كيف تؤثر ساعات النوم ليلاً على نشاطك ومزاجك؟ السر يكمن في أفكارك

في عالم مليء بالصخب وضغوط الحياة اليومية، غالبًا ما نجد أنفسنا نبحث عن النوم كوسيلة لاستعادة النشاط والحيوية. نميل إلى الاعتقاد بأن النوم لعدد معين من الساعات كل ليلة هو المفتاح للشعور بالانتعاش في الصباح التالي. ولكن هل هذا حقًا كل ما يتطلبه الأمر؟ تشير الأبحاث الحديثة إلى أن ما تعتقده وتفكر فيه عن نومك قد يكون له تأثير أكبر مما تعتقد. فبدلاً من أن يكون الأمر مقتصرًا على عدد الساعات التي تنامها، قد تكون تصوراتك الذهنية عن نومك هي التي تحدد حالتك المزاجية ونشاطك خلال اليوم التالي.

أفكارنا ونومنا: كيف يحدد عقلك مدى راحتك؟

تقول نيكول تانغ، مديرة مختبر "وارويك" للنوم والألم في جامعة وارويك بالمملكة المتحدة، إن "تجربتنا مع النوم لا تتوقف فقط على عدد الساعات التي ننامها". وتشير إلى أن ما نعتقده بشأن نومنا في اليوم التالي، سواء كان إيجابيًا أم سلبيًا، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على شعورنا بالتعب أو الانتعاش.
 

هذا يعني أن الشخص الذي ينام عددًا كافيًا من الساعات ولكنه يعتقد أنه لم ينم جيدًا، قد يشعر بالتعب والخمول طوال اليوم، حتى وإن كان نومه فعليًا طبيعيًا من الناحية الفسيولوجية. هذا الشعور الذي يرتبط بالأرق المتناقض هو ما يحير العلماء، حيث يشكو الأشخاص من قلة النوم رغم حصولهم على ساعات كافية.

الأرق المتناقض: لماذا تشعر بالتعب حتى لو نمت جيدًا؟

ظاهرة الأرق المتناقض توضح لنا كيف أن بعض الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم المزعومة، قد ينامون بالفعل عدد ساعات كافية. ولكن بسبب اعتقادهم بأن نومهم لم يكن جيدًا، يشعرون بالتعب في اليوم التالي. هذا النوع من الأرق هو نتاج التصورات الذهنية، وليس نقص النوم الفعلي.

الدراسات التي تناولت هذا الموضوع وجدت أن الأفكار السلبية حول النوم يمكن أن تؤدي إلى شعور دائم بالتعب والإرهاق، حتى وإن كان الجسم قد حصل على القدر الكافي من الراحة. وهذا يؤكد أن الأرق قد لا يكون مسألة متعلقة بعدد الساعات، بقدر ما هو مسألة مرتبطة بما يعتقده الشخص عن نومه.
 

ماذا يحدث بالجسم عند شرب كوب لبن دافئ قبل النوم ؟

تأثير قلة النوم على الدماغ .. أضرار خطيرة

حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم وكيفية قضائها كم ركعة؟

دور الأجهزة الذكية في مراقبة النوم: هل تساعد أم تزيد من القلق؟

في ظل انتشار الأجهزة الذكية التي تراقب جودة النوم، قد يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الأدوات مفيدة. بينما تساعد هذه الأجهزة في تقديم معلومات دقيقة حول النوم، إلا أن الاعتماد الكبير عليها قد يكون له تأثير سلبي. بعض الأشخاص يستيقظون وهم يشعرون بالنشاط، ولكن بعد مراجعة بيانات ساعاتهم الذكية التي تظهر أن نومهم لم يكن كافيًا، قد يشعرون فجأة بالتعب.

تشير الدراسات إلى أن الشخص الذي يعتقد أن نومه كان سيئًا بناءً على البيانات قد يشعر بتعب أكبر، حتى وإن كان نومه الفعلي كافيًا. هذا يوضح أن الارتباط بين البيانات والتصورات الذهنية يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تحديد مدى شعور الشخص بالنشاط.
 

كيف يمكنك تحسين نومك؟ التركيز على الأفكار بدلًا من الساعات

ينصح الخبراء بأن تغيير التصورات الذهنية حول النوم قد يكون الطريقة الأمثل للتعامل مع الأرق أو قلة النوم. فبدلاً من التركيز على عدد الساعات، يمكن للأفراد تحسين شعورهم بالنشاط من خلال تبني أفكار إيجابية حول نومهم. يقول جيسون أونغ، مدير طب النوم السلوكي في مؤسسة "نوكس هيلث"، إن "التعلق الشديد بفكرة الحصول على ثماني ساعات من النوم قد يكون ضارًا".

أضاف أونغ أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق غالبًا ما يبالغون في تقدير تأثير قلة النوم على أدائهم اليومي. وللتغلب على هذا، يُنصح بتبني استراتيجيات ذهنية وسلوكية جديدة، مثل استرخاء العضلات أو تقنيات اليقظة العقلية، التي تساعد على التخلص من القلق المرتبط بالنوم.

هل الاستيقاظ المتكرر يعني نومًا سيئًا؟ الحقيقة غير المتوقعة

من الأمور التي قد تقلق الكثيرين هي الاستيقاظ المتكرر خلال الليل. لكن، تشير الأبحاث إلى أن هذا الأمر طبيعي ولا يعني بالضرورة أن النوم كان سيئًا. فالكثير من الأشخاص يستيقظون بشكل طبيعي خلال الليل ثم يعودون إلى النوم دون أن يشعروا بالقلق.

التقبل الذهني لهذه الفكرة قد يكون عاملًا مساعدًا في تخفيف التوتر المرتبط بالاستيقاظ الليلي، مما يجعل من السهل العودة إلى النوم بهدوء دون الشعور بالإحباط.

 النوم واليقظة الذهنية – مفتاح النشاط اليومي

النوم ليس فقط عملية جسدية، بل هو تجربة متكاملة تتداخل فيها الأفكار والتصورات الذهنية. قد لا يكون الحل للشعور بالنشاط هو النوم لعدد أكبر من الساعات، بل هو تغيير طريقة التفكير حول النوم. بالتركيز على الجوانب الإيجابية وتبني استراتيجيات ذهنية جديدة، يمكن تحسين جودة الحياة والشعور باليقظة والنشاط طوال اليوم