مفتي الجمهورية: التوسعة على الأهل يوم عاشوراء سنة ثابتة عن النبي
ADVERTISEMENT
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن توسعة رب الأسرة على أهله وعياله ومن يعول في يوم عاشوراء سنة ثابتة عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصحابة والسلف الصالح من بعده، ونص على الأخذ بها فقهاء مذاهب أهل السنة الأربعة المتبوعة من غير خلاف، وجرى عليها عمل جماهير الأمة في مختلف الأعصار والأمصار، فلا التفات إلى قول منكرها.
التوسعة على الأهل يوم عاشوراء
وأوضح مفتي الجمهورية، أن التوسعة على الأهل والعيال يوم عاشوراء سنَّةٌ نبوية جليلة؛ قوَّاها كبار الحُفَّاظ، وأخذ بها فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية، وجرت عليها عادة جماهير الأمة عبر الأمصار والأعصار، وقد جاءت عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جماعة من الصحابة؛ منهم: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم.
وأمثل هذه الطرق وأقواها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: فقد أخرج الحافظ أبو عمر بن عبد البر في (الاستذكار) من طريق شعبة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ». قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ)، وقال أبو الزبير مِثْلَهُ، وقال شعبة مِثْلَهُ.
قال الحافظ أبو الحسن بن القطَّان في (فضائل عرفة): «إسناد هذا الحديث حسن» اهـ. وقال الحافظ العراقي في (جزء التوسعة): «وهو على شرط مسلم» اهـ.
وقد ورد الأثر بهذه السُّنَّة عن الصحابيين الجليلين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وعن محمد بن المنتشر (وكان مِن أفاضل أهل الكوفة في زمانه؛ كما قال ابن عُيَيْنَةَ)، وابنه إبراهيم، وأبي الزبير، وشعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد، وسفيان بن عُيَيْنَةَ.
فأخرج الدار قطني في (الأفراد)، وابن عبد البر في (الاستذكار) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «مَن وسَّع على أهله يوم عاشوراء وسَّع الله عليه سائرَ سَنَتِه». قال يحيى بن سعيد: (جرَّبنا ذلك فوجدناه حقًّا). وقال سفيان بن عُيَيْنَةَ: (فجرَّبنا ذلك نحوًا مِن خمسين سنة فلم نَرَ إلا سَعةً).
فضل التوسعة في يوم عاشوراء
وأكد مفتي الجمهورية، أن سُنَّة التوسعة قوَّاها جمعٌ من الأئمة والحفّاظ؛ كالإمام عبد الملك بن حبيب من المالكية، والحافظ البيهقي، وأبي موسى المديني، وأبي الفضل بن ناصر، والعراقي، وابن حجر في (الأمالي)، والسخاوي، والسيوطي، وغيرهم، ومن ضعَّف منهم أسانيد أحاديثها أو بعضها فقد قوَّاها بمجموعها؛ كما صنع الحافظ البيهقي في (شعب الإيمان) حيث يقول: «هذه الأسانيدُ وإن كانت ضعيفةً فهي إذا ضُمَّ بعضُها إلى بعض أخذَتْ قوةً، واللهُ أعلم» اهـ.
وقال الحافظ السيوطي في (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة) ردًّا على من ادَّعَى عدم ثبوت الحديث: «كلَّا، بل هو ثابت صحيح» اهـ.
وقد صنف جماعةٌ من الأئمة الحفَّاظ في جمع طرق أحاديثها وتقويتها والرد على من أنكرها؛ كما صنع الحافظ أبو الفضل العراقي [ت806هـ] في رسالة (التَّوْسِعَةِ على العيال)، والإمام السيوطي [ت911هـ] في رسالته (فضل التوسعة في يوم عاشوراء)، والحافظ أحمد بن الصديق الغماري [ت1380هـ] في كتابه (هدية الصغرا، بتصحيح حديث التَّوْسِعَةِ على العيال يوم عاشورا).
عاشوراء يوم عظيم معلوم القدر عند الأنبياء
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أنه قد اتفقت المذاهب الأربعة بلا خلاف على استحباب التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء.
قال الحافظ العيني الحنفي في (نخب الأفكار): «وبالجملة هو يوم عظيم معلوم القدر عند الأنبياء عليهم السلام، والنفقة فيه مخلوفة. ثم روى حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا» اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في (رد المحتار على الدر المختار): «نعم، حديث التَّوْسِعَةِ ثابتٌ صحيحٌ كما قال الحافظ السيوطي في (الدرر)» اهـ.
وقال الإمام ابن العربي المالكي في (المسالك في شرح موطأ مالك): «وأمَّا النَّفَقَةُ فيه والتَّوسعة فمخلوفَةٌ باتِّفَاقٍ إذا أُرِيدَ بها وجه الله تعالى، وأنَّه يخلف الله بالدِّرْهَمِ عشرًا» اهـ.
وقال العلامة الصاوي المالكي في (حاشيته على الشرح الصغير): «ويندبُ في عاشوراء التَّوْسِعَة على الأهلِ والأقاربِ» اهـ.
وقال العلامة سليمان الجمل الشافعي في (حاشيته على فتح الوهاب)، لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: «ويستحبُّ فيه التَّوْسِعَةُ على العيال والأقارب، والتصدقُ على الفقراءِ والمساكين من غير تكَلُّفٍ، فإن لم يجد شيئًا فليوسع خلقه ويكفَّ عن ظلمه» اهـ.
وقال العلامة برهان الدين بن مفلح الحنبلي في (المبدع في شرح المقنع): «فائدة: ينبغي فيه التوسعة على العيال، سأل ابن منصور أحمد عنه قال: (نعم)» اهـ.
واختتم فضيلة مفتي الجمهورية، حديثه: «وبناءً على ذلك؛ فسنة التوسعة على العيال سنة ثابتة عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن السلف الصالح، وقد نص على الأخذ بها فقهاء مذاهب أهل السنة الأربعة المتبوعة من غير خلاف، وجرى عليها عمل جماهير الأمة في مختلف الأعصار والأمصار، فلا التفات إلى قول منكرها».