عاجل
الإثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق 13 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ما حقيقة سيدي أحمد البدوي وما هي مكانته وبركاته على أهل طنطا؟

ضريح السيد البدوي
ضريح السيد البدوي

ما حقيقة سيدي أحمد البدوي وما هي مكانته ؟ السيد أحمد البدوي الحسيني -رضي الله عنه- إمام قطب عارف ولي، ووارث نبوي رباني، ونسيب علوي هاشمي، ومقرئ فقيه، وهو من كبار أولياء الأمة المحمدية، ووارث محمدي بلغ الغاية في الفتوة والأخلاق الندية، وأنه في الأمة كلمة إجماع، وبين الأئمة إمام بلا نزاع، قد جمع بين الحقيقة والشريعة، وضم إلى العلم الكسبي العلم الوهبي، وكان في العلم بحرا لا يدرك له قرار؛ كما شهد بذلك العلماء الأخيار، وتواترت عنه الكرامات والمواهب اللدنية، وأثرت عنه الأخلاق الكريمة والشمائل المرضية.

 

وقد لقي الأئمة العارفين، وأخذ عن كبار أولياء الله الصالحين، وأرسى طريقته على الكتاب والسنة النبوية، والتزام الواجبات الشرعية، والمداومة على النوافل المرعية، وبناها على الصدق والصفاء، وحسن الوفاء، وتحمل الأذى، وحفظ العهود، وأقامها على الشهامة والكرم والأخلاق الندية؛ من إطعام الطعام في كل حين، والإحسان للمساكين، ورعاية الأيتام والمحتاجين، وإكرام الوافدين.

 

هل السيد البدوي من آل بيت النبي؟

 

فأما كونه سليل آل البيت عليهم السلام: فهو مما اتفقت عليه كلمة المؤرخين والعلماء الأعلام، وأطبق على صحته عدول الأمة، وأثبات المؤرخين والأئمة، وتواردت به شهادة الأشراف في مصره، وتواتر نسبه الشريف عند علماء النسب في عصره وبعد عصره، فالتشكيك في ذلك من الكبائر التي حرمتها الشريعة، وذمت من مرتكبها صنيعه.

 

هل السيد البدوي من الأولياء الصالحين؟

وأما الشهادة بإمامته وولايته: أطبق على ولايته وإمامته وعلمه علماء الأمة ومؤرخوها منذ انتقاله رضي الله عنه إلى الآن، بل أصبحت محبته وزيارته عند العلماء أمارة على الصلاح والخيرية، واستمرت شواهد محبته وبواعث زيارته وسلاسل طريقته سارية في الأمة منذ ظهوره إلى يوم الناس هذا من غير نكير ممن يعتد به من عارف أو عالم أو مؤرخ؛ حتى سمى الخاصة والعامة أولادهم باسمه ولقبه؛ تيمنا وتبركا، وأجمع أئمة الأزهر الشريف وشيوخه إماما إماما على ولايته ومودته ومحبته، واتفق أولياء الأمة وعارفوها على إمامته، ومن ورائهم علماء المسلمين وأئمتهم وفقهاؤهم ومفتوهم في الشام والعراق والحجاز وسائر أقطار الأرض، ولا يعرف في الأمة كلها عالم أو عارف أو ولي أو مؤرخ ذكره إلا بصلاحه وشرفه وولايته، فهو: "أحد أركان الولاية الذين اجتمعت الأمة على اعتقادهم ومحبتهم"؛ كما يقول العلامة القاضي يوسف النبهاني، فالشهادة بولايته وإمامته شهادة بالحق، وتصديق لأهل الصدق؛ امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أنتم شهداء الله في الأرض».

 

حكم التشكيك في السيد البدوي

 

أما الطعن في ولايته رضي الله عنه أو اتهامه بالجاسوسية أو التشكيك في كونه من الأشراف رغم معرفة ما ترجمه به العلماء والمؤرخون عبر القرون بالسيادة والولاية والعلم والإمامة من غير خلاف: فكلها مسالك خالية عن الإنصاف، موغلة في الاعتساف، وخروجها عن المنهج العلمي غير خاف؛ لأن ذلك يستلزم اتهام أولياء الأمة وعلمائها ومؤرخيها وحكامها قاطبة بالجهل والغفلة أو التزوير والكذب أو التواطؤ والخيانة! مع ما في ذلك من إفقاد المسلمين الثقة في تاريخهم، وتراث مؤرخيهم وعلمائهم؛ فإن الأمة متفقة على ولايته وشرفه، ولم يطعن فيه رضي الله عنه إلا نابتة نبتت منذ عقود -والله أعلم بالقصود- جامعة بين المتناقضات فيما تحوكه من الاتهامات، مدعية تارة أنه لم يكن يصلي، وتارة أنه كان جاسوسا شيعيا، وثالثة أنه كان باطنيا إسماعيليا، ورابعة أنه حديث خرافة! متجاوزة بطعنها هذا كل تراث الأمة وتاريخها لكل مؤرخيها وعلمائها، منادية لأهلها على جهلها، من غير وازع ولا رادع من دين أو أدب أو إنصاف، ولا حلم ولا علم!.

بركات السيد البدوي على مدينة طنطا


السيد البدوي رضي الله عنه من الأولياء الذين عمّر الله بهم البلاد، وزكّى بهم العباد، فمنذ حلَّ في طنطا -عام 634 من الهجرة النبوية الشريفة- بدأت تعمر محلتها، وتزداد شهرتها، وتكثر أبنيتها، وتتسع عمارتها، وأصبح يقصدها القُصَّاد، ويرتادها الرواد، ويأتيها الزوار والعُبّاد؛ فازدهت عمرانًا بشريًّا، ومركزًا تجاريًّا، ومزارًا إسلاميًّا يُقصَدُ للاحتفال بالمولد النبوي فيه من جميع الأنحاء، وتُشَدُّ له الرحال من سائر الأرجاء؛ وصار ذلك -كما يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني فيما نقله عنه الإمام الشعراني في "الطبقات الوسطى" بخطه-: [يومًا مشهودًا؛ يقصده الناس من النواحي البعيدة، وشهرة هذا المولد في عصرنا تغني عن وصفه].

قال العلامة على باشا مبارك في "الخطط" (13/ 50): [ويؤخذ من كلامه أنَّ أصلَ مولدِ السيدِ: مولدُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يُعمَل عنده، ويدل لذلك: أن وفاة السيد كانت في ثاني عشر ربيع الأول، وهو وقت عمل المولد النبوي].

ومن بركات السيد البدوي على طنطا: أنها صارت بقدومه إليها بلدًا علميًّا سامقًا ومعهدًا قرآنيًّا باسقًا، وصار تدريس القرآن والعلم فيها عريقًا، وازدانت بالعلماء والقُرّاء بريقًا؛ فنشأت فيها حركة علمية، ومنظومة تعليمية، ومدرسة قرآنية، صار فيها الجامعُ الأحمديُّ شقيقَ الجامع الأزهر، وانتسب إليه فطاحل العلماء والأولياء، وتخرّج منه كبارُ الفقهاء وأعاظم القُرّاء الذين تربعوا على عرش القراءة القرآنية؛ بحيث اشتهر بين علماءِ مصرَ قولُهم: "العلم أزهريٌّ، والقرآنُ أحمديٌّ"، وهي مقولة يأثرها القراء وعلماء القراءات عن شيخ المقارئ المصرية وإمام أهل القراءة في عصره ومصره العلامة شمس الدين محمد المتولي الكبير.

 

 

تابع موقع تحيا مصر علي