عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

معركة زكاة الفطر.. السلفيون يثيرون الجدل حول قيمتها.. عبدالله رشدي و«ابن الحويني»: إخراجها حبوبا رأي الجمهور.. والأزهر والإفتاء: النقود أنفع لمصلحة الفقير

زكاة الفطر 2023
زكاة الفطر 2023

واصل الداعية واليوتيبر عبد الله رشدي، إثارته للجدل، من خلال القول بفتاوى تخالف الرأي الرسمي لمؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية؛ إذ أعتبر رشدي أن إخراج زكاة الفطر نقودًا أمرٌ لا يجوز عند أتباع المذهب الشافعي.

مذهب الشافعية في إخراج زكاة الفطر

وقال الداعية واليوتيبر عبد الله رشدي، في منشور كتبه على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «مذهبُنا -نحن الشافعية- أنه يجب في الصَّدقاتِ عينُ المنصوصِ عليه؛ فلا يُجزِئُ عندنا القِيمة لأنَّ الزكاة عندنا قربةٌ لله والواجب فيها اتباع أمرِ الله. ومن قلَّدَ غيرَنا فما أبعدَ إن شاء الله».

منشور عبدالله رشدي حول زكاة الفطر

عبد الله رشدي يدعم حاتم الحويني

ومنشور اليوتيبر عبد الله رشدي، الذي قال فيه بعدم جواز إخراج زكاة الفطر مالًا على مذهب الشافعية، كتبه عقب يوم من كتابة الداعية السلفي المتشدد حاتم الحويني، منشورًا يزعم فيه أن إخراج زكاة الفطر مالًا لا يجوز بالكلية.

وقال حاتم الحويني، في منشور كتبه على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «كلّفت أحد أحبابي أن يشتري لي أرزًا، وهذا غالب قوت أهل مصر؛ لإخراج زكاة الفطر عن عائلتي بعد غروب شمس آخر يوم في رمضان، تكلفة الفرد تقريبًا 74 جنيهًا مصريًّا، وهذا السعر في محافظة كفر الشيخ، تقريبًا نصيب الفرد 3 كيلو من الأرز».

منشور حاتم الحويني حول زكاة الفطر

وحرض ابن الحويني، متابعيه على عدم الأخذ بفتوى الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية التي أجازت إخراج زكاة الفطر نقودًا؛ قائلًا: «أُخرج من كلّ خلاف وافعل ما فعله رسول الله ﷺ وأَخرج ‫زكاة الفطر طعامًا لا مالًا؛ كما فرض ذلك رسول الله ﷺ وعليه جمهور أهل العلم».

وتابع ابن الحويني، فتواه التي لم يقل بها أهل العلم المعتبرين: «اللي يقولك: مصلحة الفقير أولى فاخرجها مالًا لا طعامًا، قل له: لو خايف على مصلحة الفقير بجد أَخرج 400 جنيه للفرد قيمة ‫زكاة الفطر زبيبًا، ولا تختار سعر الشعير الذي لا يعدّ قوتًا لأهل ‫مصر».

مشيخة الأزهر الشريف

الأزهر: إخراج زكاة الفطر نقودًا أولى وأوقع

وعند سؤال أهل العلم الثقات، عن جواز إخراج قيمة زكاة الفطر مالًا من عدمه؟ أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الحالي، مفتي الديار المصرية السابق، أن الأولى في عصرنا الراهن إخراج زكاة الفطر مالًا، وقد قدرت قيمتها بـ 30 جنيها في أيامنا هذه، وذهبنا إلى القول بإخراج زكاة الفطر من النقود موافقة لمذهب طائفة من العلماء يعتد بهم، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، منهم: الحسن البصري، حيث روي عنه أنه قال: «لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر»، وأبو إسحاق السبيعي، فعن زهير قال: «سمعت أبا إسحاق يقول: «أدركتهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام»،  وعمر بن عبد العزيز، فعن وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: «نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته: نصف درهم»، وهو مذهب الثوري، وأبي حنيفة، وأبي يوسف.

وأشار مفتي الجمهورية السابق، إلى أن إخراج زكاة الفطر مالًا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، وهو أيضًا مذهب الإمام الناصر، والمؤيد بالله، من أئمة أهل البيت الزيدية، وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما هو مذهب بقية أهل البيت، أعني جواز القيمة عند الضرورة، وجعلوا منها: طلب الإمام المال بدل المنصوص.

الدكتور علي جمعة - عضو هيئة كبار علماء الأزهر

وتابع عضو هيئة كبار علماء الأزهر: وهو قول جماعة من المالكية كابن حبيب، وأصبغ، وابن أبي حازم، وابن دينار، وابن وهب، على ما يقتضيه إطلاق النفل عنهم في تجويز إخراج القيم في الزكاة، الشاملة لزكاة المال وزكاة الرؤوس، بخلاف ما نقلوه عن ابن القاسم وأشهب، من كونهما أجازا إخراج القيمة في الزكاة إلا زكاة الفطر وكفارة الأيمان.

وأوضح الدكتور علي جمعة، أن كل هؤلاء العلماء ذهبوا إلى ذلك في عصورهم القديمة وقد كان نظام المقايضة موجودًا، بمعنى أن كل السلع تصلح وسائل للتبادل وخاصة الحبوب، فكان يباع القمح بالشعير، والذرة بالقمح وهكذا، أما في عصرنا وقد انحصرت وسائل التبادل في النقود وحدها، فنرى أن هذا المذهب (القائل بإخراج قيمة الزكاة نقودًا) هو الأوقع والأرجح، بل نزعم أن من خالف من العلماء قديمًا لو أدرك زماننا لقال بقول أبي حنيفة، ويظهر لنا هذا من فقههم وقوة نظرهم.

واختتم عضو هيئة كبار علماء الأزهر: «وإخراج زكاة الفطر نقودًا أولى للتيسير على الفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد؛ لأنه قد لا يكون محتاجًا إلى الحبوب، بل هو محتاج إلى ملابس، أو لحم، أو غير ذلك؛ فإعطاؤه الحبوب يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشتري منه الحبوب، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية».

دار الإفتاء المصرية

دارالإفتاء تحسم الجدل

ومن جانبها؛ حسمت دار الإفتاء المصرية، الجدل حول جواز إخراج قيمة زكاة الفطر مالًا؛ إذ أكدت الدار أنها تأخذ في اعتبارها أثناء تحديد قيمة الكفارات وزكاة الفطر التوازن بين مصلحة الفقير من جانب، ومصلحة المزكي من جانب آخر.

وأوضح فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن دار الإفتاء أخذت برأي الإمام أبي حنيفة في جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب؛ تيسيرًا على الفقراء في قضاء حاجاتهم ومطالبهم، والفتوى مستقرة على جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب.

الدكتور شوقي علام - مفتي الديار المصرية

التيار السلفي.. ومخالفة الرأي الرسمي

واعتاد  دعاة وعناصر التيار السلفي، في مثل هذه الأيام من كل عام نشر سيل من الفتاوي التي يحرمون فيها إخراج قيمة زكاة الفطر نقودًا، ويحرضون الناس على ضرورة إخراجها طعامًا أو حبوبًا، بحجة أن جمهور الفقهاء هم الذين استقروا على هذا الرأي.

وعناصر التيار السلفي، لا يراعون فيما يذهبون إليه من فتاوى حاجة الناس، ولا يعرفون كيفية مواكبة مستجدات العصر، ولذلك هم مصممين على إثارة الجدل والتشغيب على الناس ومخالفة الرأي الرسمي لمؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.

تابع موقع تحيا مصر علي