النائب محمد فؤاد يكتب: فن "التظبيط" بقيادة الدكتور معيط
ADVERTISEMENT
فلسفة الوظيفة الحكومية أساسها اتخاذ ما يلزم لصالح المواطن، والاعتبار له في أي قرار أو إستراتيجية يتم وضعها، ففي الأصل ووفق التعريف الدارج، فمسئولي الحكومة هم موظفين عند الشعب دورهم قضاء حوائجه وتنظيم الأمور لصالحه فقط، إلا أنه لدينا منطق مغاير تماما يقوده وزير المالية الحالي الدكتور محمد معيط.
فمشكلة الوزير أنه بيروقراطي قديم في أجهزة الدولة، ويعرف خبايا الوزارات واستطاع أن يتماشى مع أنظمة إدارة مختلفة في قطاعات الصحة أو التضامن أو المالية، لذلك فلسفة إعلاء مصلحة المواطن ليست على قائمة أولوياته، واستبدلها بأسلوب إدارة وقرارات هدفها فقط إرضاء من هم فوقه.
ولذلك فأزمات كبيرة تواجه المواطن، كالمعينين على الصناديق الخاصة أو أصحاب المعاشات لم يتضح أنها في قائمة اهتماماته، لأنه يعلم أن حلها لن يكون سببا في بقاءه في الوزارة، على العكس تماما من التغزل الدائم في أداء الاقتصاد والحديث عن تحقيق فائض أولي في الموازنة أو نجاح طروحات السندات.
احتككت مع الوزير مرارا وتكرار في أزمة العاملين المعينين على الصناديق الخاصة تحديدا، وللأمانة لم أشهد منه إلا أسلوب التسويف في الحل، و سياق أعذار لا تخص المشكلة من أصلها وحتى مع حلها يتحدث عن أعذار أخرى، حتى يجد حجة لعدم حل الأمر.
ورغم المعاناة الشديدة التي يوجهها قرابة نصف مليون موظف حكومي نتيجة عدم نقلهم للموازنة العامة، وتأخر رواتبهم وانعدام المساواة مع زملائهم في نفس الوظيفة، إلا أن الوزير لم يحرك ساكنا، واقتصر دوره على تصدير فكرة استحالة الحل.
فبعدما تقدمت بمشروع قانون ينص على النقل التدريجي للعاملين على الصناديق الخاصة إلى باب الأجور في الموازنة العامة، واستقطاع رواتبهم من أموال الصناديق حتى لا نرتب أعباء على الموازنة، استمر الوزير في المماطلة وبعد شهور عديدة من الوعود بالحل، خرج علينا ليقول أن قانون الخدمة المدنية يمنع ذلك.
تجاوبت مع الوزير وقدمت تعديلات على قانون الخدمة المدنية حتى لا يكون له عذرا في حل الأمر، حيث أن الطرح الذي قدمته لن يمثل عبئا على الموازنة العامة للدولة بأي شكل.
التهرب من المشكلة لن يحلها، فالحلول تأتى بالمواجهة ودراسة الواقع، فهؤلاء عاملون بالجهاز الإدارى للدولة يقومون بدورهم في المجتمع لذا ينبغي على الدولة اعطاءهم حقوقهم بالمساواة مع أقرانهم، ولكن أن يتحاشى وزير المالية جهود البرلمان لتوفيق أوضاعهم واستغلال حاجتهم للعمل فهذا أمر مرفوض.
يبدو أن السيد محمد معيط، متخيل أن قدرته على تضييع الوقت سوف تجنبه حل هذه الأزمة، ولكن أحذره من أن هذه الحسبة خاطئة ولن يستطيع من خلالها الاستمرار، فإن الاستماع لصوت الشعب و من قبله المنطق هو الحل لهذه الأزمة، و لا أعتقد أن "التظبيط" الأمور بهدف استنزاف الوقت ستحل الأمر أو تثني من يطالب بحقه عن عزمه.