هل تنجح جهود ضبط أسعار الأسواق تشريعيًا؟
ADVERTISEMENT
لا يمكن لأحد إنكار أو تغافل الجهود الحكومية المبذولة لمحاولة احتواء الموقف والسيطرة على الزيادات المتسارعة في أسعار كافة السلع خاصة الغذائية، والتي كان آخرها مشروع قانون تقدمت به الحكومة لمجلس النواب لتغليظ عقوبة احتكار وحبس السلع الاستراتيجية عن التداول، وأقره البرلمان فى جلسته العامة.
القانون الجديد سيتم من خلاله رفع الغرامات لـ 3ملايين جنيه بعد أن كانت 2 مليون، وأيضا إغلاق المحال المخالفة لمدة 6 أشهر ومصادرة المنتجات المخزنة، بجانب السعي في تفعيل قرار طباعة وإعلان أسعار السلع الاستراتيجية على العبوات لتكون معلنة للجمهور بداية من شهر مارس الجاري.
ورغم هذا الجهد التشريعي، لكن جهود ضبط الأسواق والسيطرة على ارتفاع الأسعار لا ترتبط بجهاز حماية المستهلك فقط، بل تشمل مجموعة من الإجراءات التي تتخذها الحكومات والهيئات التنظيمية للحد من التضخم والحفاظ على استقرار الأسواق، وعلى رأسها تدابير التدخل المباشر التي يمكن للحكومات تنفيذها لمكافحة ارتفاع الأسعار، منها على سبيل المثال تنظيم أسعار السلع الأساسية، حيث يمكن للحكومة تحديد حدود سعرية للسلع الأساسية مثل الغذاء والوقود والدواء، ويتم تحديد هذه الحدود لمنع المضاربة والاستغلال وضمان توفرها بأسعار معقولة للمستهلكين.
أيضا أهمية تخفيض الرسوم والضرائب على المنتجات الأساسية للتخفيف من الأعباء المالية على المستهلكين وتشجيع انخفاض الأسعار، كما يمكن للحكومة مكافحة التهرب الضريبي والغش التجاري الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وذلك عبر تشديد الرقابة وتطبيق القوانين بشكل صارم، فلا نكتفي بإصدار التشريعات وتغليظ العقوبات، فما العائد من ذلك دون تفعيل صارم.
وعند اختيار تدابير التدخل المباشر لمكافحة ارتفاع الأسعار، فهناك عدة عوامل يجب أن تؤخذ في الاعتبار، حتى لا تأتي تلك التدابير بنتائج عكسية أو سلبية ومن أهم العوامل التي يجب وضعها في الاعتبار تحليل السوق والعرض والطلب، فيجب فهم العوامل التي تؤثر في السوق وتحديدًا الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع الأسعار. ويتضمن ذلك تحديد ما إذا كان الارتفاع في الأسعار ناتجًا عن نقص في العرض أو زيادة في الطلب أو عوامل أخرى.
وأيضا يجب تقييم التأثيرات المحتملة لكل تدبير تدخل مباشر، على سبيل المثال، قد يؤدي تنظيم أسعار السلع الأساسية إلى نقص العرض أو تقليل الاستثمار في تلك الصناعة. لذا يجب تقييم الآثار الجانبية لتلك التدابير والتأكد من أن الفوائد تفوق الأضرار المحتملة، كما يجب أن تكون التدابير المختارة قابلة للتنفيذ والتطبيق من قبل الحكومة، حيث يجب مراعاة الموارد المالية والبشرية والبنية التحتية المطلوبة لتنفيذ هذه التدابير.
وعلى الحكومة أيضا أن تضع في اعتبارها تأثير التدابير المتخذة على العدالة الاجتماعية، بحيث تكون عادلة وتستهدف الفئات الأكثر ضعفًا وتأثرًا بارتفاع الأسعار ومن ثم اتساق التدابير المختارة مع السياسات الاقتصادية العامة وأهداف الحكومة أمر لا يمكن تجاهله، فيجب تنسيق التدابير مع السياسات النقدية والمالية العامة لتحقيق التوازن الاقتصادي، وذلك بجانب كل الإجراءات التشريعية المستمرة من مجلس النواب وآخرها العقوبات الجديدة الخاصة بقانون حماية المستهلك حتى نكون أمام جهود ناجحة على أرض الواقع.