي أن تطيعك هذه الرعايا وتلك الجنود فلا تصل إلى مقام الملكية إلا إذا استطعت أن تسيطر على حواسك وشهواتك.
إذا استطعت أن تفعل ذلك لله فأنت الملك، ملك على المجاز حيث إن الطاعة إنما هي بتوفيق الله سبحانه وتعالى فهو الذي أعطاك الملك حينئذٍ، وستشعر بلذةٍ في قلبك يتكلم عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقول: «المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير»، المؤمن القوي من كل جهة هو ملك.
أهل الله في لذة لو عرفها ملوك الدنيا لقاتلوهم عليها
وأكد الدكتور علي جمعة، أن أهل الله يقولون: «إننا في لذة لو عرفها ملوك الدنيا لقاتلونا عليها بالسيوف»، نعم هو ليس في يده شئ من حُطام الدنيا ولا سلطان له على خلق الله لكنه ملك لأنه قانع بما قسم الله، ولأنه مسيطر على شهواته وحواسّه لله، ولأن جنوده ورعاياه يطيعونه فلا يتأخرون عنه في نصرته في طاعة الله فهو ملك على الحقيقة، ولأنه يدرك أن ذلك الملك لا حول له فيه ولا قوة إنما هو منحة من الله سبحانه وتعالى.
إذا أردت أن تكون ملكًا في الدنيا لا تُغريك زخارفها ولا حطامها، إذا أردت أن تتصرف في الأكوان على مرادك فيكون كل ما وقع موافقًا لهواك اجعل نفسك وشهوتك تحت سلطانك وسيطرتك وتملك عليها فإذ بك أيها المسلم عبدًا ربانيًا تقول للشئ كن فيكون بإذن الله.
هناك رابطة قوية لـ الملك في عالم التخلق
وأشار رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إلى أن «المَلك» صفة افتقدناها في أنفسنا وافتقدنا معناها، فلا القوة أردنا لأنفسنا ولا السيطرة والسلطان فيما يرضي الله، ولا الطاعة قد عودنا عليها حواسنا وشهواتنا، وبعد ذلك نذكر بألسنتنا دون قلوبنا، وبأفواهنا دون أفعالنا.
«يا ملك يا قدوس برحمتك نستغيث»؛ فكما أن هناك رابطةً قوية وسلطانًا باهرا ومعنًا محترما للملك في عالم التخلّق، فإن الله هو مالك الملك في عالم التعلّق ويمكن لك أن تلتجئ إليه، وأن تُلح في الدعاء، وأن يشغلك ذكره عن مسألته فيعطيك أحسن ما يعطي السائلين، يمكن أن تتعلق به فيما نحن فيه من ورطة فهو مالك الملك يؤتي الملك من يشاء سواء أكان كافرًا أو مؤمنا، عادلاً أو ظالما فمرة يجعل الملك منحة ومرة يجعل الملك محنة: «وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ».