عاجل
السبت 02 نوفمبر 2024 الموافق 30 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الحبيب علي الجفري: غير المسلم الذي مات وهو يبحث عن الله «شهيد»

الحبيب علي الجفري
الحبيب علي الجفري - الداعية الإسلامي

أوضح الحبيب علي الجفري، الداعية الإسلامي، الفارق بين من رفض الإيمان بالله جحودًا وعنادًا ضاربًا بكل الأدلة التي وضعت أمام عينيه عرض الحائط، وبين من أخضع كل شيء للاختبار في محاولة للوصول إلى الحق.

وقال الجفري: «إن الله ليس بغافل عن أفعال الظالمين؛ إذ يقول جل وعلا: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" (إبراهيم: 42)، هذا الذي عاش واغتر أنه يفهم كل شيء، وأنه ضابط كل شيء بمعيار ومقياس ومرتب الأمور، إذا اكتشف الحقائق يوم القيامة يشخص بصره، ثم يعترف أنه كان مغرورا ولم يستخدم نعمة العقل: "وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ" (الملك: 10)».

ندم أكابر المفكرين

وأوضح الداعية الإسلامي، أن أكابر المفكرين الذين لم يؤمنوا بالله وكانت أمامهم فرصة الإيمان وقد تيسرت لهم كل الأسباب التي تدفعهم إلى أن يؤمنوا فأصروا على عنادهم وكفرهم - هؤلاء الذين يغتر الناس وينبهرون بها - هم أنفسهم سيقولون يوم القيامة: «نحن كنا بلا عقل.. لو كان عندنا حُسن نظر وتدبر وقياس وعقلنا الأمور ما كانت النتيجة أننا نُرمى في النار، وبعض الذين كنا ننظر إليهم أنهم دوننا الآن في الجنة؟ بعد ما كنا نسخر منهم ونعبث بأفكارهم وإيمانهم ونراهم متخلفين ونحن نريد أن نخلصهم من المقدس.. لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير، وهؤلاء ندمهم وقتئذ لا يفيد لأن الفرصة كانت أمامهم في الدنيا وأضاعوها باختيارهم».

حكم أهل الفترة

وأكد الحبيب علي الجفري، أن من الإنسان الذي لم تتح له فرصة الفهم، بأن الرسالة لم تبلغه أو بلغته على نحو مشوه وغير مفيد في تقوية جوانب الصدق، ولم يكن من طاقته البشرية أن يعرف الله؛ فهذا حكمه عند الله عز وجل حكم أهل الفترة وهم ناجون من العذاب: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا» (الإسراء: 15).

والفارق الذي يجعل هذا من أهل الشقاوة، ويجعل غيره من أهل السعادة، يتمثل في أن إنسانًا يفعل كل ما يستطيع وبكل ما آتاه الله من قوة أو إمكانية أو قدرة في محاولة إثبات ما مالت إليه نفسه واستقر عليه هواه، وكل ما يُخالف هذا الهوى يدفعه وينكره ويرفض تصديقه بأي طريقة حتى ولو كانت غير عقلانية، ومثل هذا الإنسان غطى هواه على بصره وسمعه وعقله: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ» (الجاثية: 23)، وأضله الله على علم لأنه أتيحت له إمكانية أن يفهم ويختبر ويتأكد.

البحث عن الحقيقة

وبينّ الجفري، أن هناك فارق بين هذا المعاند (المُشار إليه في الفقرة السابقة)، وبين إنسان ظل طوال حياته يضع ما استقر لديه من مفاهيم موضع الاختبار، وكان يبحث عن الحق، ودائمًا يختبر ما ترسخ لديه ويحاول أن يتأكد أملًا في الوصول إلى الحق حتى يصل، فهذا من أهل السعادة.

ومن أهل السعادة أيضًا، إنسان ظل طوال حياته يضع ما استقر لديه من مفاهيم موضع الاختبار، وكان يبحث عن الحق، ودائمًا يختبر ما ترسخ لديه ويحاول أن يتأكد أملًا في الوصول إلى الحق؛ لكنه مات وهو في طريق البحث عن الحقيقة؛ فهذا «شهيد» عند الله حتى لو لم يكن مسلمًا.

لماذا هو عند الله شهيد؟ لأنه بذل روحه في الطريق إلى الله عز وجل، صحيح أنه لم يصل إلى الحق؛ لكن الله يعلم أنه بذل كل ما لديه من الطاقة والاستعداد والقدرة والإمكانية ليصل إلى الله، وما دام مات في الطريق؛ فهذا سائر إلى الله عز وجل، حتى ولو لم يعتنق الإسلام.

تابع موقع تحيا مصر علي