علي جمعة: الأرجح والأوقع والأولى في عصرنا الحالي إخراج زكاة الفطر نقودا
ADVERTISEMENT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن الله شرع زكاة الفطر لحكم عالية، وأغراض غالية، نذكر منها التكافل الاجتماعي، وتعميق روح الإخاء الإنساني بين أفراد المجتمع المسلم، فينبغي على المسلم الذي أغناه الله من فضله ألا ينسى أخاه الفقير، وأن يسعى على تهدئة نفسه، وراحة باله من سؤال الناس في ذلك اليوم، حتى يفرح في العيد هو ومن يعول مثلما يفرح أخوه الغني، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أغنوهم في هذا اليوم عن السؤال».
زكاة الفطر.. وإدخال السرور على الفقراء
وأضاف، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أن الدين الإسلامي حث على الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات» (أبو داود، والحاكم في المستدرك).
وزكاة الفطر واجبة على كل نفس مؤمنة يخرجها العائل عن نفسه وعمن يعول، وتخرج بمقدار صاع من طعام من قوت أهل البلد، ويختلف وزن هذا الصاع باختلاف كثافة نوع الحبوب الذي يخرج منها الإنسان، فمثلاً صاع الأرز 2.400 كيلو جرام.
الأولى إخراج زكاة الفطر مالًا
وأشار الدكتور علي جمعة، إلى أنه في عصرنا هذا الأولى إخراج زكاة الفطر مالًا، وعلى ذلك فستتراوح قيمتها 30 جنية في أيامنا هذه، وقد ذهبنا إلى القول بإخراج زكاة الفطر من النقود موافقة لمذهب طائفة من العلماء يعتد بهم، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، منهم: الحسن البصري، حيث روي عنه أنه قال: «لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر»، وأبو إسحاق السبيعي، فعن زهير قال: «سمعت أبا إسحاق يقول: «أدركتهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام»، وعمر بن عبد العزيز، فعن وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: «نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته: نصف درهم»، وهو مذهب الثوري، وأبي حنيفة، وأبي يوسف.
وهو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، وهو أيضًا مذهب الإمام الناصر، والمؤيد بالله، من أئمة أهل البيت الزيدية، وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما هو مذهب بقية أهل البيت، أعني جواز القيمة عند الضرورة، وجعلوا منها: طلب الإمام المال بدل المنصوص.
وهو قول جماعة من المالكية كابن حبيب، وأصبغ، وابن أبي حازم، وابن دينار، وابن وهب، على ما يقتضيه إطلاق النفل عنهم في تجويز إخراج القيم في الزكاة، الشاملة لزكاة المال وزكاة الرؤوس، بخلاف ما نقلوه عن ابن القاسم وأشهب، من كونهما أجازا إخراج القيمة في الزكاة إلا زكاة الفطر وكفارة الأيمان.
الأوقع والأرجح الأخذ بمذهب أبي حنيفة
كل هؤلاء العلماء ذهبوا إلى ذلك في عصورهم القديمة وقد كان نظام المقايضة موجودًا، بمعنى أن كل السلع تصلح وسائل للتبادل وخاصة الحبوب، فكان يباع القمح بالشعير، والذرة بالقمح وهكذا، أما في عصرنا وقد انحصرت وسائل التبادل في النقود وحدها، فنرى أن هذا المذهب هو الأوقع والأرجح، بل نزعم أن من خالف من العلماء قديمًا لو أدرك زماننا لقال بقول أبي حنيفة، ويظهر لنا هذا من فقههم وقوة نظرهم.