عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: الغلابة يا حكومة!!

ياسر حمدي - كاتب
ياسر حمدي - كاتب صحفي

هل تشعر الحكومة بالغلابة والفقراء وهم يئنون وجعًا من الأسعار؟!، لماذا لا تتدخل الحكومة لضبط الأسعار وتتصدى لجشع التجار الذين يحتكرون كثيرًا من السلع الأساسية والضرورية للحياة؟!، هل تعلم الحكومة الحالية أن في عام 1954 استغل تاجر جشع من قنا حالة المجاعة التي سببها الفيضان، وقام برفع أسعار الخبز مستغلًا حاجة الناس، وكان العقاب جلده في ميدان عام وأمام الجميع حتى يكون عبرة لمن يفقد إنسانيته ويعمل على تحميل الناس ما لا طاقة لهم به في ظل ظروف صعبة تحتاج إلى تكاتف الجميع؟!.

يا كل فرد مسؤول في الحكومة، بداية من رئيسها مرورًا بكل الوزراء؛ نهاية بكل فرد من أفرادها المسؤولين كبار موظفيها أم صغارها.. «جربت تكون مريض بمرض مزمن وتدور على العلاج وماتلاقيهوش»، «جربت يبات أولادك جعانين من غير أكل وهما بيتحايلوا عليك تأكلهم أي حاجة وأنت بتتمنى من جواك الموت قبل ما تسمعهم كدة»، يا ترى أنت حاسس بالغلابة والفقراء وهم يئنون من زيادة الأسعار وأزمة السكر والأرز والأدوية وغيرها! والكلام هنا موجه لرئيس الوزراء «جربت تكون فقير وتتهان كرامتك أمام أهل بيتك عشان ممعكش ثمن الأكل واللبس».

يا سيادة رئيس الوزراء، ألم تسمع عن سيدة الفراخ التي قالت: «ماعدتش قادرة أشتري فرخة على بعضها بقيت باشتري هياكل الفراخ»، أو التي قالت: «أمي بتموت والمعاش مش مكفي والعلاج على نفقة الدولة روتين والخدمة في المستشفيات الحكومية غير آدمية»، «مفيش مية كويسة عشان نشربها»، «مصاريف المدارس بقت نار غير مصاريف الدروس»، يا دولة الرئيس هذه بعض من عبارات كثيرة نسمعها من الفقراء والبسطاء ومحدودي ومعدومي الدخل وهي عبارات تجسد أوجاع الغلابة الذين افتقدوا القدرة تمامًا في مواجهة موجة الغلاء الجنوني التي شملت ضروريات وأساسيات الحياة اليومية وفاض بهم الكيل من الغلاء، وهي أيضًا استغاثات يوجهها الغلابة لله ومن بعده إليك فأنصفهم حتى لا يوجهون هذه الاستغاثات لله ضدك.

يا دولة الرئيس، حاول أن تشعر معي بامرأة في الستين، تعاني الفقر والحزن والمرض أيضًا، وتلخص كل أحلامها في أن تجد القوت اليومي لأولادها «الغلابة» من الشعب وهو القطاع الأكبر الذي يواجه معاناة يومية في أقل شؤون الحياة، لكنها أساسية وهو شأن القوت اليومي والأكل والشرب والدواء فيخرج من أزمة أسعار الخضروات إلى أزمة ندرة وغلاء الأدوية، ومن أزمة الدواء إلى أزمة الأرز ومن أزمة الأرز إلى أزمة السكر وإلى آخر هذه القائمة.

قد يعارضني البعض بل ربما يعترض على ما أتصوره السيد رئيس التحرير نفسه ويراني موغلًا في القتامة والتشاؤم ويطالبني بشيء من التفاؤل، وأن أري النصف المليء من الكوب، وقد أوافقه الرأي لكنني رغم النصف المليء من الكوب أرى الأمور تزداد سوءًا بما ينعكس بالمزيد من المعاناة على قطاع «الغلابة» من الشعب وهو القطاع الأكبر الذي يواجه معاناة يومية في أقل متطلبات حياته المعيشية الأساسية التي لا غنى عنها على الإطلاق.

وفجأة وبدون مقدمات وإزاء حكومة عاجزة في حل مشاكل الغلابة في مواجهة مافيا الاستغلال وهي مافيا أقوى من الحكومات المتعاقبة، قرارت هذه الحكومة تحرير الجنيه وتركت المواطن يضرب أخماسًا، وتمادت في التخاذل وتركت هذا الغلبان وحيدًا أمام الأزمات الإقتصادية التي تلت التعويم، والمخزي أنها لم تنجح في بسط سيطرتها على الأسواق، ولم تستطيع على الإطلاق التعامل مع مافيا السوق السوداء المسيطرة على الدولار حتى وصل سعره إلى فوق ال «٧٠» جنيه، والأزمة تتلوها الأزمة حتى وصلنا إلى نفق مظلم.

يا سيادة رئيس الوزراء لست سياسيًا أو خبيرًا اقتصاديًا ولم أكن يومًا ذلك الخبير ولكن الحق في الحياة هي أبسط الأمور بالنسبة للغلابة، و«يا فرحتي» بتحرير العملة ولم نقضي على السوق السوداء، والطامة الكبرى أن حكومة سيادتكم لم تنجح في توفير موارد إضافية لتوفير السيولة الدولارية في البنوك المصرية! بل والأدهى أنها لم تستطيع جذب مزيد من المستثمرين الأجانب لضخ الدولار في الأسواق وإنعاش الأقتصاد ومنه زيادة الصادرات وعليه ترتفع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.

هناك قرى كثيرة في الأرياف لا تجد ثمن حتى لقمة العيش وهي التي كانت تصنع الخبز لنفسها ولغيرها «حس بيهم يا دولة الرئيس يحس بيك ربنا» وحاول أن تشعر بحياة المواطنين التي تحولت إلى جحيم بسبب السياسات النقدية الخاطئة والتوجه لصندوق النقد الدولي وتنفيذ أجندته التي زادت من التضخم، وهرب معه المستثمر الأجنبي، وتحولت حياة المصريين إلى معاناة دائمة، فأنت المسؤول عن الرعية وكل راع مسؤول عن رعيته، فهل راعيت الله في رعيتك واحسست بها؟!!.

لا أطالبك بأن تفعل ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بأن تحمل جوال الدقيق لامرأة فقيرة من رعيتك وتطهو لها الطعام بنفسك، وتتحسس حال الناس كما كان يفعل، وإنما أطالبك وأنت في مكتبك المكيف ومياهك المعدنية وعيشتك المستورة أن تحس بالغلابة وتتفقد أحوال رعيتك وتتخذ قرارات ناجزه لكي يصل إهتمامك لمن يستحقونه ولمن ستسأل عنهم يوم الدين.

يا دولة رئيس الوزراء، هناك رئيسًا للجمهورية ضحى بنفسه وبكل الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن، وحارب بكل قوته من أجل إستقراره، وتحمل على عاتقه مسؤولية بناء الجمهورية الجديدة ونجح في إرساء قواعدها، وأعطى لسيادتكم ضوء أخضر كي تتحملوا مسؤولية «المواطنين الغلابة»، وسخر لكم جميع الإمكانيات المادية المتاحة، حتى تم في عهدكم تنفيذ العديد من المشروعات القومية العملاقة، ووجهكم إلى تنفيذ أعلى قدر من الحماية الإجتماعية، لكن سياستكم النقدية كانت سبب في زيادة معدلات التضخم، وكلفت المواطن أعباء مالية كبيرة لا يستطيع تحملها، هذه الأزمات تمحي من ذاكرة الشعب جميع الإنجازات التي حققتها حكومتكم، وتهز الإستقرار الذي كلف الرئيس وشعبه مجهودات مضنية.

فعلم يا دولة الرئيس أن الشعب لن يتحمل أي أعباء أخرى أو جديدة فقد فاض به الحال؛ لذلك نرجوك الاستقرار الذي ننشده من أجل إفشال المخططات المعادية لمصر، نرجوك أن تسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تضبط الأسعار وتسيطر على الأسواق وتأمر بالرقابة الصارمة على أسعار السلع الإستراتيجية وتسد الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية وتقلل من حجم التضخم حتى تستقر الاسعار ويقف المواطن الغلبان معك في وجه كل المتأمرين على الوطن الغالي.. وإن لم تستطع وعجزت فاترك المهمة لغيرك حتى لا نفاجأ بأننا «لبسنا في الحيط» وكل مرة نبدأ السطر من أوله ولا نبدأ من حيث إنتهى الآخرون، مما يمثل استنزافًا لإمكاناتنا وفلوسنا وتحويل الشعب إلى فئران تجارب تنتهي بالفشل.

تابع موقع تحيا مصر علي