عاجل
الثلاثاء 14 يناير 2025 الموافق 14 رجب 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

نقاش حكومى برلمانى ثرى حول موقف استجواب المتهم في غيبة محاميه بمشروع قانون الإجراءات الجنائية..الحكومة والنواب ينتصرون للدستور وحقوق الإنسان ويرفضون مقترح وزير العدل

مجلس النواب
مجلس النواب

مصفى بكري: أقترح إقرار الاستجواب مع المتهمين في غياب المحامي في حالات الضرورة وخشية ضياع الأدلة وهذا ليس انتقاص من حق الدفاع

النائب ضياء الدين دواد: هذا أمر لا يقره الدستور الذي حظر محاكمة المتهم إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب.

وزير العدل: الاستجواب في غياب المحامي للضرورة ليس خروجا على الأصل الدستوري ولكن معالجة لمشكال التطبيق العملي

نقيب المحامين: أطمئن وزير العدل إننا ملتزمون بجداول المحامين المنتدبين وعندنا 400 ألف محامي منتشرين في كل قرية ونجع

إيهاب الطماوي: تخوفات وزير العدل مشروعة لكن لا يمكن معالجتها بالاستثناء لأنها ستكون بها شبهة عدم دستورية ونقترح حلها بالمادة 111

المستشار محمود فوزي: نوافق على النص بدون استثناء والتحقيق يكون بحضور المحامي في كل الحالات ونشكر المجلس على المناقشة الديمقراطية

شهدت الجلسة العامة بمجلس النواب، برئاسة المستشار حنفي جبالي، نقاشا ثريًا حول حظر استجواب المتهم في غير حضور المحامي الوارد في نص المادة 104 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، حيث اقترح النائب مصطفى بكري جواز التحقيق مع المتهم في غير حضور محاميه بإضافة عبارة “إلا للضرورة” بعد الفقرة الأولى من المادة المشار إليها، ليكون نصها كالتالي: "لا يجوز لعضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه، بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً. إلا للضرورة.

وبرر “بكري” مقترحه - الذي طالبت به النيابة العامة ـ بأن ذلك من أجل التيسير على النيابة في حال عدم وجود محامي وخشية أن تغيب الأدلة وألا يسقط الأمر بالحبس خلال 24 ساعة، مشيرًا إلى نص المادة 111 الذي يفرض استجواب المتهم خلال 24 ساعة وإلا الإفراج عنه.

واستند مصطفى بكري إلى نص المادة 124 من القانون القائم التي تضع عبارة “إلا في حالة الضرورة” وتجيز استجواب المتهم في غير حضور المحامي وهي لحظة معينة يغيب فيها الدليل، وبالتالي عندما تأتي النيابة وتطلب الأمر لا يتعبر انتقاصًا من المحامي واختصاصاته.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي على أنه: “لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر”.

وعقب النائب ضياء الدين داود، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن المادة موضعها في باب الحقوق والحريات المرصودة دستوريا بحكم المادة 54، مشيرًا إلى أننا تعرضنا في مناقشات مشروع القانون باللجنة الدستورية، لمحاولة التعديل على نص المادة 104 المتزنة والمنضبطة في حدود المادة 54 من الدستور، ولكن لما تعرض المستشار محمد العواني لتطبيقات المحكمة العليا مع نص المادة 24 التي كانت تتيح في تفيسراتها وتطبيقاتها أنه من المكن أن تنصرف إرادة المحكمة في حالات الضرورة أن تقر النيابة العامة في إجراءها الاستثنائي أن تبدأ مرحلة الاستجواب والتحقيق في غيبة محاميه، مشيرًا إلى أن ذلك أمر لا يقره الدستور، كما أن مشروع القانون راعي أن تقوم النقابات الفرعية بوضع جداول للمحامين في الفترات الصباحية والمسائية لندب محامي للمتهم إذا لم يكن له محامي.

ولفت “دواد” إلى أنه يمكن معالجة مسألة المشاكل التطبيقية بشأن عدم حضور محامي من خلال نص المادة 111 من مشروع القانون، والتي تنص على أنه" “يجب على عضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم المقبوض عليه فوراً، وإذا تعذر ذلك يودع أحد مراكز الإصلاح والتأهيل أو أماكن الاحتجاز إلى حين استجوابه ويجب ألا تزيد مدة إيداعه على أربع وعشرين ساعة، فإذا انتهت هذه المدة وجب على القائم على إدارة مركز الإصلاح والتأهيل أو أماكن الاحتجاز إرساله إلى النيابة العامة لاستجوابه في الحال وإلا أمرت بإخلاء سبيله”.

من جانبه قال النائب محمد عبد العزيز، إن المادة 104 من المواد التي تمثل ضمانة للمحاكمة الجنائية العادلة والمنصفة، وطبقت بالحرف والنص الضمانات الواردة في المادة 54 من الدستور التي تنص على أنه لا يمكن التحقيق مع المتهم إلا في حضور محاميه، مشيرًا إلى أن اللجنة راعت عند الصياغة أن تتفق المادة مع ضمانات حقوق الإنسان التي أقرها الدستور، لافتًا إلى أن أي استثناء يتعرض لشبهة العوار الدستوري.

