هل توسع بريكس يهدد هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي؟
ADVERTISEMENT
ظل الدولار الأمريكي لعقود العملة المهيمنة في النظام المالي العالمي، حيث يمثل أكثر من 58.22% من احتياطيات النقد الأجنبي لدى الدول، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي لعام 2024. ومع توسع تكتل "بريكس" ليشمل دولًا جديدة، مثل الإمارات، مصر، إيران، وإثيوبيا، إضافة إلى الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، تتزايد التساؤلات حول قدرة هذا التكتل على تحدي هيمنة الدولار.
أهداف "بريكس" والتوسع الاقتصادي
خلال قمة بريكس 2024 في قازان الروسية، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التكتل يسعى إلى أن يكون "المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي العالمي"، مع التركيز على إيجاد بدائل للدولار في المعاملات التجارية الدولية. يأتي هذا التوسع في وقت تسعى فيه دول التكتل إلى إعادة تشكيل النظام المالي الدولي وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا وإيران، والتي جعلت هذه الدول أكثر حماسًا لخلق نظام مالي مستقل عن الهيمنة الأمريكية
لماذا يعتبر الدولار حجر الأساس في الاقتصاد العالمي؟
منذ الحرب العالمية الثانية، كان الدولار الأمريكي العملة المفضلة للاحتياطيات الدولية، ويلعب دورًا حيويًا في تسعير السلع الأساسية، مثل النفط والذهب. كما أن الدولار يُعتبر "ملاذًا آمنًا" في أوقات الأزمات الاقتصادية، ما يدفع المستثمرين إلى شرائه في فترات عدم الاستقرار. علاوة على ذلك، فإن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة، تؤثر مباشرة على الاقتصادات الأخرى، مما يعزز من تأثير الدولار على النظام المالي العالمي.
التحركات داخل "بريكس" لتقليل الاعتماد على الدولار
تسعى دول "بريكس" إلى تعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة البينية، مع التركيز على النظام الصيني للدفع المصرفي عبر الحدود (CIPS) كبديل لنظام "سويفت" المرتبط بالولايات المتحدة وأوروبا. وتشير التقارير إلى أن منظومة "CIPS" شهدت زيادة بنسبة 78% في عدد المشاركين بين يونيو 2023 ومايو 2024، مما يعكس تصاعد الجهود للابتعاد عن الاعتماد على الدولار في المدفوعات الدولية
كما تسعى الصين، التي تُعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى تعزيز مكانة عملتها اليوان، بينما تنخرط دول مثل الإمارات والهند في اتفاقيات ثنائية تهدف إلى استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية، بهدف تقليل تأثير تقلبات الدولار على اقتصاداتها.
التحديات التي تواجه تقليل هيمنة الدولار
رغم هذه الجهود، يواجه التكتل تحديات هيكلية تجعل من الصعب استبدال الدولار في المدى القريب. على سبيل المثال، لا توجد حتى الآن خطة واضحة لإصدار عملة موحدة لدول بريكس، رغم أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا كان من أبرز الداعمين للفكرة. وأكدت تصريحات رسمية خلال القمة أن تطبيق فكرة عملة موحدة يواجه صعوبات بسبب التباين الاقتصادي والسياسي بين دول التكتل، ما يستدعي "توخي الحذر" في أي خطوات مستقبلية.
هل يواجه الدولار خطرًا حقيقيًا؟
رغم التوجهات الواضحة نحو "إلغاء الدولرة"، يؤكد الخبراء أن هيمنة الدولار ستظل قائمة على المدى المتوسط والبعيد. يرجع ذلك إلى غياب بديل قوي قادر على أداء دور الدولار في النظام المالي الدولي، إضافة إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال الأكبر والأكثر استقرارًا في العالم. ومع ذلك، فإن العقوبات الأمريكية المتكررة على دول مثل روسيا وإيران تعزز من تحفيز الدول الأخرى على تسريع البحث عن بدائل، مما قد يقوّض مكانة الدولار تدريجيًا في المستقبل.