دار الإفتاء توضح حكم صيام المغمى عليه
ADVERTISEMENT
تواصل دار الإفتاء المصرية، ردها على أسئلة الصائمين الراغبين في معرفة الأحكام الشرعية والآراء الفقهية المتعلقة بشهر رمضان المبارك، وفي هذا السياق ورد سؤال إلى علماء الدار يقول فيه السائل: أغمي عليَّ وأنا صائم في رمضان؛ فما أثر ذلك على الصوم؟
زمن الإغماء يحدد الحكم
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أنه إن استمر إغماء الصائم طوال اليوم، فلا يصحُّ صومه وعليه قضاء ذلك اليوم، وإن كان إغماؤه في جزءٍ من اليوم فصيامه صحيحٌ ولا قضاء عليه.
وأضافت الدار، أن صوم رمضان واجبٌ على كلّ مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم، وهو أحد أركان الإسلام، وقد وعد الله الصائمين بالأجر العظيم نظير صومهم، والفقهاء مجمعون على أنَّ صوم رمضان فريضة على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصوم.
استمرار الإغماء جميع اليوم
ومن أُغميَ عليه في رمضان فإمَّا أن يستمر إغماؤه جميع اليوم، وإمَّا أن يكون إغماؤه في جزء من اليوم.
فالحالة الأولى: أن يكون الإغماء مستمرًا جميع اليوم، بأن أُغميَ عليه قبل الفجر، ولم يَفِق إلَّا بعد المغرب؛ فجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على أنَّه لا يصحُّ صومه وعليه قضاء ذلك اليوم؛ إذ النية شرط لصحة الصوم، وهي لا تتصور من المغمى عليه حال إغمائه.
قال العلامة الخرشي في (شرحه على مختصر خليل): «إذا أُغميَ عليه اليوم كلَّه من فجره لغروبه فالقضاء، وكذا لو أغمي عليه جُلَّ اليوم سلِمَ أوَّله أم لا». وقال الإمام النووي في (المجموع): «لو نوى من الليل، ثم أغمي عليه جميع النهار، لم يصح صومه على المذهب». وقال الإمام المَرْدَاوي في (الإنصاف): «ومن نَوَى الصوم قبل الفجر، ثم جُنَّ، أو أغمي عليه جميع النهار: لم يصح صومه».
وذهب الحنفية إلى صحة صومه عن ذلك اليوم، دون ما بعده؛ لأن النية قد وُجِدت في الليل وزوال إدراكه بعد ذلك لا يمنع صحة الصيام كالنوم، وعلى ذلك فلو وُجِدت النية في جزءٍ من الليل حال إفاقته صَحَّ صومه عند الحنفية عن ذلك اليوم الذي نواه.
قال الإمام الكاساني في (بدائع الصنائع): (لو نوى الصَّوم من الليل، ثم جُنَّ في النهار، أو أغمي عليه، يصحُّ صومه في ذلك اليوم، ولا يصحُّ صومه في اليوم الثاني، لا لعدم أهلية الأداء، بل لعدم النية؛ لأنَّ النية من المجنون والمغمى عليه لا تُتَصوَّر).
حكم الإغماء بعض من اليوم
والحالة الثانية: أن يكون إغماؤه في جزءٍ من اليوم؛ فصيامه في هذه الحالة صحيح ولا قضاء عليه على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، على تفصيل بينهم في شروط ذلك؛ حيث اشترط المالكية أن تكون فترة إغمائه أقلَّ من نصف اليوم، وأن يكون مفيقًا عند الفجر لتصحَّ نيته، واشترط الشافعية في قولٍ عندهم أن تكون الإفاقة في أوَّل النهار.
قال العلامة الخرشي في (شرحه مختصر خليل): «لو أُغمي عليه أقلَّ اليوم وهو ما دون الجُّلِّ الشامل للنصف فإن لم يسلم أوَّله بأن طلع عليه الفجر مغمىً عليه بحيث لو كان صحيحًا ونوى لما صحَّت نيَّته فالقضاء أيضًا، وإن سَلِم قبل الفجر حتَّى طلع بحيث لو نوى لصحَّت نيته فلا قضاء عليه».
وقال الإمام النووي في (روضة الطالبين): «ولو نوى من الليل، ثم أغمي عليه، فالمذهب: أنَّه إن كان مفيقًا في جزءٍ من النهار، صحَّ صومه، وإلَّا، فلا، وهذا هو المنصوص في المختصر في باب الصيام. وفيه قول: أنه تشترط الإفاقة من أول النهار».
واختتمت دار الإفتاء، وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن كان إغماؤك مستوعبًا جميع اليوم فلا يصحُّ صومك، وعليك قضاء ذلك اليوم، وإن كان إغماؤك في جزءٍ من اليوم فصيامك صحيحٌ ولا قضاء عليك على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.