باحث إسلامي: القرآن أمر بتوثيق الطلاق.. والمشايخ عطلوا الحكم لأغراض ذكورية
ADVERTISEMENT
أكد سامح عسكر، الباحث في الفكر الإسلامي وشئون الجماعات المتطرفة، أن القرآن الكريم أمر بتوثيق الطلاق عن طريق الإشهاد عليه عند وقوعه؛ قائلًا: «بالنسبة لتوثيق الطلاق؛ نلاحظ أن القرآن أمر بالشهادة عليه مثلما أمر بالشهادة على الوصية؛ فالله تعالى يقول في سورة الطلاق: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)، ويقول في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ)».
الشيوخ عطلوا الإشهاد على الطلاق
وأضاف الباحث في الفكر الإسلامي، في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك؛ أن الشيوخ عطلوا الإشهاد في مسألتين هما: الطلاق ووصية الميراث، وسمحوا بالإشهاد في حالتين أخريين هما: الحالة الخاصة بانتهاك الصيد في شهور الحج، وكتابة الديون، مشيرًا إلى أن الحكمة من تعطيل الإشهاد على الطلاق ليست عقلية ولا نفعية ولا علاقة لها بصالح المجتمع أو العدل، ولكنها حدثت بغرض تقديم الحديث والروايات وفتاوى الأئمة على القرآن، حيث منعت الروايات وصية الوارث من جهة، وقالت بوقوع الطلاق الشفوي من جهة أخرى.
الدافع وراء تعطيل الإشهاد على الطلاق
وأوضح عسكر، أن الدافع من وراء تعطيل الإشهاد على الطلاق ووصية الميراث هو «ذكورية الإمام»، فهو الذي أمر بتعطيل النص القرآني لصالح الذكر على النحو التالي:
أولا: الإشهاد على الطلاق يعني تقليل حالات الطلاق، وبالتالي تقييد الذكر عن الزواج وتغيير زوجاته بشكل مستمر؛ فكان ولابد من تعطيل هذا الإشهاد والقول بوقوع الطلاق الشفوي الذي تتضرر منه النساء بشكل أولي وتُمنَع بسببه من المعاملة الكريمة في المجتمع ونظرة الزوج القادم لها على اعتبارها مطلقة، لكن الزوج سوف يتزوج أخرى دون ضرر لأن الانفصال بين الزوجين لا يعيبه كذكر إنما يعيب الأنثى؛ قائلًا: «لاحظ معارضتهم الشديدة لنظام (القائمة المصري) لأنه يُعطّلهم عن الطلاق، ويحمّلهم تكاليف مادية تردعهم عن الانفصال والتغيير».
ثانيا: القول بالوصية، وهو ما يعني نسخ وإلغاء الفروض المعلومة التي ذكرت في آيات أخرى بتفضيل الذكر على الأنثى، لذلك خرج أسلافهم بأحاديث مفتراه تحدد هذه الوصية فقط (بالثلث) وبالتالي فالإشهاد على الوصية لم يعد مُتحققا وليس ذي جدوى، فأصبح الأمر بالآية على سبيل الجواز والندب لا الوجوب لأن المُحتضِر (مُقيد) بقيدين اثنين، أن يوصي بالثلث - فقط -، أو أن لا يوصي لورثته لأن لهم فروضا معلومة مستحقة شاء من شاء وأبى من أبى؛ لاحظ أيضا تعطيلهم لشهادة غير المسلم على المسلم التي سمح بها القرآن بقوله تعالى «وآخران من غيركم»، بما يعني أن التعطيل كان مزدوجًا (الوصية وشهادة غير المسلم) معًا.
وتابع الباحث في الإسلام السياسي، أن المشايخ حين أرادوا إنكار شهادة غير المسلمين وبخس حقهم فيها استدلوا بنفس الآية التي عطّلوها في الإشهاد على الطلاق، وهى قول في سورة الطلاق: «ذوي عدل منكم».
حكم توثيق الطلاق والإشهاد عليه
وأشار عسكر، إلى أن المشكلة لم تتوقف على هذا التعطيل المتعمد، ولكن المشايخ حين فسروا قوله تعالى: «واشهدوا ذوي عدل منكم»، المقصود بها في الطلاق أصبحت لديهم في الرجعة، يعني الإشهاد فقط على الإمساك بالمعروف (الرجعة)، وليس الطلاق (الفراق)؛ لكي يسهل على الذكر الطلاق ويُصعّب من رجوع زوجته الغاضبة؛ قائلًا: «هذا تزوير عيني عينك، ولم يتجرأ أحد من قبل على إنكار هذا الفحُش في التفسير والتزوير المتعمد لكلام الله».
واختتم سامح عسكر، حديثه بالقول: «الخلاصة؛ توثيق الطلاق والإشهاد عليه مشروع دينيًا، وهو من الأمور التي حرّفها الفقهاء السابقين لصالح ذكور المجتمع، شأنها شأن (الولاية على المرأة) التي خرجت منها مسائل التعصيب والغراوية.. وغيرها؛ فلو كان القانون المصري الآن يساوي بين الذكر والأنثى في الحقوق السياسية والمادية والاجتماعية فتوثيق الطلاق هو من بين هذه الحقوق المهدرة للزوجة، وحرب الشيوخ على هذا التوثيق طبيعي لأن الدافع وراء هذه الحرب جنسي نوعي عنصري لا علاقة له بدين ولا شريعة أو مصالح مجتمع».