سعد الدين الهلالي: الطلاق الشفوي غير مكتمل الأركان.. والتوثيق ضرورة (خاص)
ADVERTISEMENT
قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن المتتبع لمسألة الطلاق الشفوي يجد أنه أيام الرسول صلى الله عليه وسلم كان الزواج والطلاق شفويًا، ومضت الأيام وبعد 14 قرنًا من بعثة النبي ظهرت عوامل كثيرة دعت إلى ضرورة التوثيق، من هذه العوامل تعقد الحياة، وافتقاد الذمم، وسفر الأزواج إلى بلاد بعيدة بعد توافر وسائل المواصلات الحديثة، وزواج الغرباء (الزوج من دولة والزوجة من دولة أخرى، أو أنهما من محافظتين متباعدتين داخل الدولة الواحدة).
تبعيات مترتبة على الزواج
وأضاف أستاذ الفقه المقارن، في تصريحات خاصة لـ «تحيا مصر»، أن الزواج يترتب عليه تبعيات كثيرة كمسئولية الإنفاق والتربية والتنشئة، وعدم جمع الزوجة بين أكثر من زوج، وعدم جمع الزوج بين أكثر من 4 زوجات، وأن الزوج لا يتزوج زوجة ثانية إلا بمعرفة زوجته الأولى وأهلها والمجمتع... وهكذا، ومن أجل كل هذه التبعيات تنبهت الدولة المصرية وتوجهت إلى التوثيق، وبالفعل صدر قانون توثيق الزواج في الأول من أغسطس عام 1931 م، ومنذ ذلك التاريخ صار هناك (قبل) و(بعد).
بداية توثيق الزواج
وأشار الدكتور الهلالي، إلى أنه قبل 1 أغسطس 1931 م، كان كل الزواج والطلاق في مصر يتم بصورة شفوية، أما بداية من هذا التاريخ وما تلاه أصبح من أراد أن يوثق الزواج استدعى المأذون ووثقه، وبهذا التوثيق لم يعد الزواج كما كان يتم من طرفين فقط (زوج وزوجة)، وإنما صار من ثلاث أطراف بعد أن أضيف إلى طرفيه طرف ثالث هو الدولة.
ووقتها أضطرت الدولة أن تجعل التوثيق إختياريًا ولم تتجه إلى فرضه على المجتمع بسبب صدور فتاوى عارضت خطوة التوثيق بحجة أنه يُدخل في عقد الزواج ما ليس منه، وبعد سنوات عدة من هذه الخطوة اتجه الناس باختياراتهم إلى التوثيق حتى صار هو الأصل الآن، بعد أن أستقر الأهالي عليه ورفضوا أن يزوجوا بناتهم بدون توثيق خوفًا عليهن، كما أن الفتيات من وعيهن رأين أن الزواج الشفوي مضيعة لحقهن، وهكذا صار توثيق الزواج قناعة راسخة لدى جموع الشعب المصري وأنه الأمان والضامن لجدية الزيجة، وهذا ما جعل إتمام الزواج بصفة رسمية - عن طريق توثيقه - يُصبح وضعًا مستقرًا عند جميع المصريين، بما فيهم رجال الدين.
توثيق الطلاق أمر طبيعي
وتابع الدكتور الهلالي: ولأن الزواج الذي يتم بصفة رسمية، يكون من أطراف ثلاثة: الزوج وعائلته، والزوجة وعائلتها، والدولة التي تمثل الشعب؛ فكان من الطبيعي أن الطلاق إذا تم لابد أن يُوثق؛ لأن حل رباط الزوجية يجب أن يتم بحضور جميع الأطراف. فإن كان الزواج تم شفويًا ففي هذه الحالة يقع الطلاق مشافهة لأن الطرفين (الزوج والزوجة) حاضرين وعالمين، أما وأن الزواج صار في زماننا المعاصر موثقًا أي أن أطرافه ثلاثة (زوج وزوجة والدولة) فمن الطبيعي أن الطلاق حين يقع لابد من حضور الأطراف الثلاثة وهو ما يعني ضرورة توثيقه؛ لأن المنطق الطبيعي يقول: «إن الطلاق الشفوي للمتزوجين رسميًا (توثيقيًا) لم تكتمل أركانه»، ويجب أن يُدرس هذا في المجامع الفقهية.