عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

وزير الأوقاف: التوبة الصادقة تورث حب الله.. وتدفع إلى رد الحقوق لأهلها

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: إن الله هو التواب الرحيم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب نتوب إليه ونستغفره، ونسأله الخير كله، ويقول سبحانه: "أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ".

التوبة النصوح تقوم على ترك الذنب والندم عليه

وتابع وزير الأوقاف، خلال الحلقة الخامسة والعشرين من برنامج: "الأسماء الحسنى"، أن الله سبحانه وتعالى يقول: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا"، ويقول جل وعلا: "مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا"، ويقول في الحديث القدسي: "يا ابنَ آدمَ إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي يا ابنَ آدمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لا تُشْرِكْ بِيْ شَيْئَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ".

وأكد وزير الأوقاف، أن التوبة النصوح تقوم على ترك الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه واستدراك ما أمكن منه وقضاء حقوق الخلق، والتوبة التامة: هي التي تجمع بين ترك القبيح والتحلي بالجميل، أما النصوح: فهي التي تصل بحال القلب إلى بغض المعصية التي تخطر للإنسان على بال من شدة بغضه لها وندمه عليها، وقال بعضهم: يقال لمن خاف العقاب صاحب توبة، ولمن يرجوا الثواب صاحب إنابة، ولمن يتوب لمحض مراعاة الأمر صاحب أوبة. 

الأوبة صفة الأنبياء والمرسلين

وأشار وزير الأوقاف، إلى أن الأوبة صفة الأنبياء والمرسلين، يقول الحق سبحانه وتعالى عن سيدنا أيوب -عليه السلام-: "إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"، وحقوق العباد لا تسقط بمجرد الندم بل لا بد من الوفاء بها، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: أتَدرونَ من المُفلِسُ ؟ إنَّ المُفلسَ من أُمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي وقد شتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه، وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حَسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليهِ، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرِحَتْ عليهِ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ أخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه".

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتؤدُّنَّ الحُقوقَ إلى أَهلِها، حتَّى تقادَ الشَّاةُ الجلحاءُ منَ الشَّاةِ القرناءِ"، أي: لا بد من الوفاء بحق الناس فإن كنت قد ظلمت أحدًا أو أكلت مال أحد فعليك أن تبادر في استسماحه ورد حقه إليه قبل ألا يكون درهم أو دينار ، إنما هي حسنات وسيئات.

التوبة الصادقة تورث حب الله

موضحًا أن التوبة الصادقة تورث حب الله، وتورث الندم على فعل المعصية وتدفع إلى رد الحقوق إلى أهلها، وهي التي تؤدي إلى حب الله، حيث يقول سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"، هؤلاء هم الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، ويقول جل وعلا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا"، عزم على عدم العود إلى المعصية، وأداء الحقوق إلى أصحابها، هذه هي التوبة النصوح: "عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، ويقول تعالى: "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا".

وقد فتح الله باب التوبة واسعا يقول سبحانه: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" قالوا: هذه هي أرجى آية في القرآن، فإذا كان هذا خطاب الله لعباده الذين أسرفوا على أنفسهم: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ"، فما بالكم بخطاب الله لعباده المؤمنين: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ"، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ".

لا تيأسوا من رحمة الله، لا تقنطوا من رحمة الله، فاليأس والتيئيس والإحباط والقنوط من رحمة الله إثم كبير، عده العلماء من الكبائر؛ لأن رحمة الله واسعة؛ ولأن فضل الله واسع، التوبة النصوح بها يبدل الله سيئات العبد إلى حسنات، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ"، فهذا شهر الكفارات، هذا شهر الرحمة، هذا شهر المغفرة، هذا شهر التوبة، هذا شهر الأوبة، هذا شهر الإنابة إلى الله، أكثروا من الحسنات في هذا الشهر الفضيل، أكثروا من الخير في هذا الشهر، أكثروا من إطعام الطعام، وقراءة القرآن، والصلاة بالليل والناس نيام، أكثروا من ذكر الله أكثروا من الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ"، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا" هذا شهر تكفير الذنوب.

تابع موقع تحيا مصر علي