عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

مسلسل تحت الوصاية.. وقانون الأحوال الشخصية

تقوم استراتيجية بناء العمل الدرامي الاجتماعي، علي توجيه رسالة تمس قضايا اجتماعية من خلال عمل فني يستعرض إشكالية اجتماعية ويطرحها في أحداث درامية مثيرة، من شأنها تحريك القوى الفاعلة في المجتمع لإيجاد حل لهذه المشكلة.

مسلسل تحت الوصاية

ويطرح مسلسل تحت الوصاية، الذي تجسد بطولته الفنانة منى زكي، إشكالية معقدة جدًا، وهى قانون الوصاية الذي يمنع الأم من ممارسة أبسط حقوقها على أولادها بعد وفاة الأب، ويسلب منها حقوق طبيعية، وفي نفس الوقت يحارب المسلسل قاعدة التفرقة بين الجنسين ويستند إلى قاعدة المساواة وفقًا لما نص عليه الدستور المصري وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية بين الرجل والمرأة.

ويسرد مسلسل تحت الوصاية، جانب شديد الأهمية يتمثل في حجم معاناة المرأة المصرية بعد وفاة زوجها في حق الولاية التعليمية والولاية على النفس والمال للأطفال القصر.

وأغلب قوانين الأحوال الشخصية قوانين قديمة لا تناسب طبيعة العصر والمستجدات والتغيرات التي طرأت علي المجتمع، وقانون الأحوال الشخصية يخضع كليًا للآراء الفقهية في ظل غياب قانون مدني موحد مجرد من الانحيازات، ويتعامل مع المصريون سواء علي أساس المواطنة، بإعتبار أن القوانين شرعت لصالح الدولة والوطن والمواطن، وخصوصًا فيما يتعلق بمسائل جوهرية مثل منظومة الزواج والطلاق، وهنا تكمن المعضلة التي تعاني منها الدولة المصرية منذ قرون طويلة مضت فيما يتعلق بالتشريع؛ هل نلجئ لقوانين مدنية خالصة أم نستمر في العمل بقوانين دينية تحت راية أن الآراء الفقهية تصلح لكل زمان ومكان؟ 

الدولة هى الشخصية الاعتبارية التي تقوم علي الدستور والقانون

والدولة في تعريفها الكلاسيكي البسيط هى الشخصية الاعتبارية التي تقوم علي الدستور والقانون والمؤسسات، وبالتالي هذه الشخصية الاعتبارية لا يصح أن تكون شخصية متدينة؛ لأنها ليست شخص طبيعي، ولكنها مجرد شخصية اعتبارية، والشخصية الاعتبارية تحكم وطن له حدود ورقعة جغرافية يعيش بداخله الشرائح الاجتماعية المختلفة في الدين والاعتقاد والمذاهب والرؤية والأفكار والأيدلوجية.

وبالتالي فكرة طرح ديانة بعينها لجمع كل هذه الاختلافات هو أمر بات غير منطقي، والحل نقل تجارب الشعوب الأخرى في التعامل مع الدولة المدنية الحديثة باعتبارها دولة تستطيع جمع الاختلافات بكل أشكالها وأنواعها وتسمح بالتعددية السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية، وتستطيع تنظيم حياة المجتمع.

وبالعودة إلى مسلسل تحت الوصاية؛ نجد أن المادتين 53 و35 من قانون القاصرين تحدثتا عن الوصاية على المال، وهذا عبارة عن إجراء قانوني يتم للوصاية على مال القاصر أو عديم الأهلية ، كل ذلك من أجل رعاية مال الموصي عليه لحين بلوغه السن القانوني لاستلام المال الخاص به سواء كان أموالًا سائلة أو أملاك عقارية.

والوصاية الطبيعية في القانون لـ (الأب)، وفي حالة وفاة الأب تنتقل إلى (الجد من جهة الأب)، وفي حالة وفاته تنتقل إلى (الأم).

لماذا يتم منح الوصاية للأب دون أن يقتسم مع الأم نفس الوصاية

وهنا لابد من طرح سؤال: لماذا يتم منح الوصاية للأب دون أن يقتسم مع الأم نفس الوصاية (الوصاية المشتركة)، وتصبح الوصاية الطبيعية لـ (الأب والأم)، استنادًا لقاعدة المساواة بين الجنسين وهو قانون معمول به في كل الدول المتقدمة التي تستند إلى مرجعية مدنية،  وخصوصًا أن هؤلاء الأطفال جاءوا إلى الحياة من رحم المرأة، وهى صاحبة الجهد الأكبر في نشأتهم وتربيتهم وهي الملهمة لهم وصاحبة الفضل الأكبر في نشأتهم ورمز العطاء والحب الحقيقي.

ثم تأتي الاشكالية الأكبر بعد وفاة الأب، والمتمثلة في عدم قدرة الأم على ممارسة حقها الطبيعي في تولي الوصاية على تعليم الأطفال -إلا بعد إستصدار أمر قضائي يقضي لها بهذا الحق-  وأموالهم حتي يبلغوا سن الرشد، ويصبح الجد هو المتحكم في العلاقة بين الأم وأطفالها فيما يخص أموالهم وثروتهم لعدة سنوات.

وهنا ننادي بأن تكون فلسلفة المشرع والقائمين علي السلطة التشريعية في البلاد هى إدارك أمور باتت أساسية، وعلى رأسها قضايا المرأة، وضرورة الاحتكام إلى قواعد المساواة بين الجنسين باعتبار أن هذه القوانين هي الضمانة الحقيقية لعبور مصر إلى المستقبل.

تابع موقع تحيا مصر علي