عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

من الحرب إلى الفوضى والإرهاب.. كيف تغيرت العراق بعد الغزو الأمريكي؟

جندي أمريكي ينزع
جندي أمريكي ينزع صورة صدام حسين - العراق

يعد يوم 20 مارس 2003 يوماً استثنائية لايمحي من الذكراة التاريخية للعراق، تحولت فيها العراق من دولة قوية مستقلة مستقرة ذات سيادة، إلى دولة يخيم عليها الخراب والدمار ويتفشي فيها رائحة الدماء وسقطوط آلالاف القتلى والجرحى وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة عن عملية  "حرية العراق" فى إشارة إلى تحرير العراق من بطش نظام صدام حسين وجعلها نموذج للديمقراطية والإزدهار، أماني وآمال وعود أمريكية حملتها معها خلال رحلة غزوها للعراق، هذه الحجة ضمن حجج كاذبة أخرى لجأت لها الولايات المتحدة خلال شن عملياتها العسكرية فى العراق. 
تحيا مصر 

الديمقراطية والإرهاب.. كذبة أمريكا 

فإلى جانب وهم الديمقراطية التى طالما تلجأ لها الولايات المتحدة عندما تصب غضبها ضد سياسية نظام أو دولة فأعلنت واشنطن أن أحد أسباب الرئيسية لغزو العراق هو امتلاكها أسلحة دمار شامل، كما أن عملية الغزو جاءت ردا على أحداث سبتمبر 2001 وضنفت أمريكا العراق ضمن الدول الراعية والداعمة للإرهاب، وأن العراق ضمن دول محور الشر وهم إيران وكوريا الشمالية، لكن ما تكشف بعد سنوات من الحرب وتحويل العراق إلى ملجأ للتنظيمات الإرهابية وتفتيت وحدة العراق على أساس مذهبي وطائفي أعلنت أمريكا خلو العراق من أسلحة دمار شامل، وإن كانت هناك وثائق بريطانية تؤكد أن أمريكا والمملكة المتحدة الحليف الرئيسي لواشنطن فى هذه الحرب كانوا على علم مسبق بأنه لا يوجد أسلحة دمار شامل. 

تكاليف باهظة للنزهة العسكرية الأمريكية فى العراق

الغزو الأمريكي للعراق لم يكن نزهة إذا خسرت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 4487 عنصر من قواتها بينما تجاوز عدد الذين أصيبوا خلال العملية العسكرية أكثر من 32 ألف كما وصل حجم الخسائر المادية إلى أكثر من 2 تريليون دولار. 

جندي أمريكي يحمل طفلة - العراق

 

جندي أمريكي داخل قصر صدام حسين بعد الغزو

وفقدت الولايات المتحدة منذ سنة 2003 حتى 2011 بحسب آخر التقارير ما مجموعه 129 مروحية بين طائرات قتالية أو ناقلة، سقط معها أكثر من 277 قتيلاً وحدها، أما على الأرض فقد تكبدت خسارة أكثر من 860 مركبة، تتوزع بين الدبابات والعجلات وناقلات الجنود.

وبين 30 دولة فى التحالف الغربي شاركت المملكة المتحدة وأستراليا وبولند لغزو العراق، وأرسلت المملكة المتحدة 45 ألف جندي، وأرسلت أستراليا 2000 جندي، فيما أرسلت بولندا 194 من أفراد القوات الخاصة، وسمحت الكويت بشن الغزو من أراضيها وذلك ردا على الغزو العراقي لأراضيها (1990-1991).

جندي أمريكي داخل غرفة صدام حسين 
جنود داخل قصر صدام حسين يلعبون XBOX  

 

العراق بين فكي الإرهاب والفساد

وبعد  انسحاب القوات الأمريكية عام 2011 وقعت العراق فى فك تنظيم داعش الذي سيطر على مساحات شاسعة من البلاد وشن عمليات إبادة ضد الأقليات الدينية والعرقية، وإلى جانب الخراب الذي تركته الحرب والعمليات الإرهابية وما تبعها من خسائر مادية وبشرية وانقسام فى التركيبة المجتمعية، كانت العراق فى حرب أخرى حرباً على الفساد فالعراق وبحسب تقارير إعلامية ، تصنف  ضمن الدول الأكثر فسادا بالعالم، حيث تحتل الدولة المرتبة 157 عالميا من إجمالي 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي 2021. 

 

وفى هذا الإطار يقول اللواء الركن المتقاعد الدكتور عماد العلو مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والاستراتيجية فى تصريحات خاصة لـ “تحيا مصر” تعقيبا على الغزو العراقي أنه:"  بعد مرور 20 عام على الغزو الامريكي للعراق لا بد أن نذكر بعض الحقائق التى من أهمها الاستهداف الأمريكي للعراق منذ العقد الثامن من القرن العشرين واحتلاله فى عام 2003 ظاهرة  ملفتة للنظر استدعت الكثير من الدراسات والتحاليل التى أجرتها ولاتزال تجريها مراكز الأبحاث  فى مختلف انحاء العالم يتناول أبعاد هذا الاستهداف سياسيا واقتصادياً واجتماعياً وامنياً وانعكاسات على الأمن والسلم الدوليين". 

المحاصصة الطائفية

وأضاف:" أسباب وداوفع هذا الاستهداف الأمريكي للعراق منذ العقد الثامنيات من القرن العشرين واحتلاله سيبقي ميدان مفتوحا للمناقشة والبحث لسنوات عديدة مقبلة على ضوء تكشف وظهور المزيد من الحقائق والأسرار التى توضح وتصف خطورة وتشكيل أهمية هذا الحدث". 

وتابع اللواء عماد العلو:" أن الحروب الأمريكية التى بدأتها ضد العراق ونقصد بالحروب هنا بدأت 1991 ولغاية احتلاله 2003  كل عبارة عن تنفيس كامل لمخرجات  استراتيجية أمريكية جرى الإعداد لها لفترة طويلة تهدف تفكيك وتقسيم العراق مجتمعيا وجغرافيا من خلال تدمير القدرات الاقتصادية والعسكرية وتمزيق نسيجه الاجتماعي وترسيخ نظام المحاصصة الطائفية فى المؤسسات الحكومية والاجتماعية وليس المستبعد أن تستمر هذه الاستراتيجية إلى أجل غير قريب حيث أن الاستراتيجية الأمريكية تتبع باتجاه بناء وترسيخ نموذج الدولة الفيدرالية القائمة بالعراق حاليا على أساس المذهب الطائفى والعرقى ستلغي شئ فشئ مركزية الدولة القوية القادرة على تكون عاملاً إيجابي فى معادلة التوازن الإقليمي وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".

تابع موقع تحيا مصر علي