عاجل
السبت 02 نوفمبر 2024 الموافق 30 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

دار الإفتاء عن حكم الصلاة بالحذاء: جائزة إذا تحققت الطهارة

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول السائل فيه: ما حكم الصلاة بالحذاء؟ وهل من باب اللياقة والذوق والأدب أن يقف الإنسان في حضرة الله سبحانه وتعالى لابسًا حذاءه وقت الصلاة؟

حكم الصلاة بالحذاء

وأوضحت دار الإفتاء، أنه فيما يتعلق بـ حكم الصلاة بالحذاء، فقد روي عن أبي مسلمة بن يزيد الأزدي قال: سألت أنسًا رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم (رواه البخاري ومسلم).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا، لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا». وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا» رواهما أبو داود.

وعن أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نعليه، فصلى الناس في نعالهم، فخلع نعليه، فخلعوا، فلما صلى قال: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَعْلَيْهِ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَخْلَعَ فَلْيَخْلَعْ»، وهو حديث مرسل صحيح الإسناد.

الصلاة في الحذاء مشروعة

وأشارت دار الإفتاء، إلى أن هذه الأحاديث دالة على مشروعية الصلاة في الحذاء وعلى الإباحة والتخيير فيها، ولذلك اختلف عمل الصحابة والتابعين في ذلك؛ فكان لا يصلي في النعلين: عبد الله بن عمر، وأبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم، وكان ممن يصلي فيها من الصحابة: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وعويمر بن ساعدة، وسلمة بن الأكوع، وأويس الثقفي، رضي الله عنهم، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، والقاسم، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله، ومجاهد، وشريح القاضي، وطاوس، وأبو عمرو الشيباني، والأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي، وعلي بن الحسين، رضي الله عنهم.

ومحل جواز الصلاة في النعال: إذا لم يكن بها نجاسة؛ كما نص عليه العلامة القسطلاني في (شرح حديث البخاري)، والنووي في (شرح حديث مسلم).

كيفية طهارة الحذاء؟

وقالت دار الإفتاء، أن الفقهاء اختلفوا فيما به يطهر الحذاء في القذر والخبيث؛ هل يطهر بالحك في التراب والدلك في الأرض، أو لا بد من غسله بالماء؟

قال الإمام القسطلاني في (إرشاد الساري شرح صحيح البخاري): «واختلف فيما إذا كان بها نجاسة؛ فعند الشافعية لا يطهرها إلا الماء. وقال الإمام مالك والإمام أبو حنيفة: إن كانت يابسة أجزأ حكها، وإن كانت رطبة تعين الماء».

وقال الإمام النووي في (شرح النووي على مسلم): «ولو أصاب أسفل الخف نجاسة ومسحه على الأرض؛ فهل تصح صلاته؟ فيه خلاف للعلماء، وهما قولان للإمام الشافعي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الأصح: لا يصح»، أي: ويتعين تطهيرها بالماء.

وقال الإمام الشوكاني في (نيل الأوطار): «روى أحمد وأبو داود عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ؛ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ:« لِمَ خَلَعْتُمْ» قَالُوا: رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا. فَقَالَ: «إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا؛ فَإِنْ رَأَى فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا».

وقال أيضًا: «ووردت أحاديث من طرق عدة يقوي بعضها بعضًا دالة على أن النعل يطهر بالدلك في الأرض رطبًا كان الخبث أو يابسًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف والظاهرية وأبو ثور وإسحق وأحمد في رواية، وهي إحدى الروايتين عن الشافعي، وذهب العترة والشافعي ومحمد إلى أنه لا يطهر بالدلك لا رطبًا ولا يابسًا، وذهب الأكثر إلى أنه يطهر بالدلك يابسًا لا رطبًا».

حكم الصلاة بالحذاء يدور بين الندب والإباحة

وأكدت دار الإفتاء، أنه قد علم مما سبق؛ أن حكم الصلاة بالحذاء يدور بين الندب والإباحة، فلا يجوز اعتقاد وجوبها ولا اعتقاد حرمتها؛ لأن كليهما لم يشرع فيهما، فمن صلى فيها على وجه الندب، ومن تركها في الصلاة على وجه الإباحة؛ لم يتعد حدود الله فيها.

وأداء العامة في هذا الزمان الصلاة في المساجد بالأحذية أو بدونها أمر يحتاج إلى النظر فيما إذا كان في وسعهم أن يتحروا طهارة الأحذية ويتحققوا من خلوها من النجاسات والأقذار مع كثرتها في الطرق كما كان يتحرى الصحابة والسلف الصالح، وهل يمكن أن يبقى للمساجد حرمتها وللفرش التي بها نظافتها إذا اقتحموها للصلاة بأحذيتهم؟ والجواب عن ذلك: بالسلب، فإذا سلكنا بالعامة في هذا الباب مسلك ابن عمر وأبي موسى الأشعري من ترك الصلاة بالأحذية -وناهيك بهما تحريًا واقتداءً- وسعنا ذلك، وكان فيه اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض أحواله.

تابع موقع تحيا مصر علي