عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

السعودية تشترط إقامة دولة فلسطينية لاستكمال التطبيع مع إسرائيل وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

علم السعودية
علم السعودية

استضافت الرياض اليوم أولى جلسات التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، في خطوة جديدة تعكس الدور القيادي للسعودية في دعم مساعي السلام الإقليمي. أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة لن تمضي قدمًا في اتفاق التطبيع مع إسرائيل إلا بعد إقامة دولة فلسطينية مستقلة. كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مشيرًا إلى أن الوضع الإنساني في القطاع بات "كارثيًا"، بسبب الحصار والتصعيد العسكري الإسرائيلي.

إقامة دولة فلسطينية: شرط أساسي للتطبيع السعودي مع إسرائيل

خلال كلمته الافتتاحية في الاجتماع، شدد الأمير فيصل بن فرحان على أن التطبيع مع إسرائيل مرهون بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل، وفق حدود 1967، مع جعل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وأشار إلى أن المملكة تقود جهودًا لتوسيع دائرة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، مؤكدًا أن التحالف الجديد سيعمل على مضاعفة الضغوط الدولية على إسرائيل لضمان التزامها بمتطلبات حل الدولتين.
 

"السلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام وأمن إلى جانب إسرائيل"، بحسب بن فرحان.

وأوضح أن الاجتماع يمثل الخطوة الأولى من سلسلة لقاءات تهدف إلى تفعيل الجهود الدولية لدعم حقوق الفلسطينيين وإنهاء الصراع الممتد منذ عقود.

دعم دولي واسع وتحالف جديد بقيادة السعودية

يشارك في هذا التحالف ممثلون عن 90 دولة، إلى جانب منظمات دولية مثل جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي، الاتحاد الأوروبي، وعدد من الدول الإقليمية والدولية مثل الأردن، البحرين، قطر، تركيا، إندونيسيا، ونيجيريا.

ورغم غياب الولايات المتحدة عن الاجتماع، يرى مراقبون أن السعودية تسعى إلى تشكيل تحالفات استراتيجية جديدة، تعتمد على تعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، خاصة الدول الأوروبية.

وأشار فواز كاسب العنزي، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، إلى أن السعودية أصبحت لاعبًا أساسيًا في تحقيق التوازن الإقليمي، مؤكدًا أن المملكة تتحرك كقوة دبلوماسية تهدف إلى قيادة مساعي السلام في المنطقة، بما يتماشى مع رؤية 2030.

"غياب الولايات المتحدة لا يعني فشل التحالف، بل قد يكون فرصة للدول الأوروبية لتعزيز نفوذها وبناء شراكات جديدة مع السعودية"، وفق العنزي.

غزة في قلب المشهد: دعوات لوقف فوري لإطلاق النار

خلال الاجتماع، دعا الأمير فيصل بن فرحان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مؤكدًا أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع. ووصف الوضع الحالي في غزة بـ"الكارثي"، مشددًا على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لضمان إيصال المساعدات الإنسانية ورفع الحصار عن الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، قال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا، إن غزة تعرضت لتدمير منهجي، ودعا إسرائيل إلى التراجع عن قرار حظر الوكالة، مشيرًا إلى أن الأوضاع الإنسانية لا تحتمل المزيد من التصعيد.

ولي العهد السعودي: خطوات عملية لدعم حل الدولتين

وفي جلسة لمجلس الوزراء السعودي ترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، شددت المملكة على ضرورة أن يسفر الاجتماع عن إجراءات عملية تدعم جهود الأمم المتحدة، وتحدد جدولًا زمنيًا واضحًا لإنهاء الاحتلال. وأشار ولي العهد إلى أن المملكة ملتزمة بتحقيق السلام وفق رؤية قائمة على العدالة وإنهاء المعاناة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية.

وأكدت الرياض أن نجاح التحالف يعتمد على بناء شبكة من الشراكات المتوازنة، قادرة على إحداث تغيير حقيقي في الأجندة الإقليمية، ودعم الاستقرار على المدى البعيد.

إسرائيل تسعى للتطبيع وسط الالتزام السعودي بالملف الفلسطيني

وفي المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 28 أكتوبر:

"أطمح إلى تحقيق السلام مع الدول العربية، ومواصلة العملية التي بدأناها بتوقيع اتفاقيات إبراهيم".

وأشار جولان برهوم، المحاضر في مركز الدبلوماسية العامة في إسرائيل، إلى أن إسرائيل تأمل في التطبيع مع السعودية، مع إدراكها أن المملكة لن تتخلى عن التزامها بدعم القضية الفلسطينية.

"اتفاقيات السلام مع الأردن ومصر لم تسفر عن قيام دولة فلسطينية، ومع ذلك ظلت الدول ملتزمة بالملف الفلسطيني. هذا قد ينطبق على السعودية أيضًا"، وفق برهوم.

ورغم هذه التطلعات، حذر برهوم من أن إقامة دولة فلسطينية قد تعزز من النفوذ الإيراني في المنطقة، مؤكدًا أن وجود الحوثيين على حدود السعودية يمثل تحديًا إضافيًا يعزز المخاوف من تأثيرات الصراعات الإقليمية على الأمن القومي السعودي.

تحالف الرياض.. خطوة نحو إعادة تشكيل خريطة السلام في الشرق الأوسط

يسعى التحالف الذي تقوده السعودية إلى إعادة توجيه الأجندة الإقليمية نحو السلام، معتمدًا على تحالفات متوازنة تضمن تعزيز التوازن في القوى بالمنطقة. ويرى محللون أن نجاح السعودية في قيادة هذا التحالف وتنفيذ حل الدولتين سيؤدي إلى خفض التصعيد في ملفات أخرى، مثل العلاقات الإسرائيلية الإيرانية والوضع في اليمن.

ويعكس هذا التحرك رغبة المملكة في إعادة صياغة دورها الإقليمي بما يتناسب مع أهداف رؤية 2030، التي تركز على السلام والاستقرار والتنمية المستدامة.

 

تابع موقع تحيا مصر علي