عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الإفتاء: التصوير الفوتوغرافي جائز شرعًا.. وتعليق الصور في المنزل لا يمنع دخول الملائكة

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

جدل كبير يُثار حول حكم إلتقاط الصور الفوتوغرافية وتعليقهاعلى جدران المنزل، وهل هو أمرٌ جائز أم محرم؟ وهل ما يقوله البعض من أن الملائكة لا تدخل منزلًا علقت على جدرانه صورًا فوتوغرافية صحيح وله سند شرعي يؤيده؟

حكم التصوير الفوتوغرافي

وأوضحت دار الإفتاء، أن التصوير الفوتوغرافي مصطلح مشتق من اللغة اللاتينية اليونانية مكون من شقين، وتعني بالعربية: الرسم بالضوء.

وحقيقته: أن يستخدم الـمُصَوِّر آلة -عدسة- مُصَمَّمة بطريقة تسمح بعكس المشهد الذي أمامها في وَسَطٍ يمكنه الاحتفاظ به؛ وذلك بواسطة تأثيرات ضوئية، ثم يمكنها بعد ذلك الاحتفاظ بذلك الانعكاس بداخلها؛ وهو ما يطلق عليه الصورة الفوتوغرافية.

وقد توصَّل العلماء لفكرة العدسات الناقلة للصورة من خلال دراستهم للعين البشرية، فآلة التصوير تشبه عمل العين في انعكاس الأجسام التي في حيز الضوء بداخلها، غير أن الآلة تعمل على تسجيلها على ذاكرتها حتى يمكن رؤيتها مرة أخرى.

قال العلامة الحسن بن الهيثم في كتابه (المناظر): «قد تبيَّن فيما تقدم أن كلَّ جسم مضيء بأي ضوء كان، فإنَّ الضوء الذي فيه يصدر منه ضوء إلى كل جهة تقابله، فإذا قابل البَصَرُ مُبْصَرًا من المبصَرات وكان المبصَرُ مضيئًا بأي ضوء كان، فإنَّ الضوء الذي في المُبْصَر يرد منه ضوء إلى سطح البَصَرِ، وقد تبين أيضًا أن من خاصة الضوء أن يؤثر في البصر وأن من طبيعة البصر أن ينفعل بالضوء».

ويقول العلامة بخيت المطيعي في (الجواب الشافي): «إن أخذ الصور بالآلة المذكورة على ما قد علمناه من الثقات في ذلك، أنه عبارة عن حبس الظل بطريقة مخصوصة معلومة لأربابها، ومن المعلوم في كيفية حدوث الظل أن كل جسم كثيف إذا قابل جرمًا منيرًا حدث للجِرْم الكثيف ظلٌّ في الجهة القابلة للجِرْم المنير».

وإنما أُطْلِقَ اسم التصوير على التقاط الأشكال الفوتوغرافية مجازًا؛ تشبيهًا له بالتصوير اللغوي؛ فإن التصوير في أصل الوضع اللغوي هو مصدر (صوَّر)؛ أي: (جعل له صورة مجسَّمة)؛ كما في (المعجم الوسيط)، والتصاوير: التماثيل؛ كما في (الصحاح) للجوهري.

حكم تعليق الصور الفوتوغرافية

وأكدت دار الإفتاء، أن تعليق الصور الفوتوغرافية في البيت أو الاحتفاظ بها أمرٌ جائز؛ إذ إنَّ النهي الوارد في (الصحيحين) عن وجودها في البيت -من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ المَلاَئِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَة»- إنما يقصد به التصاوير المحرمة في ميزان الشريعة، والتي غايرت الصور الفوتوغرافية في حقيقتها وفي علة استخدامها.

ويضاف إلى ذلك أنَّ امتناع الملائكة عن دخول بيت فيه صورة إنما هو مخصوص ببيت النبوة، والملائكة المقصودة بذلك هي ملائكة الوحي لا ملائكة الرحمة ولا الحفظة، فهم لا يفارقون الإنسان على كل حال.

قال الإمام ابن بطال في (شرح صحيح البخاري): «قال ابن وضاح: الملائكة في هذا الحديث ملائكة الوحي، مثل: جبريل، وإسرافيل، فأما الحفظة فيدخلون كل بيت ولا يفارقون الإنسان على كل حال».

وقال القاضي عياض في (إكمال المعلم بفوائد مسلم): «وقال بعض العلماء: وهؤلاء الملائكة هم ملائكة الوحي، فأما الحفظة فيدخلون كل بيت ولا يفارقون بني آدم على كل حال».

حكم تعليق الصور في البيت لتذكر من فيها؟

وأشارت دار الإفتاء، إلى أن تعليق الصور في البيت لتذكّر مَن فيها، أو للوفاء لهم «جائز شرعًا»، فإذا ما كانت صورًا للوالدين أو لـ الأولياء والصالحين أو لأصحاب الفضل ندب ذلك؛ لما في مشاهدة صورهم من البرّ بهم، وتذكرهم والتأسي بصلاحهم، وقد تواردت النصوص على أنه تتنزَّل الرحمات عند ذكر الصالحين.

قال الإمام سفيان الثوري: «عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة»؛ حكاه عنه الحافظ ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله). وقال الإمام أحمد بن حنبل: سمعت سفيان بن عيينة يقول: «تنزل الرحمة عند ذكر الصالحين، قيل لسفيان: عمَّن هذا؟ قال: عن العلماء»، أخرجه الهروي في (ذمِّ الكلام).

وقال محمد بن يونس: «ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين»، ذكره ابن الجوزي في (صفة الصفوة).

التصوير الفوتوغرافي لا مانع منه شرعًا

وأوضحت دار الإفتاء، أنه بناء على ذلك: فإنَّ التصويرَ الفوتوغرافي يغايرُ التصوير المنهيّ عنه في الشريعة؛ في معناه اللغوي، وفي حقيقته، وفي علة تحريمه، وانتفاء المعنى والحقيقة والعلة ينفي الحكم لا محالة؛ إذ إنَّ الحكمَ على الشيء فرعٌ عن تصوره، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فالتصوير الفوتوغرافي لا مانع منه شرعًا، وتعليق الصور جائز ما لم تشتمل على المحرمات أو كشف العورات أو انتهاك الخصوصيات.

والنهي عن الصور في البيت إنما جاء مصاحبًا لحرمة التصوير المقصود به مضاهاة خلق الله أو العبادة، وهذه الصور الفوتوغرافية لا تمنع دخول الملائكة في الجملة؛ إمَّا لأنَّ المقصود بالصور التي تمنع دخول الملائكة هي التماثيل التي تُتَّخذ للمضاهاة أو العبادة والتعظيم، أو لأنَّ المقصود بها ملائكة الوحي، فيكون النهي مخصوصًا ببيت النبوة، ولامتناع مفارقة الحفظة من الملائكة للإنسان على كل حال.

تابع موقع تحيا مصر علي