ياسر حمدي يكتب: المسؤول والضمير والإنسانية
ADVERTISEMENT
لو صلح حال كل مسؤول في منصبه، واستيقظ الضمير، وسيطرة الإنسانية على الموظفين والمسؤولين في هذا الوطن الغالي، وراعى كل ذو منصب مصلحة الجمهور المتردد عليه كما يراعي مصالحه الشخصية، وعلم أن مكانه يحتم عليه تسخير كل ما في وسعه من أجل خدمة المواطنين، لصارت مصر في مصاف الدول الكبرى المتقدمة اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، لكن للأسف هنا نجد النقيضين معاً، وهذه معضلة كبيرة جدًا، لأن الضمير انعدم والإنسانية قلت، وهذا سبب ما نحن فيه الآن.
والحقيقة المؤكدة أن هناك بعض المسؤولين أصحاب الخبرات، والضمير الواعي، والحكمة والإنسانية، ينحتون في الصخر، ويجدون عرقًا من أجل مصلحة الوطن والمواطن، وأينما وجدوا يتحول المكان بإدارتهم الحكيمة والرشيدة وإخلاصهم في عملهم وتفانيهم فيه إلى نموذج مشرف، ومكان يحتذى به في تقديم أفضل الخدمات للجمهور بسهولة ويسر، ودائمًا ما تجدهم ناجحين محبوبين متقدمين عن غيرهم في أي موقع أو منصب، لكنهم للأسف قلة بسيطة جدًا في مجتمعنا.
الإنسانية حكمتهم، والعقل والرزانه صفاتهم، والوعي والحس الوطني حليفهم، وروح القانون نصب أعينهم، لذا لا تجد في مصالحهم العامة أو إدارتهم المختلفة أو أماكن عملهم مهما كانت طبيعتها أو حجمها أي مشكلة من أي نوع، نظرًا لفهمهم الواقع الذي يعيشونه، ويقينهم بأن مصالح المواطنين يجب أن تقضى بإتقان، لأن في ذلك تقدم ورقي لهذا الوطن الغالي.
لقد حبى الله مصر برجال شرفاء، مخلصين في عملهم، أوفياء لوطنهم، أمثال الأستاذ الدكتور «محمد عبد المعطي محمد سمرة» عميد معهد الأورام الحالي، فمنذ أن كلفه الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، بهذه المسؤولية الكبرى وتولى منصب عميدًا لمعهد الأورام وقام عبد المعطي بوضع أولوية قصوى لملف خدمة المرضى المترددين على المستشفيات التابعة للمعهد.
مسؤوليته جعلته يعمل بجد واخلاص فقد ساهم في تحسين الخدمات الطبية المُقدمة للمرضى، والارتقاء بمستوى الرعاية الصحية التي يتلقونها لتكون بأعلى درجة من الكفاءة والمهنية الطبية، والحقيقة ساهم بإدارته الرشيدة في تقليل قوائم الانتظار، وعمل على توسيع نطاق الخدمات لتمكين المزيد من المرضى من الحصول على العلاج والرعاية اللازمة، بالإضافة إلى توفير مستوى متميز من العناية الطبية المتكاملة في جميع مجالات الأورام في نطاق بيئة تعليمية وبحثية متكاملة.
الدكتور محمد عبد المعطي منذ اللحظة الأولى لتولية المسؤولية بمعهد الأورام عمل على تطوير مستشفى الثدي، وتطوير البنية التحتية والطبية، وزيادة العيادات الخارجية، وإنشاء استراحات للمرضى، ومضاعفة الأجهزة التشخيصية وأسرة العلاج الكيميائي، وإنشاء صيدلية إكلينيكية جديدة، واستحدث قسم للعلاج الإشعاعي، وزيادة الطاقة الاستيعابية والأجهزة الطبية الحديثة بقسم الأشعة التشخيصية.
كما عمل بجهد وتفاني منقطع النظير على زيادة نسب الإنجاز في مشروع مستشفى 500 500، والتي بلغت ما يزيد على 80% من أعمال المرحلة الأولى بالمشروع، والانتهاء من واجهات المبنى الأمامي، وجاري العمل على الانتهاء من إجراءات شراء الأجهزة الطبية وجميع المستلزمات، ليدخل الخدمة ويقدم كافة الخدمات الصحية للمرضى على أعلى مستوى وبأفضل أداء في أقرب وقت ممكن بأحدث النظم العالمية المتخصصة في علاج السرطان.