ووجه الشكر للحكومة على تراجعها على مقترح استثناء النيابة في التحقيق مع المتهم في حالات الضرورة، مشددًا على أن المادة 104 جاءت مطابقة تماما للمبدأ الذي وضعه الدستور في شأنه كفالة حق الدفاع وما أوردته ليس استثناءا وإنمتا حلا عمليًا، إن أقر المجلس سيتم العمل به، فحين ننتهي من مناقشة مشروع القانون نعيد فتح المناقشة.

فيما تمسك وزير العدل، المستشار عدنان فنجري، بالمساح للنيابة بالتحقيق مع المتهم في حالات الضرورة استنادا على النص الموجود في القانون والواقع التطببيقي، الذي يتعذر فيه كثير من الأحيان معه وجود محامي للموكل أو مُنتدب، مشددًا على أن المقترح ليس خروجًا على الصل المقرر دستوريًا.

بدوره، قال المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إن الحكومة موافقة على نص المادة كما ورد في صياغة اللجنة الفرعية والمشتركة بعدم وجود استثناء، لافتًا إلى أن مقترح وزير العدل يفتح الباب لمداولات أكثر داخل الحكومة إذا ما تم الرجوع إليها.

فيما عقب عبد الحليم علام، نقيب المحامين: “أطمئن وزير العدل فيما يتعلق بالمخاوف التي تثار حول تطبيق جدول حضور المحامين، حيث أن لدينا 400 ألف محامي وكل قرية ونجع فيه ما لا يقل عن 2000 و 3000 محامي.. ونؤكد أننا لمتزمون لأي معالجة أو إشكالية تتعلق بالتنسيق مع وزارة العدل في هذا الشأن”.

بدوره قال المستشار محمد شوقي، وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشيوخ، إن الالتزام الدستوري الواردة في المادة 54 الخاص بوجود الماحمي كضمانة للتحقيق في النص في غاية الوضوح والدلالة وقيل في شأنه ما يكفي، مشيرا إلى الفقرة الأخيرة من المادة 54  وفي جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التي يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو منتدب.

وأكد “شوفي” أن المشاكل العملية قد تعالج بطرق أخرى بغير الخروج على الدستور.

وعقب أيضًا النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية لصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أكد أن هناك شبه إجماع على أن نص المادة 54 من الدستور يجب عدم المساس به أو مخالفته كونه ضمانة استقرا عليها الشعب المصري في دستور 2014 ولم يرد به أي استثناءات وبالتالي نص المادة 104 يحقق المتطلبات الواردة بنص الدستور.

وقال “الطماوي” “لا نستطيع أن ننكر أن هناك إشكاليات في الواقع العملي لكن من الوارد أن نعالجها في موضع آخر من مشروع القانون، وأرى أن المادة 111 هي الأنسب أن تعالج فيها تلك المشكلات العملية، وهي رسالة باحترام الدستور بدافع وطني، لأن الدستور هو الذي اقره الشعب المصري، ومن ناحية أخرى نحاول أن نعالج كافة الممشكلات العملية في أحكام الدستور”، مشيرًا إلى أن التخوفات التي أبداها وزير العدل مشروعة، لكن لا يمكن أن نعالجها في المادة 104 لأنها ستكون بها شبهة عدم دستورية.

وبعد مناقشات ومداولات في الجلسة العامة بشأن المادة، قررت الحكومة الموافقة على نص المادة كما ورد بمشروع قانون اللجنة المشتركة والفرعية، وتنازل النائب مصطفى بكري عن المقترح الذي تقدم به.

وفي نهاية المناقشات وجه المستشار محمود فوزي الشكر لمجلس النواب ورئيس المجلس على المناقشات الهادئة المستنيرة، قائلا: “يجب أن نسلط الضوء على الخلاف الهادئ المستنير.. وأحييك على هذه المناقشة في هذه المادة الجوهرية”.

واستقر مجلس النواب على نص  المادة (١٠٤) كما يلي: لا يجوز لعضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه، بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً.

وعلى المتهم أن يقرر اسم محاميه في محضر التحقيق أو في القلم الجنائي للنيابة التي يجرى التحقيق في دائرتها أو للقائم على إدارة المكان المحبوس فيه، كما يجوز المحاميه أن يتولى هذا التقرير.

وللمحامي أن يثبت في المحضر ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات.

ويصدر المحقق بعد التصرف النهائي في التحقيق بناء على طلب المحامي المنتدب أمراً بتقدير أتعابه وذلك استرشاداً بجدول تقدير الأتعاب الذي يصدر به قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس النقابة العامة للمحامين وتأخذ هذه الأتعاب حكم الرسوم القضائية.

تابع موقع تحيا مصر علي