سر إنشاء المحاكم الاقتصادية بمصر وعلاقتها بدعم بيئة الاستثمار بعد تعديلات البرلمان الأخيرة
ADVERTISEMENT
بدأت الدول في الآونة الأخيرة وخاصة النامية منها في تقديم الحوافز المختلفة لجذب رؤوس الأموال الاجنبية إلى أراضيها بقصد الاستثمار، لعل أبرزها إنشاء محاكم متخصصة لسرعة الفصل في المنازعات التي قد تنشأ، والهدف من ذلك هو رفع معدلات التنمية وتطوير المستوى الاقتصادي.
القواعد العامة لنظام قضائي متخصص يضمن سرعة الفصل في المنازعات
وبناءً على ذلك فقد واكب المشرع المصري ذلك وأصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بأنشاء المحاكم الاقتصادية، مستهدفاً إرساء القواعد العامة لنظام قضائي متخصص يضمن سرعة الفصل في المنازعات المنصوص عليها في القانون بواسطة قضاة مؤهلين ومتخصصين يتفهمون دقة المسائل الاقتصادية وتعقيداتها في ظل العولمة وتحرير التجارة محلياً وعالمياً، الأمر الذي يحقق وصول الحقوق لأصحابها على النحو الناجز مع كفالة حقوق الدفاع كاملة.
فكان صدور قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 علامة فارقة لمواكبة مرحلة الإصلاح الاقتصادي الذي يستهدف تحرير التجارة ودعم الاستثمار وجذب المزيد من المستثمرين، بهدف رفع كفاءة الأداء الاقتصادي وسرعة حسم الدعاوى الاقتصادية المنظورة أمام القضاء وهذا كله ما يسمى بالعدالة الناجزة التي لا تتحقق إلا بتوافر آليات قضائية وإجرائية تتناسب والطبيعة الخاصة للمنازعات الاقتصادية.
ولقد تم تعديل قانون المحاكم الاقتصادية في عام 2019 ليواكب التطورات العملية التي أسفرت عنها التجربة منذ صدوره، وكذا إضافة مهام جديدة إلى قضاة المحاكم الاقتصادية حيث تضمنت هذه التعديلات في النهاية الفصل في المنازعات الاقتصادية وصدور أحكامها وتنفيذها في آجال مناسبة مع إمكانية تسوية النزاع بطريقة ودية. كما أضاف قوانين جديدة إلى القوانين التي تبسط المحاكم الاقتصادية ولايتها عليها.
هذا وقد صدر القانون رقم (1) لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية لتنظيم استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، تنفيذًا للاستحقاق الدستوري. كما أن التطبيق العملي والمراجعة الدورية لأحكام هذا القانون مما جعله في ظل التطور الهائل لآليات التجارة سواء المحلية منها أو الدولية في حاجة ماسة إلى التطوير لتحقيق الغاية المرجوة من إصداره فكان لزامًا إجراء تدخل تشريعي لمسايرة ذلك التطور الهائل وهو ما تحقق من جانب مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى خلال الفترة الاخيرة .
سر التعديلات الجديدة التى أقرها مجلس النواب على قانون الماحكم الاقتصادية
وأقر مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى تعديلات جديدة على قانون المحاكم الاقتصادية في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها مصر والتي قطعت شوطًا طويلاً فيها وكذا المتغيرات الاقتصادية والمالية والعالمية واستكمالا لتطوير المنظومة التشريعية والاقتصادية الهادفة إلى توفير المناخ الملائم للتنمية الاقتصادية الدائمة وتشجيع الاستثمار وتحرير التجارة وجذب رؤوس الأموال للمشاركة في مشروعات التنمية.
واتساقًا مع هذا النهج جاءت التعديلات الجديدة في ضوء النجاح الذي حققته المحاكم الاقتصادية من عدالة ناجزة متضمنًا رفع النصاب القيمي للمحاكم الاقتصادية مع توسيع الاختصاص النوعي لهذه المحاكم بما يخدم الطموحات الاقتصادية للدولة المصرية. ويحقق الأهداف التي تتغياها. على النحو الذي يؤدي إلى دعم بيئة التقاضي للمستثمر بما يساهم في رفع معدلات التنمية داخل البلاد.
كما أنه جاء لتنظيم استئناف أحكام الجنايات الاقتصادية لتصبح على درجتين حيث أصبح هناك ضرورة لذلك نظرًا لخطورة الجنايات وعقوباتها الجسيمة وآثارها على المتهم وذويه وكذلك لتحقيق عدد من الأهداف أبرزها العدالة الناجزة وتطبيق أفضل صورها ووضع أفضل الضمانات للمتقاضين نظرًا لخطورة الجنايات وآثارها على المتهم وذويه. ومن ثم بات لزامًا على الدولة أن تسارع إلى تعديله ليتفق مع الغايات السالف ذكرها.
ماذا قالت تشريعية النواب بشأن إقرار تعديلات قانون المحاكم الاقتصادية؟
رأت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدى أن التعديلات التى أقرها مجلس النواب بشأن المحاكم الاقتصادية تأتى في ضوء سعى الدولة إلى جذب الاستثمارات في هذه المرحلة الراهنة وما تشهده البلاد من إجراء إصلاحات اقتصادية في شتى المجالات، وما يستلزمه ذلك من تدخل تشريعي على بعض القوانين القائمة بما يتواكب مع المتغيرات التي اُستحدثت، ولا سيما قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008، وذلك بوصفه القانون المنظم لاختصاص هذه المحاكم بنظر العديد من المنازعات التي ترتبط بالنشاط الاقتصادي والتجاري.
كما أنه سيسهم في تحقيق التوازن في توزيع القضايا وسرعة الانتهاء منها من خلال التوزيع العادل للدعاوى الاقتصادية، مع مواكبة العديد من المتطلبات المحلية والدولية في ضوء المتغيرات الاقتصادية والمالية العالمية، وكذلك مساهمته في فتح المجال لقيام المحاكم الاقتصادية بالهدف المأمول في سرعة الفصل في القضايا للوصول للعادلة الناجزة.
كما أكدت اللجنة بأن هذه التعديلات جاءت متفقًة مع أحكام الدستور خاصة المادة (96/2) منه التي تنص على أن: «وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات» كما أنه جاء – أيضًا – تنفيذًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ومتسقًا مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. هذا وتؤكد اللجنة أن القانون يعد نقلة نوعية في كفالة ضمانات حقوق الإنسان فيما يخص تيسير إجراءات التقاضي وإنجاز الدعاوى دون إخلال بقواعد العدالة المنصفة وحقوق الدفاع وترسيخًا لمبدأ التقاضي على درجتين حفاظًا على تطبيق أفضل صور العدالة. كما أنه جاء متسقًا مع القانون رقم (1) لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية.