ياسر حمدي يكتب: حقًا بنت أصول.. عن زوجتي أتحدث
ADVERTISEMENT
كثيرًا من الناس يظنون أن الرزق مال فقط، مع العلم أن الصحة رزق، والأولاد رزق، والزوجة الصالحة خير الأرزاق، ولو كانت بنت أصول يسعد بسببها الزوج في الدنيا والأخرة، وينعم براحة البال، والنجاح في العمل، والإستقرار في المعيشة والحياة الزوجية والإجتماعية، بل والسعادة المطلقة في كل مناحي الحياة.
حقًا الزوجة الصالحة المطيعة ذات الأصل العريق هي خير الأرزاق على الإطلاق، فهناك الكثير من الأزواج من تبدلت حياتهم بعد الزواج إلى جحيم ويأس منقطع النظير، وعاشوا في حزن شديد، وتحولت معيشتهم إلى سواد دامس بسبب سوء الإختيار للزوجة، حتى أن الكثير منهم تنتهي حياته إما بالسجن أو الإنتحار، ويكون الفشل والتفكك الأسري هو العنوان الرئيسي لهذه التجربة البائسة.
زوجتك هي شريكة حياتك، تتقاسم معك مرارة الأيام، وتعينك على قضائها، وتساندك وقت الشدة، و تحنو عليك في الألم، وتشد من أزرك في الأزمات، وتفرح لفرحك، وتحزن لحزنك، وتتألم لمرضك، وتقف بجانبك في المحن، وتبذل قصارى جهدها لنجاح حياتها الزوجية بالمودة والرحمة، وترضى بحال زوجها في الضراء قبل السراء، وتشاركه معيشته مهما كان وضعها بحلوها ومرها.. وهنا وبمنتهى الصراحة عن زوجتي أتحدث.
بنت الأصول يظهر معدنها النفيس وقت الشدائد والمحن، وتتحمل مسؤوليتها بكل عزيمة وجد وإصرار، وتظل خلف زوجها بكل ما أوتيت من قوة حتى يتغلب على مشاكله وتنقضي عنه الحاجات، ولن ولم تمل ولا تكل ولا تتأفف أبدًا، وتهون عليه الصعاب، وتمحو بحكمتها من على قلبه الهموم، وتبقى له الراحة بعد العناء والتعب، وتداوي آلام مرضه بحسن المعاشرة وطيب الكلام.
يقول الأديب الراحل مصطفى صادق الرافعي: «إذا رأيت الرجل موفّقًا فيما يحاوله، مسدّد الخُطى إلى الهدفِ الذي يرمي إليه، فاعلم أن وراءه امرأة يحبّها وتحبّه»، والحقيقة المؤكدة أني وجدتُ في بيتي هذه الزوجة الأصيلة الودودة المتفاهمة التي تقف وراء ما أنا فيه من نجاح، وتتحمل ما أنا فيه من مرض، وما أشد حاجة بيوتنا جميعًا إلى الحب المتبادل، فهو الأصل والدواء وأساس الوفاق.
تعرفت عليها بالصدفة البحتة داخل أروقة جامعة القاهرة، وسرعان ما حدث الحب والوفاق بيننا، وصارحتها بحبي لها، فكانت المفاجأة السارة التي حلمت بها أني وجدتها تبادلني نفس الشعور بالحب، عشنا ومازلنا نعيش في قصة حب وعشق ملئت حيتنا بالسعادة والمودة والرحمة والإحترام المتبادل، حبي لها فاق حب قيس لليلى وعنتر لعبلة وروميو لچوليت ولا أبالغ، وكتبت في حقها عدد كبير من قصائد الشعر توهجًا لمشاعري وحبي الصادق لها.
واليوم أقول لها وبمنتهى الأمانة والإخلاص في القول والعمل والمشاعر الصادقة «حقًا يا زوجتي يا حبيبتي ومُنية قلبي أنتِ بنت أصول»، كنتي لي ومازلتي نعمة الزوجة المخلصة، ولن أخجل وأقول أنكِ السند والعون، تحملتي معي ما لم يتحمله بشر قط، كنتي رفيقة دربي في الحياة كلها وقت أن كانت صعبة، وفي المحن وما أكثرها، وفي السعادة وبصدق وما أقلها، وفي الضيق والفرج.
حبيبتي عن أصلك الغالي النفيس أتحدث اليوم بدون خجل ولا وجل، وتعجز كلماتي وتخونني الفاظي عن وصف حقيقتك الطيبة وصفاتك النبيلة وأصلك العريق، لكن وبمنتهى الصدق عليكي أن تعلمي تمام العلم أنكِ كل الحب والوفاء، وأنتِ كل العشق والحنان والإشتياق، بل أنتِ مُنية القلب وغذاء الروح، وأنتِ يا أميرتي الملكة المتوجة على عرش قلبي.
زوجتي المخلصة ما تفعليه معي من بداية حبنا، وما تقومي به من أجل سعادتي وراحة بالي فاق كل توقعاتي، وتعجز عن وصفه كل المفردات والمعاني، وتخجل أمامه تصرفاتي معكِ ويعشقه عقلي وتحبه مشاعري ويقدره وجداني، حبيبتي مهما فعلت وما حاولت لم ولن أوفيكِ حقك عليا ولن أستطيع أن أرد لكِ جزء بسيط جدًا من حنان قلبك وحكمة عقلك ونبل أفعالك.
لستُ أن ذلك الشخص الذي يود أن يكتب عن شخصه وحياته، ولم أفعل ذلك من قبل ولن تحدث بعد، لكن ما تقوم به زوجتي الحبيبة منذ ارتباطي بها أحرجني أمام نفسي، لأن عمنا الكاتب الصحفي الكبير الراحل عبد الوهاب مطاوع يقول: «الحب عطاء بلا تحفظات ولا حسابات يقابله غالبًا عطاء مماثل إن لم يزد عنه من جانب الشريك المحب»، وأنا للأسف أمام هذا الكم الهائل من الحب والعطاء وقفتُ عاجزًا، فلم تمكنني ظروفي من أن أقابل ما تفعله بعطاء مماثل ولا أستطيع قط أن أزيد.
في أجازة عيد الفطر الماضي، وبمحض الصدفة أكتشفنا أن ضغط دمي عالي جدًا، ووصلت القياسات ل ٢٢٠ وهو رقم عالي بدرجة مبالغ فيها تصل إلى حد الخوف والقلق، وأبلغنا صديقي الطبيب المعالج وبعد الفحص الأولي أن ضغط الدم العالي قد تأثرت به عضلة القلب قليلًا، وبعد الفحوصات تبين أن الكلى قد تأثرت بشكل كبير بسبب الضغط أو العكس، ومن هنا سارعت هي بالبحث عن أمهر واشطر أساتذة الكلى، وقد كان.
تحولت حياتها إلى صراع قوي مع الوقت حتى تحصل على نتائج التحاليل وفحوصات الأشعة، وهي تتقطع من داخلها لكنها تطبطب على شخصي وتطمئنني وتخفف من فزعي، وأبلغنا أستاذ الكلى بعد تجميع كافة النتائج بأن هناك مشكلة بالكلى سوف تدوم لوقت طويل لا يعلمه إلا الله، ومن وقتها مستمر على كافة الأدوية التي أمر بها، وزادت علينا الأعباء المادية بما يفوق عشرات الأضعاف، نظرًا للخضوع لأوامر الطبيب.
ومن لحظة إكتشاف مرضي تحولت إلى ملاك، على الرغم من كونها كانت كذلك من قبل بل زادت ملائكيتها أضعاف الأضعاف، وتحملت فوق طاقتها ما لا يطيقه إنسان، وعلى الرغم من محاولتها المستميتة طول الوقت من تخفيف آلام ما أنا فيه إلا أن مشاعرها الصادقة كانت تفضح حقيقة مشاعرها وآلمها وخوفها على حبيب قلبها، وفي كل مرة كنا نذهب للطبيب كانت تهون عليًا وتؤكد أن هذه المرة أفضل بكثير عن الماضية، وأن نسبة التحسن تفوق المعدلات الطبيعية.
تحملت خلال الشهور الماضية ضغوط كبيرة جدًا وعلى الرغم من ذلك لم تكل ولن تتأفف قط، فقط الكلام الطيب، والخدمة الفائقة، والإستجابة السريعة، والعمل على تقليل فاتورة التكاليف الباهظة نتيجة الأدوية المرتفعة الثمن والفحوصات اللازمة المستمرة بأسعارها العالية والأشعة ذات التكلفة الغالية، والمؤسف أن هناك قلة من الأهل المقربين لها كانت تأكلهم نار الغيرة من شدة ما تفعله مع عشق روحها كما تنعتني، وكانوا يحاولون بالوقيعة بيننا بحجة تعبها وأنها هي من سوف تمرض من شدة قلقها وخوفها، لكن أصلها الطيب وحبها الصادق كان حائل بين إخلاصها لزوجها وبين ما يسعون من شر.
حبيبتي لقد كان يحقد على حبنا منذ اللحظة الأولى الكثير من حولنا، وبائت محاولتهم الشريرة بالفشل، وكان يدور بيننا نقاش بأن حبي لكي أكبر بكثير من حبك لي لكن اليوم تأكد لي وبالدليل القاطع أن حبك وإخلاصك لي أكبر بكثير قوي وصدقتي أنتِ على صدقي المنقوص، بحبك يا بنت الأصول، والإنسان بتظهر حقيقة أمره بالمواقف، فشكرًا لقلبي الذي إختاركِ من بين كل البشر، وشكرًا لرب البشر أن رزقني بخير الأرزاق كلها على الإطلاق وهو أنتِ يا مُنية قلبي وغذاء روحي، يا ملاك على هيئة بشر.