ياسر حمدي يكتب: رسالة إلى الحكومة الجديدة!!
ADVERTISEMENT
هل تعي الحكومة الجديدة أن المواطن الذي يدفع فاتورة الإصلاح الإقتصادي أصبح يتحمل إلى هذا الحد الذي تقصم فيه ظهره، في ظل إرتفاع أسعار كل شىء، والرقابة الغائبة عن الأسواق!؟ وهل ستسعى إلى حل كافة الأزمات التي تواجه المواطن؟ وهل الوزراء الجدد لديهم القدرة من القضاء على هذه المشاكل، أم أنهم يهيلون التراب على إنجازات الرئيس السيسي بتصريحاتهم المستفزة للشعب كحكومة الدكتور مصطفى مدبولي السابقة!؟.
أليس من حق هذا الشعب محاسبة بل ومحاكمة هؤلاء المحتكرين، أليس من حق الشعب محاسبة كل من احتكر السلع الغذائية، والدواء، وغيرهما!! أليس من حق هذا الشعب القضاء على مشكلة انقطاع الكهرباء!؟ أليس من حق الشعب المصري العظيم أن يجني ثمار الإصلاح الإقتصادي الذي دفع فاتورته من دم قلبه!؟.
قولًا واحدًا: «نعم من حقه»، وطبعًا والأكيد أن تلبية مطالب جميع المواطنين بالصورة التي يريدونها غاية لا تدرك سواء في مصر أو أي دولة أخرى متقدمة كانت أو نامية، لكن ما نقصده هو تحسين الأحوال حتى ولو بنسبة معينة، بحيث يشعر غالبية المواطنين أن هناك تحسنًا في حياتهم أو على الأقل عدم تدهور حياتهم أكثر مما هي متدهورة.
إن الأسعار وجنون الغلاء وفوضى تسعير السلع تسبب في حالة عارمة من الشعور بالقلق والخوف وعدم الأمان، وذلك بخلاف الغضب الشديد في الشارع المصري من أداء الحكومة السابقة، فالمواطن ينام وكيلو السكر بـ٣٥ جنيهًا، ويستيقظ ليجده بـ٣٩ جنيهًا، ويذهب إلى متجر آخر ليفاجأ به بـ٤٥ جنيهًا، ويهرع إلى المتجر الأول ليقتنص الفرصة قبل ضياعها، فيجده قد قفز إلى ٤٦ جنيهًا وهلم جرا.
على الحكومة الجديدة أن تعي جيدًا أن المواطن في ٢٠٢٤ أصبح أكثر وعيًا وإدراكًا وفطنة، صحيح هناك قطاعًا مازال يتمسك بتلابيب أن على الحكومة أن تضرب الأرض تطلع بطيخ، بغض النظر عن الإمكانات والموارد والسياسات والصراعات الإقليمية والأزمات العالمية، لكن الغالبية باتت على علم بانتهاء عصر «السوبر حكومة» التي تعين الخريجين في وظائف، وتصرف السلع الغذائية المطعمة بالكامل دون حساب أو تصنيف للملايين، وتتكفل برعاية منظومة ضخ الأولاد دون ضابط أو رابط، وغيرها من فكر ظل شائعًا ويعتبر الحكومة مسؤولة عن رفاهية المواطن بغض النظر عن قراراته أو أخطائه أو قدراته.
لكن أي حكومة مسؤولة عن توفير العوامل التي تمكنها من تهيئة الظروف التي تمكن المواطن من الحصول على السكن الآمن والغذاء الكافي والتعليم الجيد والعلاج المطلوب، ولحين تهيئة هذه الظروف، فعلى الحكومة الجديدة أن تتعامل مع مشكلة الأسعار فورًا، فالمسألة لا تحتمل التأجيل ولا التأخير، أما الدخول في «حلزونة» مراقبة السوق ومناشدة التجار وتدشين مبادرات ورادار الأسعار وخلافه، فليس مستحبًا، وفي الحقيقة هذا الأمر مستهلك للوقت من غير ذي جدوى.
مشكلة الأسعار ستحتاج من الحكومة الجديدة تدخلًا جراحيًا آنيًا لإنقاذ المريض، وآخر باطنيًا هادئًا نتمنى أن يرتكز على علم ومعرفة ودراسة هذه المرة، والحقيقة قد لا تكون الحكومة الجديدة قادرة على تحقيق معجزات ضخمة، لكن المؤكد أنه يمكنها كسب ثقة غالبية المواطنين بسهولة شديدة، حتى في ظل نقص الموارد والصعوبات والتحديات الكثيرة التي لا تخفى على أحد.
لو أن الحكومة الجديدة شرحت بكل الوسائل المتاحة حقيقة الأوضاع للناس وأتبعت ذلك بالسياسات والإجراءات الصحيحة، فظني أنها سوف تنال رضا الكثيرين، لكن مرة أخرى شرط أن يكون ذلك شفافًا وواضحًا للجميع ويعبر عن الحقيقة، فشفافية الحكومة مع المواطنين على المدى البعيد ستجعلها تنال كل الرضا من المواطن، الذي سوف يشعر في هذه الحالة أن حكومته تحترم عقله وتقدم له الحقائق الفعلية.
تستطيع الحكومة الجديدة كسب ثقة الناس بسرعة إذا هي أحكمت الرقابة على الأسواق، ليس لفرض التسعيرة الجبرية، لأنها ضد سياسة السوق المفتوحة والعرض والطلب، ولكن لضرب المحتكرين والمضاربين في السلع الأساسية، كما تستطيع كسب رضا المواطنين، لو هي ضربت الرموز الكبيرة للفاسدين، ولو حدث ذلك، فسوف يكونون عبرة وعظة لغيرهم من المحتكرين، وتكون بذلك ضمنت انضباط الأسواق.. الحكومة الجديدة لديها فرصة كبيرة للإستفادة من كل أخطاء الحكومة السابقة، فهل تستغل الفرصة؟! نتمنى ذلك.