عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الحوار الوطني.. الحل الممكن

منذ دعوة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى الحوار الوطني، ومشاركة كافة الأطياف السياسية في الحوار، وهناك بريق أمل لفض حالة الاشتباك السياسي في مصر، وإعادة ترسيم العلاقة بين النظام الحاكم وجميع القوي السياسية مرة أخرى، وخصوصًا بعد الإفراج عن كثير من السجناء السياسيين.

الحوار أهم وسيلة نجحت بها الشعوب التي تسعي لبناء وطنها

وفي واقع الأمر الوضع السياسي في مصر أعقد مما يتخيل الجميع، وخصوصًا قوي المعارضة التي يعيش أغلبها علي النظريات السياسية المجردة من الواقع، والتي لا تمس الأزمة الحقيقية؛ إلا من استطاع الموازنة بين النظرية السياسية والواقع المصري وجلس علي مائدة المفاوضات، واستطاع أن يعيد قراءة السنوات السابقة وتأثيرها علي الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي والديني ورؤية الأزمة من عدة جوانب بقراءات دقيقه ومنطقية.

والحوار هو أهم وسيلة نجحت بها الشعوب التي تسعي لبناء وطنها، والحوار في واقعه أمر حتمي بغض النظر عن النتيجة وحجم المكاسب، وطرح رؤية الحوار الوطني في حد ذاتها مكسب للجميع لإعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة والمتناحرة سياسيًا، وفي واقع الأمر من يملك شجاعة قرار الحوار هو أقوي بكثير ممن يملكون قرار الانسحاب والمزايدات لكل من يختلف معهم.

المزايدات لم تنجح في الماضي ولن تنجح في المستقبل

ومن يعتقد أنه يستطيع تدارك الأزمة وإحداث تغيير دون حوار وطني فهو خارج نطاق الزمن ومنفصل عن قراءة الواقع، والحقيقية أن المزايدات لم تنجح في الماضي ولن تنجح في المستقبل؛ لأنها ظاهرة صوتية تؤدي إلى الإنهيار حتى مع نبل النوايا.

وهناك شريحة ممن تم دعوتهم إلى الحوار الوطني كانوا من المشاركين والمؤثرين في صفوف المعارضة بل منهم من كان سجينًا سياسيًا، وقد يعتقد البعض أن وجود هذه الشريحة ضمن الحاضرين لفعاليات الحوار الوطني يمثل خطرًا علي المعارضة باعتبار أن أهل المعارضة خلقوا للثورة وليس للسياسية، وخلقوا للإعتراض وليس الجلوس علي موائد الحوار السياسي وإيجاد حلول، وهؤلاء لابد أن نشفق عليهم أكثر مما نتعامل معهم علي محمل الجد، وأن ندعوا لهم أن يفيقوا من غيبوبتهم السياسية ويتخلوا عن مراهقتهم الفكرية وأحلامهم الوردية، وفي نفس الوقت نتجنبهم ولا نلتف لهذه الظاهرة الصوتية التي ستنخفض مع الوقت والزمن حتي تنعدم، وأن نعطي المجال لميلاد تيار سياسي خرج من رحم المعارضة قادر علي الموزانة بين حقوق المجتمع واحترام الدولة.

الحوار ليس بالضرورة أن يقوم علي المناصفة

والحوار ليس بالضرورة أن يقوم علي المناصفة؛ لأن من يحكم المائدة السياسية هو قانون القوة وهو قانون مستمد من الطبيعة، وليس المطلوب من الحوار تحقيق الأحلام المشروعة، بل المطأمول تحقيق المطالب الممكنة، وربما مكسب ضئيل أعظم بكثير من الانسحاب والاستسلام، وشرف المحاولة أهم بكثير من التشدق بالشعارات الجوفاء.

وربما أثناء جلسات الحوار الوطني نجد صوت العقل والحكمة وتتضح الرؤية الغائبة منذ عقود، وربما تعيد المعارضة قرائتها للواقع مرة أخرى بعدما تزداد الصورة وضوحًا بالحوار، ويدركون حجم المسئولية الجسيمة التي تحملها الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن معه خلال السنوات المرعبة الماضية. وربما يرى النظام الحاكم معارضة جديدة لم تكن موجودة في الماضي أكثر نضجًا وعقلًا وتحملًا للمسئولية، وربما يخرج القائمين علي الحوار بميثاق جديد يمهد الطريق لغد أفضل.

وأخيرًا؛ الحوار الوطني هو حوار مفتوح يحمل التوقعات.. هو حوار فض الاشتباك وإعادة قراءة لكل الجالسين علي المائدة.. هو حوار بناء جسر من الثقة المفقودة.. هو حوارٌ مطلوب في هذا التوقيت من أجل الجميع.

تابع موقع تحيا مصر علي