عاجل
السبت 02 نوفمبر 2024 الموافق 30 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

وزير الأوقاف يشرح معاني اسم الله «الكريم» في تاسع حلقات «الأسماء الحسنى»

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

تحدث الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن اسم الله (الكريم)، وذلك وفي الحلقة التاسعة من برنامج: «الأسماء الحسنى»، والذي يأتي في إطار دور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير، وإسهامًا في بناء الوعي الرشيد.

الله كريم في ذاته وصفاته وعطائه

وأكد وزير الأوقاف، أن (الكريم) اسم من أسماء الله الحسنى؛ فالكريم الحق هو الله، هو الكريم في ذاته، وفي صفاته، وفي عطائه الذي لا ينفد، وقد جاء اسم الله (الكريم) في القرآن الكريم ثلاث مرات، حيث يقول سبحانه: «فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ»، ويقول تعالى: «وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ»، ويقول جل وعلا: «يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ».

والإمام القرطبي - رحمه الله - يقول: إن اسم الله الكريم له معان متعددة منها: الجواد، والصفوح، والعزيز، وهو الكريم في ذاته الذي له العزة، لا يضاهيه ولا يدانيه ولا يشبهه أحد، وهو المعطاء العاطي الوهاب، وهو الكريم الذي يغفر الزلات، كل ذلك من فضله وكرمه وليس سبحانه وتعالى بكريم فحسب فهو الأكرم الذي لا يوازي كرمه كرم، ولا يضاهيه نظير، هو سبحانه أكرم الأكرمين، حيث يقول سبحانه وتعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ»، وهو الذي عمَّ جميع الخلق بفضله وعطائه، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ حيِىٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ»، غير أنك إذا أردت أن تتعرض لكرم الله وفضله فعليك بأسبابه، ومن أسباب ذلك؛ شكر النعم، يقول سبحانه: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ».

رمضان.. شهر الجود والكرم

وأكد وزير الأوقاف، أننا في شهر عظيم كريم شهر الجود والكرم، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم «أجودَ الناسِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَن فطَّرَ صائمًا كان مغفرةً لذُنوبِه وعتْقَ رَقَبَتِه مِن النَّارِ، وكان له مِثْلُ أجْرِه مِن غيرِ أنْ ينقُصَ مِن أجْرِه شَيءٌ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما طلعَتْ شمسٌ قطُّ إلَّا وبجنبَتَيْها مَلكانِ يُناديانِ: اللَّهمَّ مَن أنفقَ فأعقِبْهُ خلفًا، ومَن أمسكَ فأعقِبْهُ تلفًا»، ويقول الحق سبحانه: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»، ويقول تبارك وتعالى: «وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»، ويقول سبحانه: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا»، ويقول سبحانه: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ».

وفي الحديث القدسي يقول المولى عز وجل: «يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ»، وسَأَلَ رجل النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ»، ونحن في شهر عظيم كريم هو شهر إطعام الطعام فتوسعوا في إطعام الطعام، ولَمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم المدينةَ كما يقول سيدنا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -: «انجَفَل الناسُ إليه» أي: أقبلوا على رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وقيل قَدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ فجِئْتُ في الناسِ لِأَنْظُرَ إليه فلما استَثْبَتُّ وجهَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، عَرَفْتُ أن وجهَه ليس بوجهِ كذابٍ» ولا يمكن أن يكون وجه كذاب، الخير والنور واضح في وجه رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.

يقول سيدنا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -: «وكان أَوَّلُ شيءٍ تكلم به أن قال: أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ»، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عند مقدمه المدينة على أربع صفات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، وهذه الثلاثة تتعلق بحقوق الخلق، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا، فَسَلَّطَهُ علَى هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، (أي: على إنفاقه في وجوه الخير)، وآخَرُ آتاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهو يَقْضِي بها ويُعَلِّمُها»، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «فسَأَلَه غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ فأعْطَاهُ إيَّاهُ، فأتَى قَوْمَهُ فَقالَ: أَيْ قَوْمِ، أَسْلِمُوا؛ فَوَ اللَّهِ إنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً ما يَخَافُ الفَقْرَ».

فضل الجود والكرم

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الدُّنيا لأربعةِ نفرٍ : عبدٌ رزقَهُ اللهُ عز وجل مالًا وعِلمًا فهوَ يتَّقي فيهِ ربَّهُ ويصلُ فيهِ رحمَهُ، ويعلمُ للهِ عز وجل فيهِ حقَّهُ قال: فهَذا بأفضلِ المنازلِ»، أي عند الله له الزيادة في الدنيا، يقول الله تبارك وتعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»، والثواب العظيم عند الله في الآخرة، والثاني: وعبدٍ رزقَهُ اللهُ علمًا ولمْ يرزقْهُ مالًا، قال: فهوَ يقولُ: لوْ كان لِي مالٌ عمِلتُ بعملِ فلانٍ، قال: فأجرُهما سواءٌ، قال: وعبدٍ رزقَهُ اللهُ مالًا ولمْ يرزقْهُ عِلمًا، فهوَ يخبطُ في مالِهِ بغيرِ علمٍ لا يَتقي فيهِ ربَّهُ، ولا يصلُ فيهِ رحمَهُ، ولا يعلمُ للهِ فيهِ حقَّهُ، فهذا بأخبثِ المنازلِ، قال: وعبدٍ لمْ يرزقْهُ اللهُ مالًا ولا علمًا فهوَ يقولُ: لوْ كان لي مالٌ لعملْتُ بعملِ فُلانٍ، قال: هيَ نيتُهُ فوزرُهُمَا فيهِ سواءٌ.

ويقول الشافعي رحمه الله،

تستر بالسخاء فكل عيب.. يغطيه كما قيل السخاء

ولا ترج السماحة من بخيل.. فما في النار للظمآن ماء

وَمَنْ نَزَلتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَـا.. فَـلاَ أَرْضٌ تَقِـيـهِ وَلاَ سَـمـاءُ

وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ وَلكِـنْ.. إِذَا نَزَلَ القَضَـا ضَـاقَ الفَضَـاءُ

تستر بالسخاء أي: بالجود والكرم، يقول صلى الله عليه وسلم: «وَهلْ لَكَ يا ابْنَ آدَمَ مِن مَالِكَ إلَّا ما أَكَلْتَ فأفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فأبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ؟!»، هذا هو الباقي فقدموا لأنفسكم.

تابع موقع تحيا مصر علي