وأعطى عبد المعطي أولوية قصوى لتطوير ورفع كفاءة المعهد القومي للأورام القديم بمبنييه الشمالي والجنوبي وتزويده بأحدث الأجهزة وفقًا لكود المستشفيات العالمية، وإضافة 255 سريرًا، منهم 145 سريرًا للمرضى و110 أسرة للعلاج بالكيميائي، بالإضافة إلى 6 غرف عمليات و18 سريرًا للرعاية المركزة، لزيادة الطاقة الاستيعابية للمبنى الجنوبي بما يمثل 50% من الطاقة الاستيعابية للمعهد.
في عهده وبفضل خبراته العلمية البارعة في مجالي الطب والادارة وصل عدد العمليات التي يجريها معهد الأورام القديم بعد تجديده وخصوصًا بعد تعرضه للحادث الإرهابي المؤسف والمشين إلى 5000 جراحة سنويًا، و100 ألف جلسة علاج كيماوي وإشعاعي، وأصبح المعهد يستقبل 300 ألف حالة مرضية سنويًا، منهم 25 ألف حالة جديدة، ويتم التعامل معها بكل احترافية.
الدكتور محمد عبد المعطي إجتمعت فيه خصلتين أهدرهما أيما تقدير: «الضمير والإنسانية» هما الأهم في زمننا هذا، ضميره اليقظ قاده لتطوير وحدة زرع النخاع بالدور السادس، وإنسانيته جعلته يسرع في تطوير وحدة أورام الدم بالدور السابع، وعقله الواعي أرشده إلى أن دعم مرضى الأورام بجميع فئاتهم خلال جميع مراحل التعامل معهم هو عمل إنساني من الدرجة الأولى، لذلك عمل على تقديم مختلف الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتدعيمية لكافة المرضى عن طريق فرق عمل فعالة بإستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا لتقديم رعاية صحية متكاملة ذات جودة عالية طبقًا للمعايير العالمية.
حال الكثير من المستشفيات الحكومية، هي خدمات متدنية، وإهمال جسيم، وعجز في الاسره، ونقص في الأطباء، وتشخيص خطأ، وقوائم إنتظار، وفي الغالب لا تجد غرف رعاية مركزة، وغيرها من المخاطر الصحية التي باتت تهدد صحة وسلامة المواطنين، لكن دائمًا ما تجد شعاع نور يخرج من بين الظلام ليدفعنا نحو الأمل الذي نعيش من أجله، لنجد هنا في معهد الأورام «المسؤول ذو الضمير والإنسانية» فأصبح بفضل إدارته الحكيمة منارة علمية في سماء علم الطب المتقدم.
معهد الأورام في عهد الدكتور محمد عبد المعطي يعد أبرز صرح طبي لعلاج مرضى الأورام في الشرق الأوسط، فهو قبلة جميع مرضى السرطان والأورام بشكل عام، بالإضافة إلى أن المعهد هو أكبر مكان متخصص لعلاج السرطان بمصر والشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يعالج نحو 20 % من مرضى الأورام على مستوى مصر، على عكس ما يحدث وما يرى في كثير من مستشفياتنا الحكومية والجامعية والعامة، التي بات يقين في أذهان المترددين عليها أن الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود.
كنت اتحدث مع أحد الزملاء الصحفيين العظام والمسؤول عن تغطية الأحداث الصحفية بوزارة التعليم العالي عما بادر به الدكتور محمد عبد المعطي من تطوير شامل في معهد الأورام سواء من حيث الإنشاءات أو الإدارة أو الكفاءات والخبرات العلمية، أكد لي أنه من المسؤولين الناجحين المتفوقين في كل منصب شغله، ومن أصحاب الخبرات العلمية العالية، ومخلص بدرجة كبيرة جدًا في عمله، ومتفاني في خدمة المواطنين، ولديه شعور واعي بالواجب تجاه الوطن، ومنذ تقلده منصب عميد المعهد لا يجلس على مكتبه، فهو دائم الزيارات المفاجئة على كل الأقسام، لرصد أي قصور أو مخالفة لتذليل العقبات أمامها، ومعالجة القصور وإن تطلب الأمر منه أن يعالجه بروح القانون.
حالة عميد معهد الأورام يحتذى بها، ومثال ناجح لمسؤول يسعى بكل ما أوتي من قوة لبناء بلده بجهد وكفاح وعرق وجد، وتؤكد أن هناك أمل كبير وتفاؤل في بناء الجمهورية الجديدة التي أرسى قواعدها الرئيس السيسي، ويسعى جاهدًا لإستكمالها بالتصور والأهداف الحميدة التي حددها، كي تصبح مصر أم الدنيا وقد الدنيا بالمعنى الحقيقي.. والسؤال: هل سنجد أمثال عدة للمسؤول ذو الضمير والإنسانية والحكمة والعقل الواعي كحالة الدكتور محمد عبد المعطي؟ وخصوصًا في مجالي الصحة والتعليم!.